رسول عربي أمي..برسالة ودين عالمي.. وبشريعة رحمة للخلق أجمعين (2)

دينبريس
دراسات وبحوث
دينبريس29 أكتوبر 2021آخر تحديث : الجمعة 29 أكتوبر 2021 - 10:31 صباحًا
رسول عربي أمي..برسالة ودين عالمي.. وبشريعة رحمة للخلق أجمعين (2)

                                                رسالة ودين عالمي….(2)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
رسالة الإسلام هي الدين الخاتم.
شاءتْ إرادة الله -تعالى-أنْ تُختمَ الرّسالات السّماوية برسالة الإسلام، وأنْ يكون النبي محمّد -عليه الصلاة والسلام-خاتم الأنبياء والمرسلين ورحمة للعالمين، وبذلك ميز سبحانه وتعالى رسالة الإسلام فجاءت عالمية لكل الناس مهما اختلفت أجناسهم أو ألوانهم أو لغاتهم أو منابتهم، وتلك من خصائص هذه الرسالة العظيمة ميزتها عما سبقها من الرسائل السماوية السابقة، حيث اتخذت طابع الخصوصية حينما كان النبي يُبعث إلى قومه خاصة، بينما بعث النبي محمّد صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة، حيث قال سبحانه:
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، (سبأ: 28.)
وقد تكفّل الله سبحانه بحفظ هذه الرّسالة الخاتمة من التحريف والتبديل والاندثار؛ فقال عزّ وجلّ:
(إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)، (الحجر: 9.)

ومن خصائص الرسالة المحمدية:
العالمية، الربانية، الشمولية، الوسطية والاعتدال، التوازن، التجديد والانفتاح.
فقد بدأت عالمية الإسلام منذ اللحظة الأولى لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فرسالته تصلح لكافة الأقوام، ولكل الأزمنة، فالدين الإسلاميّ لم يكن يوماً ما فقط لأهل مكة والمدينة والجزيرة العربية قبل ألف وأربعمئة سنة، وهو عقيدة لا يختص بها شعب أو مجتمع أو بلد؛ بل هو دين للناس جميعا بغض النظر عن العنصر أو الوطن أو اللسان. ولا يعترف الإسلام بأية فواصل وتحديدات جنسية أو إقليمية أو زمنية، فهو عام في المكان والزمان، قال تعالى:
(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان 1.)
فهولا يزال إلى يومنا هذا مؤهّل لاحتلال الصدارة في قائمة أكثر المناهج الصالحة للتطبيق والانتشار؛ ذلك لأن مبناه يتناسب مع فطرة الإنسان، كما أنه وبفضل قيمه وفلسفة تشريعاته استطاع أن ينظم غرائز الإنسان وشهواته، وجعلها تصب في خدمة الإنسان.
كما أن رسالة الإسلام تحتوي على عوامل توحيد الناس بغض النظر عن ألوانهم أو أجناسهم أو أعراقهم، فكل الناس من وجهة نظر الإسلام متساوون في الحقوق والواجبات في هذه الحياة، حتى لو لم يكونوا مسلمين، وهذا أقصى ما تطمح إليه الإنسانية خاصة في الأوقات الصعبة التي تمر عليها بين الحين والآخر، وتمر منها اليوم.
فما المقصود بعالمية الإسلام لغة واصطلاحا؟

مفهوم عالميّة الإسلام لغة:
يُقصد بمفهوم عالميّة الإسلام في المعاجم اللغويّة انتشار الإسلام في العالم كلّه، وعالميّة هي اسم مؤنَّث، ومنسوب إلى عالَم، وهي عبارة عن مصدر صناعيّ من عالَم، والتي تعني حركة إنسانيّة تهدف إلى خدمة البشر، وتُساعد على التقارب بين شعوب الأرض من غير مساس بهويّة أحد، أو بخصوصيّاته الثقافيّة. (1)

مفهوم عالميّة الإسلام اصطلاحاً:
يُقصد بعالميّة الإسلام أنَّ الإسلام دين عالميّ، فشريعته عامّة لكلّ أبناء البشريّة دون استثناء أحد، ويتّصل بهذا الأمر النّظم التي شرعها الله سبحانه وتعالى، والتي تتصف أصولها بسمة العالميّة والشموليّة والتوازن، حيث إنَّ هذه النّظم عامّة لجميع أبناء البشريّة، ولا تقتصر على شعب دون آخر، أو عقل دون آخر، أو مجتمع دون آخر، بل إنَّ الإسلام عامّ لجميع الأمم والمجتمعات. (2)

