وقفة مع محمد يتيم: الثورة السورية والتجربة “الخارقة” للعدالة والتنمية

علال الفاسي والريسوني وديكارت والمشاركة السياسية والديمقراطية

ادريس عدار
2020-07-20T21:37:36+01:00
آراء ومواقف
ادريس عدار20 يوليو 2020آخر تحديث : الإثنين 20 يوليو 2020 - 9:37 مساءً
وقفة مع محمد يتيم: الثورة السورية والتجربة “الخارقة” للعدالة والتنمية

إدريس عدار

أثار انتباهي في تدخل أو مداخلة (يليق الوجهان هنا) محمد يتيم، الرجل الثالث في هرم العدالة والتنمية، في حلقة النقاش التي نظمها “مكتب الاستشارات الاستراتيجية ” تحت عنوان: “خارطة الصراعات في المنطقة.. قراءة استراتيجية ” مساء الخميس (16 يوليوز 2020) وأدارها أحمد رمضان مسؤول الإعلام في الإئتلاف السوري، (أثار انتباهي) حديثه عن الدعم السياسي وغير السياسي للشعب السوري.

لا يمكن طبعا قراءة النوايا، ومعرفة ماذا أراد بهذا القول، فقد يقول إنه أراد الدعم الإنساني والخيري، لكن هناك أمور أخرى تقودنا إلى معنى آخر، وهو أن الدعم غير السياسي مقصود به الدعم بالسلاح..ولا جناية في هذا القول ولكن أي محقق محايد سيصل إلى النتيجة نفسها.

أولا محمد يتيم كان ضيفا على الائتلاف السوري لقوى المعارضة، والمكتب مجرد عنوان الإقامة في الغرب، والإئتلاف تأسس قصد تنظيم المجموعات المسلحة في سوريا، وكان ميلاده بالدوحة بقطر بغرض ضمان قناة سياسية لتدفق المال والسلاح على الأرض السورية، ونسي محمد يتيم الذي تحدث عن التدخل الطائفي في هذا البلد، أن مساندته وحزبه لما يسمى الثورة السورية جاءت بناء على هيمنة الإخوان المسلمين بسوريا على أهم مفاصيلها.

الإئتلاف، الذي استضاف يتيم، هو الجناح السياسي لعشرات التنظيمات المسلحة، بمن فيها بعض التنظيمات التابعة للقاعدة، وبالجملة الغطاء لعبور السلاح نحو سوريا.

ثانيا إن حزب العدالة والتنمية كان في جو التآمر على سوريا من خلال مشاركة قادته في العديد من الملتقيات، الذي دعت للجهاد في سوريا، سواء في تركيا أو باكستان أو القاهرة أو غيرها وما لا نعلم من أماكن، وأرسل أبناءه إلى هناك..أرسل موظفا بالبرلمان مرات متعددة وأرسله مرة أخرى رفقة وفد طبي ومعهم كراطين من الدواء..لما رجع الوفد نظم لهم الحزب مهرجانا كبيرا بفاس أطره مصطفى الخلفي وكان حينها وزيرا للاتصال..

لقد تورطت شبيبة الحزب، التي منحتنا وزيرا لا يؤدي واجبات الضمان الاجتماعي، في دعم المسلحين في سوريا، وأنتجت خطابا لا يختلف عن خطاب الحركات التكفيرية إلا في الشكل المتلبس بالعبارات التي نمّقها يتيم نفسه حول دعم الشعوب في تقرير مصيرها..

