نحن والجزائر

محمد علي لعموري
آراء ومواقف
محمد علي لعموري22 ديسمبر 2019آخر تحديث : الأحد 22 ديسمبر 2019 - 10:53 صباحًا
نحن والجزائر

محمد علي لعموري
قدر المغرب أنه تقع جغرافيته على محيطين : البحر الأبيض المتوسط المطل على أوربا ، والمحيط الأطلسي الذي كان يحلو للمكتشفين الأوروبيين للعالم الجديد ( أمريكا ) أن يلقبوه ببحر الظلمات.

المغرب كذلك يقع على خط غرينتش الذي يتساوى توقيته مع توقيت انجلترا ، ولا يتباعد توقيته كثيرا عن توقيت الدول الأوروبية عكس ابتعاد توقيته عن توقيت دول الخليج مثلا والتي قد تصل إلى ثلاث ساعات وما يزيد عند بعضها.

المغرب أيضا يتمتع بمقومات طبيعية غنية ومتنوعة من جبال وهضاب وسهول وأودية وواحات وصحراء ، تلك التضاريس المتنوعة تصنع منه فسيفساء من الجمال الطبيعي الفتان الداعي إلى الإعجاب والتعلق بمقومات البلد المعتدل في مناخه ، المعتدل حتى في ثقافته ، المعتدل في إسلامه ، الغني بتنوع ثقافته حسب مناطقه ومحافظاته ( جهاته ) ، فهناك المكون الثقافي الحساني ، والأمازيغي ، العربي ، اليهودي..

المغرب له تاريخ عريق في نظام الحكم السلطاني قبل أن تجتاحه رياح العصرنة إبان الحماية وما بعدها.

فالنظام السياسي المغربي نظام ملكية دستورية ديمقراطية يستمد مقومات شرعيته من التاريخ والدين والبيعة الشرعية التي تلحم علاقة الرعية ( الشعب ) بالملك العصري الذي يزاوج منذ حصول المغرب على استقلاله ما بين العصرنة والتقليد حفاظا على هوية راسخة في القدم وقادرة على التأقلم مع روح العصر في ظل سياق دولي غير مستقر.

المغرب كذلك ومن مساوىء الجغرافيا كما أريد لها أن تتبدى بعد حصوله على الإستقلال ،أنه مضطر للتعايش مع وضع مقلق خلفه الإستعمار الإسباني بالجنوب ، وساهمت في إذكاء النزاع فيه الجارة الجزائر.

هذه الأخيرة سرعان ما أدارت ظهرها للمغرب ونازعته في صحرائه ودخلت في حرب الرمال ضده مما أوقعها في هزيمة ظلت هي المانع دوما لمد يد المصالحة له لطي صفحة الماضي وبداية عهد حسن الجواز وفق منطق رابح/رابح الذي من شأنه الدفع بعجلة التعاون والتنمية والإتحاد بين دول المغرب العربي.

لقد أبانت الإرادة الملكية عن تبصر في مد يد الصلح بين المغرب والجزائر ، ووجهت في كل مناسبة رسالة إخاء وحسن الجوار وذلك لطي الصفحة ونسيان ماضي الحرب الباردة، إيمانا من المغرب بأن العالم يتحول بوتيرة سريعة وأنه لن يرحم الدول التي لا تتعجل التغيير باتجاه المستقبل بعيدا عن منطق الحرد السياسي الذي لا يخدم شعوب المنطقة.

وهذا التبصر قوبل للأسف بتعنت غير مفهوم من طرف الجارة الجزائر التي يبدو أنها تحتاج إلى أكثر من إرادة سياسية بل إلى نقد ذاتي قوي يجتث مخلفات الحرب والتآمر التي تسلك بهما الجزائر سبيل الإنتقام من المغرب من جذورها حتى تستطيع رؤية التاريخ من منظور واقعي وبراغماتي يخدم مصالح الشعوب في منطقة شمال إفريقيا ومصالح الدول التي ترعى شؤون تلك المنطقة.

اليوم وبعد تتويج الرئيس الجديد عبد المجيد تبون على رأس الدولة الجزائرية ، فقد بادر الملك مرة أخرى لمحو كل أثر لأي تشنج قد يلوح في أفق العلاقات بين البلدين ، بتهنئة الرئيس الجزائري الجديد ، والدعوة لفتح صفحة جديدة تطلعا لمستقبل البلدين ومستقبل المنطقة.

الكرة اليوم في ملعب رجالات الحكم بالجزائر للرد على التحية الملكية بأحسن منها أو على الأقل بمثلها ، وفي السياسة لا شيء ثابت ، خاصة وأن المغرب قد نآى بنفسه عن التدخل في الشأن الداخلي للجزائر منذ اندلاع الثورة السلمية به ، والتي غيرت رأس النظام.

فهل بتغيير رأس النظام يمكن المراهنة على تغيير السياسة الجزائرية مع دول الجوار ومنها المغرب ؟
هذا ما نأمله.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.