وانج ونبين: يتوجب على الولايات المتحدة أن تفرج فورا عن أموال بنک أفغانستان المغتصبة

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس2 مارس 2023آخر تحديث : الخميس 2 مارس 2023 - 9:40 صباحًا
وانج ونبين: يتوجب على الولايات المتحدة أن تفرج فورا عن أموال بنک أفغانستان المغتصبة

أحمد جاويد ـ کابل / أفغانستان
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية “وانج ونبين” في خطابه في إحدی الجلسات الإخبارية، أن على الولايات المتحدة الأمريکية أن تعيد التفکير بدقة بشأن قراراتها، وأن تحرر أموال البنک الأفغاني التي جمدتها لفترة تزيد عن عام ونصف العام، فتسلمها من غير مماطلة إلى نظام طالبان الحاکم في أفغانستان، وأن تقوم بإلغاء جميع المحدوديات المفروضة.

وأضاف أيضا أنه يجب على الولايات المتحدة أن تستوعب وتتحمل المسٶولية الکاملة في إحلال السلام واعادة إعمار أفغانستان لتبرهن للعالم عن التزامها باحترام القوانين الدولية.

ولا تعتبر هذه المرة الأولى من نوعها يهاجم فيها وانج ونبين، وبصورة علنية و جريئة، سياسة الإدارة الأمريکية تجاه الملف الأفغاني وتخطيئ قراراتها المتعلقة بالأموال الأفغانية. فقد سبق أن اعترض وانج ونبين على آخر حکم للقاضي الأمريکي الذي نص فيه على فصل نصف المبلغ الإجمالي المجمد ويقدر ب 3٫5 مليار دولار لتسليمها إلى أسر ضحايا حادث الحادي عشر من شتنمبر. کما أکد أن الضحايا لم يکن لهم البته حق الغرامة من تلک الأموال، کما اعتبر قرار التجميد قرارا غير قانوني من أساسه.

هذا وقد حمّل المتحدث دول الناطو مسٶولية الأضرار التي ألحقوها بأفغانستان من ضحايا بشرية وتدمير للبنية التحتية. وألزمهم جميعا إعادة بنائها من جديد بدل انتهاک المزيد من حقوق هذا الشعب بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية المنافية للقيم الإنسانية.

وتعتبر الصين ثاني دولة عالميا بعد روسيا تسجل اسمها ضمن قائمة المهاجمين للإمبريالية العالمية والمدافعين عن حقوق المستضعفين في العالم، باعتبار المبادئ التي أسست عليها وباعتبارها قوة ضاربة ولامتلاکها حق النقد الفيتو. وقد استطاعت أن تستغل الملف الأفغاني، في ملتقيات مختلفة لتشعر العالم، على الأقل، بحبها الخير والتقدم للشعوب الفقيرة والمضطهدة لأنه سبق لها أن عاشت وذاقت مرارة وآلام تلک التجربة، تجربة الضعف، المحنة و الاستضعاف. إلا أن الإدارة الأمريکية تتعمد دائما أن تَفهم وتُفهم غير ما تفهمه تلک الشعوب من ذلک وتفتأ تتصرف في تشکيل الکلمات لتستخرج منها معان جديدة، ليفسروا هذا الموقف الصيني على أنه نباح متطفل لا يليق أن يزعج مسامع العملاق فضلا عن أن يلتفت إلى مثله. أو، في أحسن الأحوال، تعتبره ردة فعل واحتجاج في غير محله على المجهودات التي تبذلها أمريکا والأمم المتحدة في الدفاع عن الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان المنتهکة في الصين. وستبقى مناقشة مصير الشعوب الضعيفة والمتوسطة المستضعفة تشبه لعبة يتسلى بها الأثرياء أو بضاعة لا سوق لها ولا زبائن، ومن ثم قابلة للضياع و النسيان.

والجذير بالذکر أن الإدارة الأمريکية کانت أکدت غير مرة علی طالبان عدم تسييس القطاع الاقتصادي والبنکي کشرط لتسليم تلک الأموال المجمدة إليها. ومعنى ذلک أن تقبل طالبان بإشراف الکوادر المتخصصة الغير خاضعة أو موالية لها على إدارة هذا القطاع مع تقديم طالبان ضمانات بعدم المساس بحرمة هذه الأموال. وهذا الذي رفضته حکومة طالبان لاعتبارها ذلک تحکم مستقبلي في شٶونها الداخلية والخارجية بمعنى أنه أسلوب لاحتلال عن تراض واذلال آخر متنوع فقط .