أما الشق الثاني من مداخلته ففيه العجب العجاب وجمع ما لا يجتمع، وتزوير التاريخ وإعادة قراءته بأثر رجعي…

نقرأ فيما نقله موقع الحزب “كان النقاش مناسبة للإجابة على عدة تعقيبات وتساؤلات انصبت حول سر نجاح تجربة التوافق السياسي في المغرب، والاجتهادات التي بلورها الحزب فيما يتعلق بالعمل المشترك والموقف من الديمقراطية والدولة المدنية وعلاقة الديني والسياسي، حيث أكد الأستاذ يتيم، أن ما بلوره الحزب في هذا المجال إنما يرجع إلى البيئة الثقافية والفكرية والسياسية التي نشأت فيها تجربة الحركة الإسلامية في المغرب، حيث أسهمت في بلورة تجربة انبثقت من الخصوصيات الثقافية والتاريخية للدولة والمجتمع المغربيين في إطار اجتهاد جماعي غابت فيه فكرة الشيخ أو الزعيم، واختياره منذ وقت مبكر للتعددية السياسية والحزبية، فضلا عن نحت الحزب وقياداته لاجتهادات خاصة متأثرة بالفكر المغاربي ذي الطبيعة المقاصدية وما بلوره من نزعات عقلانية (ابن رشد، ابن خلدون، الطاهر بن عاشور، علال الفاسي، الريسوني، راشد الغنوشي، مالك بن نبي)، وتماسه وتفاعله مع الثقافة العقلانية الديكارتية”.

أذكر أن أول شيء قرأته لمحمد يتيم مقال بمجلة الفرقان، التي كان يديرها الشيخ محمد زحل، تحت عنوان “النقل والعقل عند بن تيمية”، ولا أذكر أنني قرأت له شيئا حول ديكارت تقديما أو نقدا…كانت قراءات أبناء الحركة تنصب أساسا على كتب بن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية، وكان بنكيران يلقي دروسا في المساجد، لا يخرج عن كتب هذا الأخير…وكذلك كتب محمد بن عبد الوهاب، وبعد الكتب الطائفية مثل “عودة المجوس” لعبد الله الغريب (زين العابدين سرور) وكتب سعيد حوى.

وعندما انفتحت الحركة بدأت تقرأ الترابي والغنوشي وهنا التقطت بعض الإشارات فقط، ولكن لا يمكن الحديث عن مساهمتها في شيء من هذا الإنتاج..وحتى كتابات هؤلاء هي متأخرة، إلا الغنوشي لم يكن يختلف عن باقي الحركات، وفي تونس تميزت مجموعة الإسلاميين التقدميين، التي كان يسميها أتباع “الاتجاه الإسلامي” البدعة الطاغوتية البورقيبية..

أما الحديث عن علال الفاسي فهو أكذوبة…قبيل سنوات كنت أكتب لماذا لا يستفيد هؤلاء من هذا العالم المغربي وقد كتب شيئا جيدا في المقاصد بدل الإنشاء، الذي ألفه الريسوني تنويعا على ما كتبه شيخه يوسف القرضاوي أو محمد الغزالي…لم يكن الفقهاء المغاربة يروقون لأبناء الحركة. وبالمناسبة غريب هذا الترتيب الذي أقدم عليه يتيم..كيف قدّم الريسوني على الغنوشي؟ وكيف قدمهما على مالك بن نبي؟

ما هي هذه التجربة المتفردة التي زعم الوزير السابق أن هذا الحزب أبدعها؟ ظل عالة على ما يتم إنتاجه في الشرق أو تونس بنسبة ضعيفة؟ ولم يبلور رؤية حول الديمقراطية إلا أنها من باب الاضطرار وما زالت الحركة تسمي برلمانها “مجلس الشورى”..كيف يتحدث صاحبنا عن رؤية ديمقراطية لدى هؤلاء وإلى حدود 1997 كان أبناء الحركة مرتابون من هذه التي تسمى الديمقراطية والمشاركة السياسية، مما اضطر سعد الدين العثماني إلى كتابة كتيب أو تجميعه بالأحرى تحت عنوان “فقه المشاركة السياسية عند شيخ الإسلام بن تيمية”؟

ولكن المضحك فيما قاله يتيم هو تماس الحزب وتفاعله مع الثقافة العقلانية الديكارتية..قد يكونوا ديكارتيين من باب “أنا أزور التاريخ إذن أنا موجود”..

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.