مغاربة حركة الشام: قراءة موجزة في النشأة والمآل

دينبريس
2020-11-12T09:35:12+01:00
آراء ومواقف
دينبريس12 نوفمبر 2020آخر تحديث : الخميس 12 نوفمبر 2020 - 9:35 صباحًا
مغاربة حركة الشام: قراءة موجزة في النشأة والمآل

مقدمة
ترك المغاربة بصمة بارزة في السياق الجهادي المعاصر فمن أفغانستان التي حاربت الشيوعية وبعدها الأمريكان ثم بلاد البلقان متمثلة في البوسنة التي كانت تصارع لإثبات هويتها الدينية وسط محيط متطرف من الصرب والكروات، والشيشان في سعيها للاستقلال عن وريثة الاتحاد السوفييتي روسيا الاتحادية واخيرا بلاد الشام (سوريا) التي خرج أهلها ثائرين ضد النظام السوري؛ شاركوا في كل هذه الساحات الساخنة على مختلف الجهات وفق خلفية إسلامية تحديدا “سلفية جهادية” بحيث تم احتواء أغلبهم ضمن إطار تنظيمي القاعدة” و تنظيم الدولة” باعتبارها رايات شرعية واضحة وفق الأدبيات الجهادية.

ويعكس هذا توفر أسباب موضوعية تشرح ظاهرة عبور هذه المجموعات إلى بؤر النزاع والصراع، اذ لعبت الدعاية والبرنامج الإعلامي لدى تلك التنظيمات دورا كبيرا في نشوء الجهاد العالمي والمعولم الذي يتخطى الحدود باحثا عن حلم بناء المجتمع الإسلامي الملتزم بالشريعة عبر الحروب والمعارك التي يخوضها ضد القوى العالمية حاشدا خلفه جموع الأمة بحيث كانت هذه الاستراتيجية التي خطها التيار، إضافة إلى العوامل الاجتماعية التي تؤثر على الأفراد والمجتمعات في مناطق محلية معينة، مع بقاء أهمية الإقصاء الاجتماعي في تحديد تجارب ليس فقط الإسلاميين المتطرفين ولكن معظم التطرف اليوم؛ كما أن عدالة القضية في نظرهم والتضحية من أجلها بالموت يؤثر عاطفيا على الأخرين…

يوفر هذا الإطار المفاهيمي لهؤلاء الشباب “نقاط مرجعية لشرح وضعهم الاجتماعي والاقتصادي الهامشي وكذلك مخرج” كل هذا يتناغم ليحقق أعلى مستويات الجذب الأيديولوجي لدى المجموعات الجهادية.

يجب أن يكون معروفًا أن الظواهر التي تنشأ في مختلف المناطق التاريخية والأقاليم يمكن أن تتفاعل وتستجيب لبعضها البعض من وجهة نظر ذاتية. يمكن ملاحظة ذلك، على سبيل المثال، من خلال الأخذ في الاعتبار الأحداث الهامة لعام 1979. غزو أفغانستان، اتفاقات كامب ديفيد التي يُنظر إليها على أنها خيانة لليسار العربي والثورة الإيرانية لا علاقة لها ببعضها البعض ولكنها تعتبر بمثابة افتتاح فترة تتميز بالطابع الثوري للإسلاموية. لا يمكن لأي مؤرخ أن يثبت أي صلة بينهما، ولكن من خلال حقيقة أنها تحدث في نفس المكان والزمان، فإنها تتفاعل وتحدد ذاتية جديدة تتجاوز الإطار الإقليمي المعني مباشرة.

لا تزال الحرب السورية تلقي بظلالها القاتمة تاركة وراءها ازمات غير مسبوقة على مستوى الوجود الإنساني. بعد 9 سنوات متواصلة من أشكال الصراع عسكري وسياسي وإعلامي لم تنته قصة الثورة بعد بل تعقدت الأحداث بدخول الأطراف الخارجية التي ترى في ذلك فرصة مواتية في تعزيز نفوذها وتصحيح أخطاء التاريخ ورسم خريطة جديدة للمنطقة تتسيد اسرائيل فيها المشهد أو تلك الدولة او غيرها، لم يعد مهما من سيكون بقدر ما أصبح مهما متى سيتوقف كل هذا ويتسنى للمنطقة أن ترجع إلى نوع من الاستقرار والأمن يضمن للناس العيش بعد كوابيس الحرب ومخلفاتها…

