الإسلاموفوبيا والتعصب الديني: تحليل نظري ومفاهيمي

دينبريس
2022-04-14T10:39:11+01:00
تقارير
دينبريس14 أبريل 2022آخر تحديث : الخميس 14 أبريل 2022 - 10:39 صباحًا
الإسلاموفوبيا والتعصب الديني: تحليل نظري ومفاهيمي

يختلف العلماء في فهمهم النظري لمصطلح “الإسلاموفوبيا”. وتكفي الإشارة إلى أن استخدام المفهوم البارز بدأ بتقرير لجنة “رينيميدي تراست” بعنوان “الإسلاموفوبيا: تحدي لنا جميعًا” (1997) حول المسلمين البريطانيين والإسلاموفوبيا (CBMI). حيث قدمت “تراست” الركيزة التي استندت إليها العديد من التعاريف الأخرى. ووفقًا للجنة، فإن الإسلاموفوبيا هي “عداء غير مبرر تجاه الإسلام والنتائج العملية لمثل هذا العداء المتمثلة في التمييز غير العادل ضد الأفراد والمجتمعات المسلمة” (رينيميدي تراست1997: 4).

ويعكس هذا التعريف إمكانية ظهور الإسلاموفوبيا على المستوى الفردي والجماعي. وفي منحى مماثل، يجادل كومار (2018) بأن الأعمال العدائية اليومية وجرائم الكراهية وحتى التمييز الوظيفي ضد المسلمين تجسد مظاهر الإسلاموفوبيا الخارجية.

وعلاوة على ذلك، تشمل الإسلاموفوبيا الأحكام المسبقة المنتجة اجتماعياً والنفور من الإسلام والمسلمين، إلى جانب الأفعال والممارسات التي تهاجم الأشخاص أو تستبعدهم أو تميزهم على أساس أنهم -أو يُنظر إليهم- كمسلمون (غارديل، 2010). إنها حرب مؤسسية وهيكلية ومنهجية تشكل شكلا منهجيًا للعنصرية والتمييز ضد أي شخص ينظر إليه على أنه مرتبط بالإسلام ويحس بالكره الشديد تجاهه أو يخاف منه، و أيضا العداء أو استباق الأحكام ضد المسلمين (عبد الهادي، 2018: 14).

و تنطوي الإسلاموفوبيا أيضًا على التمييز الممارس ضد المسلمين في التوظيف وفي تقديم الخدمات الصحية، واستبعادهم من المناصب الإدارية والوظائف الرفيعة، بالإضافة إلى التمييز وإقصائهم من المناصب السياسية والحكومية (أبو صوي، 2005؛ رونيميد ترست، 1997).

وفي سياق أوسع، استخدم العبادي (2018: 5) بشكل مترادف لشرح الإسلاموفوبيا الكلام القاسي، وشكل العنصرية النظامي والمؤسسي، وإسكات أصوات المسلمين، والإدانة الانتقائية، والإحراج المستمر في المطار. كما يصف كذلك الإسلاموفوبيا عند حظر السفر من الدول الإسلامية إلى الولايات المتحدة، وعندما توضع المجتمعات المسلمة تحت مراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالي والشرطة، وعندما يقاس خطر التطرف بمجرد التحدث باللغة العربية، وعندما يجبر المسلمين على الاعتذار عن جرائم لم يرتكبوها. ويجسد مفهوم العبادي الطابع المتفشي والخصائص المهددة لخطر الإسلاموفوبيا المعاصرة في الدول الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة. كما يشير إلى أن الإسلاموفوبيا هي شكل جديد من أشكال العنصرية.

وقد دعمت رينيميدي تراست هذا (2017) في تقريرها السنوي العشرين الذي ينص على أن الإسلاموفوبيا هي عنصرية معادية للمسلمين تهدف إلى إضعاف الاعتراف بحقوق الإنسان وحريات المسلمين الأساسية والتمتع بها وممارستها.