الخاصية الأولى: العالمية
الدلائل على عالمية الإسلام:
يُعتبر الدين الإسلاميّ بمثابة الدين الذي ارتضاه الله تعالى لكافّة خلقه، ومما يؤكّد على عالميّة الإسلام وبينَتها آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، والسلوك النبوي الشريف، وهي كثيرة نستعرض بعضًا منها(3):
-أن الله تعالى هو رب العالمين: وليس ربَّاً للعرب أو المسلمين، حيث يقول في محكم تنزيله:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة: 2.)
-والقرآن الكريم كتاب عالمي: لكل أفراد البشرية؛ فخطاب القرآن يخاطب جميع الأجناس؛ قال الله تعالى:
﴿ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾(يوسف: 104).
– أن الله تحدَّى الإنس والجن أن يأتوا بمثل القرآن الكريم في جميع العصور والأزمان إلى يوم القيامة:
﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَاتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَاتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ (الإسراء: 88.)
-النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم رسول الله للعالمين: للإنس والجن، والأبيض والأسود، العربي والعجمي:
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (سبأ: 28).
-الكعبة المشرّفة هي قِبلة الله للعالمين: وقبلة للبشرية جمعاء متى آمنوا برب الأرض والسماء، حيث قال تعالى:
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران:96.).
-رسائل النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم إلى الملوك والأمراء: تُعتبر مراسلاته صلّى الله عليه وسلّم أحد الدلائل على عالميّة الإسلام، فبعث إلى المقوقس صاحب مصر، كما بعث إلى كسرى وقيصر والنجاشي.
– بشارات النبي عليه الصلاة والسلام بعالمية هذا الدين: فقد وقف النبي الكريم أكثر من مرة يبشر أصحابه في كل مرة كانوا يلاقون فيها الأذى بالفتح والتمكين وهم لايزالون مستضعفين بمكة،
– عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ:( شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ ، فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، فَقُلْنَا : أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا ، أَلاَ تَدْعُو لَنَا ، فَقَالَ : قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ ، فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ ، فَيُجْعَلُ فِيهَا ، فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ ، فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ ، وَيُمَشَّطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ ، مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ ، فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَاللهِ ، لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ، لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللهَ ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ).(4)
– وعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:( لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلاَ يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ، إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلاَمَ، وَذُلاًّ يُذِلُّ اللهُ بِهِ الْكُفْرَ). وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ: قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمُ الْخَيْرُ، وَالشَّرَفُ، وَالْعِزُّ، وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا، الذُّلُّ، وَالصَّغَارُ، وَالْجِزْيَةُ. (5)

الخاصية الثانية: الربانية
ومعنى الربانية: أن الدين الإسلامي، مـادته ومنشـأه ونهايتـه من الرب سبحانـه وتعالى، فالإسلام شريعته ربَّانية: ‏
1- رباني العقيدة:
أي مصدرها ومنبعها من الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا شريك له في ملكه ولا سند، فليس لأحد أن يُغيِّر أو يُبدِّل في تلك العقيدة كما نرى في الأديان والمعتقدات الأخرى؛ وقرَّر العقيدة في صورة الإخلاص، فقال سبحانه:
﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾(الإخلاص: 1-4).
2- رباني العبادات: أي أن “مبنى العبادات على التوقيف”، فلا يجوز التعبُّد لله تعالى بعبادة إلا إذا كانت هذه العبادة قد ثبتت في النصوص الشرعية (الكتاب والسنة) أنها عبادة شرعها الله تعالى.
الأول: ألا يعبد إلا الله، فلا عبادة لأحد سواه، ولا لشيء سواه، كائنًا ما كان، وهذا ما تقتضيه ربانية الغاية والوجهة.
والثاني: ألا يعبد الله إلا بما شرعه، وما شرعه إنما يعرف بواسطة رسله المبلِّغين عنه، وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي نسخ شرعه كل شرع قبله، والذي كتب الله له الخلود، وتكفَّل بحفظه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
3- رباني التشريع: فالله تعالى هو الذي شرع الشرائع وحدَّ الحدود، وليس لبشر أن يُغيِّر فيها أو يُبدِّل؛
قال الله عز وجل:﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾(المائدة: 3).
فقد أكمل الله تعالى لنا الدين، ورضيه لنا وذلك إتمام النعمة، فما لم يشرعه الله تعالى فليس من الدين، وهو العليم الخبير.