1 ـ الربيع العربي وبداية القصة:
تفاقمت أزمة الأنظمة العربية القائمة بشكل حاد مع الربيع العربي منذ عام 2011. وقد أدى ظهور المجتمعات المدنية التي تتحدى الاستبداد والفساد إلى إضعاف شرعية الدول، التي كان ينقصها الكثير. في الأصل لم يتم قبولها إلا بعد الهزائم العسكرية للأغلبية المحلية. وهكذا أصبحت أزمة الأنظمة هي أزمة الدول التي تشترك في حقيقة أنها لم تنجح أبدًا في توليد المواطنة المشتركة.

وفرت تلك الموجة مجالا واسعا لأنواع الاحتجاجات بشتى أطيافها الإيديولوجية من يساريين واسلاميين وليبراليين في تعبير يعكس الاستياء الشعبي من الأوضاع التي يئن تحتها المواطن العربي فمن التخلف الاقتصادي إلى نظم الحكم التسلطية الاستبدادية وانعدام العدالة الاجتماعية التي يضمنها الخيار الديمقراطي او الإسلامي بحسب صوت الشارع؛ كل ذلك وغيره (العوامل الخارجية) تظافر ليشكل موجة ضد الأنظمة السياسية تطالبها بالرحيل وترك الحكم. وقد تم لها ذلك في بعض البلدان: تونس وليبيا واليمن على عكس دول أخرى كسوريا والبحرين.

تطلعت كل قوى المجتمع ان تكون صاحبة الصوت في السياق الثوري تحت دوافع إيديولوجية طالما تبنتها قبل ذلك؛ سأهتم بالظاهرة الإسلامية باعتبارها مكون أساسي وهام في الربيع العربي فمن الإسلام السياسي إلى السلفية الدعوية ثم الجهادية كل هذه الاتجاهات كانت حاضرة في زخم الاحتجاجات السلمية والمسلحة التي أفرزت جملة من المتغيرات أثرت في الأوضاع الداخلية بعد ذلك.

انقسمت مواقف الصف الإسلامي أمام موجة الثورات مع أنهم اتفقوا على جوهر القضية الكامنة في ضرورة الإصلاح نتيجة تردي جوانب الحياة في الوطن العربي مع الاختلاف في السبل الموصلة إلى ذلك: «المدرسة الحركية»، وتجمع في إطارها العام بين الدعوة السلفية والعمل الحركي أو التنظيمي من دون العمل المسلّح، لكنها تختلف في التفاصيل حول قضايا متعددة منها الموقف من الحكام والجماعات الإسلامية الاخرى والديمقراطية و العمل النيابي.

أما “السلفية التقليدية” فركزت علی نشر الدعوة والعلم الشرعي والبعد عن العمل السياسي، وإن كانت لا تأخذ موقفاً سلبياً أو حادّاً من الحركات الإسلامية الأخرى، ولا تحرّم العمل السياسي والبرلماني بالمطلق، إنما تربطه بشروط وحيثيات محددة.

أما “الجامية” ترى الخروج على الحكام محرما ومنكرا باعتباره فتنة مفاسدها راجحة على مصالحها فهم فوق ذلك ولاة أمر شرعيين؛ اما السلفية الجهادية فقد كان لها قول آخر يتباين مع الأخير فهي تعتقد بكفر تلك النظم الحاكمة كونها عطلت الشريعة وحكمت بما يناقضها من تشريعات البشر والموالاة للدول الغربية، وبالتالي فيجب الخروج عليهم بالسلاح؛ ولم يكن الربيع العربي مناسبة يتم تفويتها وبالتالي تطلعت السلفية الجهادية إلى رفع راية الجهاد ونقل شعارات الربيع العربي من العدالة الاجتماعية والكرامة إلى تحكيم الشريعة وفق النظرة السلفية (سوريا نموذجا)…(يتبع)
أديب انور: جهادي مغربي سابق شارك في القتال ببلاد الشام ثم انسحب منه فيما بعد، يحكي عن ظروف وملابسات تجربته بسوريا والخروج منها.

adib - دين بريس
رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.