انطلاقاً من المواقف السالفة الذكر، فإن الإسلاموفوبيا في هذا السياق عبارة عن مزيج من كلمتين مختلفتين: الإسلام – وهي كلمة عربية تدل على وجود الدين الذي يتجسد في خضوع الذين يرغبون في السلام والإنصاف والكمال الكامل والطوعي لله تعالى، ويطلق عليهم المسلمون؛ والفوبيا: أي الخوف من شيء بسبب الخطر الكامن فيه. والتالي، فإن الإسلاموفوبيا تعني خوف غير المسلمين الذين لا يؤمنون بالمفاهيم السلمية غير المبرر المرتبط بالإسلام. ويستخدم هدا المصطلح لوصف الكراهية والصور النمطية السلبية والعداوة التي تمارس تجاه المسلمين بسبب تصور الإسلام الخاطئ والذي يظهر في الاعتداءات اللفظية والجسدية والتحرش والتمييز والتعذيب والقتل والتفجير والخطف والحرق العمد والتخريب واستخدام وكالات الإعلام، وخطاب الكراهية، والترهيب والتهميش، والمظاهرات والتجمعات والمسيرات، وتوزيع منشورات وغيرها من المؤلفات.

إن التعصب الديني مفهوم واسع. فقد كانت العلاقة بين الدين والتعصب موضوع نقاش حاد. وذلك لأن الدين والتعصب مرتبطان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا. ولقد لعب الدين قدم البشرية دورًا مهمًا في الوجود والتفاعل البشري. وهذا يعني أن الدين ظاهرة عالمية تدور إلى حد كبير حول وجود الإنسان. بعبارة أخرى، يلبي الدين حاجات الإنسان المادية الروحية والمعتدلة، ويمكن أن تعني مجموعة المعتقدات والمشاعر والممارسات التي تحدد العلاقات بين الإنسان وما هو خارق للطبيعة. بمعنى آخر، الدين هو جهود إقامة الإنسان علاقات ودية بينه وبين القوى الروحية من جهة، وبينه وبين إخوانه من البشر والمخلوقات الأخرى من جهة أخرى (كريم، 2014). ومن الناحية اللغوية، يشتق مصطلح “الدين” من الكلمة اللاتينية “دينيار” وتعني “خلق رابط مع الله” أو “لم الشمل مع الله”. ويمكن للشخص كمتدين أن يكون إما مشرك أو مؤمن بالوجود أو موحد.

بالنظر إلى اتجاه الديانة التوحيدية المتواجدة في جميع أنحاء العالم، فإن الشخص مقتنع بأن ما يمثله الدين هو السلام والهدوء في المجتمعات المختلفة، لكن جهل معتنقيه وتجاوزاتهم كان لها تأثير سلبي على المجتمعات العالمية. وفي المقابل، حل التعصب محل التسامح في غمارالعنف. ويشير التعصب إلى عدم الرغبة في الاعتراف باختلافات آراء ومعتقدات الآخرين وقبولها. وبهذا فان الأمر يتعلق بصعوبة تحمل أو إستحمال المعتقدات التي تختلف عن معتقدات ذلك الشخص (https: // www.vocabulary.com/dictionary/intolerance).

وتوضح موسوعة المشكلات العالمية والإمكانيات البشرية (2017) أن التعصب الديني يشمل أعمال إنكار حق الأشخاص من ديانة أخرى في ممارسة معتقداتهم والتعبير عنها بحرية. إذ أنه رفض أعمى لفهم واحترام الآراء أو المواقف المعارضة للآراء الدينية التي يعتز بها الشخص. ويرى الراجي وعبد اللطيف وعربة يوسف وفستوس (2015) أن التعصب الديني يشمل رفض مجموعة معينة قبول أو استيعاب أفكار وأراء معتنقين دينيين آخرين معارضين، أو إلقاء الإهانات اللفظية على أعضاء مجموعة دينية أخرى، والهجوم بالصواريخ الخطيرة، وإقامة معارك جسدية، وحرمان بعض الجماعات الدينية من بعض الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل توفير الأرض لبناء أماكن العبادة، وتشويه أي من “الكتب المقدسة أو القبور الدينية”.

ولغرض هذه الدراسة، ينطوي التعصب الديني على العداء وعدم القدرة والصعوبة في قبول وجهات النظر الدينية الأخرى، وربما بسبب الأيديولوجية الدينية الخاطئة أو التعصب الأعمى. حيث يعبر عن ذلك في التمييز والقمع والتنافس الديني الذي ينتج عنه الاضطهاد. ويؤدي التعصب الديني إلى العنف وانعدام الثقة والتفكك والعداء والكراهية المستمرة بين الجماعات الدينية داخل الدول.
ــــــــــــــ
الترجمة: الطالبة دنيا الساسي
المصدر: ISLAMOPHOBIA AND RELIGIOUS INTOLERANCE:THREATS TO GLOBAL PEACE AND HARMONIOUS CO-EXISTENCE

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.