وهناک أمران عجيبان يستحقان التوجه وإمعان النظر فيهما. أولهما أن الإدارة الأمريکية لم تفکر في يوم ما خلال فترة الاحتلال في تدخل کهذا في القطاع الاقتصادي للحکومات الأفغانية السابقة مع أنها شهدت أعلى مراتب النصب والخيانة والنهب لأموال شعبها وخيراته على مرأى من الجميع، بل لم يکن هذا الاقتصاد من متطلبات أمريکا، لا من قريب ولا من بعيد، ولا هي جاءت لحماية اقتصاد أو للتفنن في إنعاشه أو رفاهية الشعب وإنما جاءت ـ کما صرحت هي من قبل ـ لمراقبة المفاعلات النووية الصينية القريبة من الحدود الأفغانية.

إلا أن الترکيز على هذا الشرط من الجانب الأمريکي مع تيقنها الکامل أن طالبان لن تنصاع لمادة القرار، يشرح لنا أن الإدارة الأمريکية کانت بذلک مصممة علی خرق بنود اتفاقية الدوحة. فقد انتهکت المدة المحددة لها لخروج جميع قواتها من أفغانستان، وقامت بتهريبها الطائرات المقاتلة التابعة للجيش الأفغاني إلى دول الجوار ومزقت المطار بما فيه جهاز الرادار کما کانت متورطة في أول تفجير عند مدخل المطار قبل آخر لحظات مغادرتها إياه. ثم علمها بتسريب خزينة الدولة إلى الخارج. ثم تهديد من سولت له نفسه أن يعترف رسميا بالإمارة الإسلامية. کل هذا وغيره رسمته لإقحام طالبان في دوامة الکمين الإمبريالي طريق الخروج منها الخضوع لقرارات و إرادة الغرب.

والأمر الثاني الذي يثير العجيب أن أمريکا تجيز لنفسها أن تضحي بالشعوب الأخری لصالح شعبها ولا تبالي بل لا يهمها أصلا مصير تلک الشعوب، من أجل المصلحة أو مجرد التجسس على دولة عدوة أو إضعافها. وهذه الإيدولوجية الإنتقامية في أرقی الديموقراطيات الغربية وقعت مع الهنود الحمر منذ وصول کولومبو أمريکوس إلی بلادهم ومورست في أفغانستان بصور مختلفة. و تتکرر هذه الجريمة اليوم في أوکرانيا وتدق الطبول للتلاعب بمصير شعبها وإبادته عن بکرة أبيه لأجل الخطر الذي يداهم مصالح أمريکا وأوروبا الغربية.

ولأجل تحقيق هذه الإنجازات نجد الغربيين يموهون بتصريحات متناقضة ومتعمدة بشأن دعم أو عدم دعم المقاتلين الأوکران ليشعروا شعوبهم والعالم أن زعماء أوروبا مختلفون ومترددون أو لا يريدون هذه الحرب من أساسها، مع أنهم الذين أشعلوا نار الحرب طبقا لاستراتيجية تم رسمها هي من الأسباب التي جعلتهم يغادرون کابل. لذلک لا شک في أن القضية الأوکرانية تعتبر امتدادا للقضية الأفغانية. ويقولون أيضا أنهم يرسلون الآليات القتالية ليدافع الجيش الأوکراني عن نفسه لا للهجوم علی الروس.

لذا فدفاع الصين عن أفغانستان، بغض النظر عن مجريات الأحداث العالمية وتطاحن الايديولوجيات التي تضحي بالشعوب الضعيفة، وبغض النظر أيضا عما إن کان الغرب سيتفاعل أم لا مع ذلک، يعتبر موقفا مشرفا ولو في الظاهر وصدع بکلمة حق تاريخية أمام عملاق العالم في حق الشعب الأفغاني المقهور.

هذا وتأتي هذه التصريحات الهادفة من وانج ونبين متزامنة مع استنجاد زلنسکي الذي يطمع في قيام الصين بدور الوساطة في القضية الأوکرانية. فهل فعلا أحس زلنسکي بحرج المأزق وبحقيقة أهداف الغرب التي سيباد من أجلها الشعب الأوکراني.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.