الخاصية الثالثة: الشمولية
ومعنى الشمولية: أنه دين شامل لشتى مناحي الحياة العقائدية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فهو شامل لكل العصور والأمصار، ويصلح لكل زمان ومكان، أليس الذي شرعه هو العليم الخبير؟!
شمولية الرسول والرسالة:
قال الله تعالى:﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾(الأعراف: 158). ‎‎
وقال تعالى:﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾(الأنعام 162).
وقال تعالى:﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾(النحل: 89)
شمولية شريعة الإسلام لجميع مراحل حياة الإنسان:
فالإسلام دين يهتم بالإنسان قبل أن يكون نطفة باختيار الزوج والزوجة الصالحة، ثم يهتمُّ به جنينًا ثم طفلًا ثم شابًّا، ثم شيخًا حتى خروج روحه حتى ينتهي من دفنه.
شمولية شاملة كاملة:
واسمع هذا الحديث عن سلمان الفارسي رضي الله عنه كيف يرد على من قال له: “قد علمكم نبيُّكم كلَّ شيء حتى الخراءة، قال سلمان: أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وألا نستنجي باليمين، وألَّا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، وألا نستنجي بالرجيع أو عظم”؛ انظر: مختصر صحيح مسلم.
فتدبَّر قوله: “علَّمكم نبيُّكم كل شيء..”، وكيف اعترف سلمان رضي الله عنه بذلك، وزاد الأمر إيضاحًا بتلك الأمثلة التي ذكرها.
شمولية التكافل الاجتماعي في الإسلام:
فدين الإسلام دين اجتماعي يسعى إلى التكافل والتوازن الاجتماعي، فهو لا ينتصر لطائفة على الأخرى، ولا يفضل جنسًا على جنس، ولا لونًا على لون؛ بل الكل يقع تحت بند الشمولية الاجتماعية:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾(الحجرات: 13).
لذا دعا دين الإسلام الأغنياء إلى الإحسان إلى الفقراء:﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴾(البلد: 11-18).

الخاصية الرابعة أنه دين الوسطية والاعتدال
لقد أوصى الدين الإسلامي رجاله بعدم المغالاة وتضييق مسارب الأمور على الأفراد حتى لا ينفروا منه، فكان حلاً وسطاً بين المغالاة والتشدد، والانحلال والانفلات منه؛ فالمغالاة وسيلة لتحريم كل شيء مباح، والانحلال تحليل لكل ما حرمّه الإسلام.
ا- الوسطيّة
ويمكن أن نعرف الوسطيّة بشكل عام بأنها نقطة تتوسط وتفصل بين التشدد والانحلال، وبأنها موقف أخلاقي ينتهجه الإسلام، ومنهج فكري وسلوكي يتبعه لوضع الفواصل في حياة الأفراد، والحكم على مواقف تُواجههم في حياتهم اليومية.
كما يمكن تعريفها أيضاً بأنها تصوّر الإسلام للمناهج والمواقف التي تواجه الانسان باعتدال، والسعي لتحرّي الصواب دون تشددّ أو انحلال، لكن باختيار الحل الأوسط بينهما، لتحقيق التوازن بين الدنيا والآخرة؛ أي انتقاء الحل الذي يحقّق رضا الله سبحانه وتعالى ويتفق مع واقع الأفراد، ويشترط أن تكون الأمور دائماً موافقةً للشرع بالدرجة الأولى، فهذه الشريعة الربانية متسمة بأنها شريعة السماحة، ورفع الحرج؛ لموافقتها للفطرة السليمة للمرء.
والإسلام وسط في كل القضايا الدينية، والدنيوية، والعبادات، والمعاملات؛ فهو وسط بين المادية المقيتة والروحية الحالمة، بين نوازع الجسد ومتطلَّبات الروح، بين الواقعية المرة والمثالية التخيلية، بين الفردية الطاغية والجماعية الساحقة، بين الثبات الرتيب والتغير المضطرب، بين الحاجات الملحَّة والقيم البعيدة، بين العقلانية الباردة والعاطفية المتَّقدة، ولذا حدَّد الله عز وجل أنه جعل هذه الأُمَّة أمَّةً وسطًا، ومنهجها منهجًا وسطيًّا.
والوسطية في الإسلام تنطلق من قوله تعالى:
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾(البقرة: 143).
وسطية الأمة بين أمم الأرض في التشريع والعبادة: فلا شدة ولا تفريط في عبادة الله تعالى كما فعلت الأمم قبلها. فجاءت شريعة الاسلام وسطًا بين طرفين وعدلًا بين ظلمين هداها الله لها ومنَّ بها عليها،
فمنهم من شدَّد على نفسه، فشدد الله عليه؛ قال الله تعالى:
﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾(الحديد: 27).
ومنهم من فرَّط وضيَّع وترك الأوامر، واتَّبع الشهوات، واختلفوا على أنبيائهم، فكان ذلك سببًا من أسباب هلاكهم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم) (6).
فالوسطية اختيار من الله لهذه الأمة، ومنهج الله فيهم تكريم منه سبحانه لتحقيق الأمن والسلام بين الأفراد، وزرع الثقة والطمأنينة والإحساس بالآخرين، وتحقيق التعاون والتكافل بين الأغنياء والفقراء.
والحياة الهادئة لا تصلح بغير توسط في الأمور، وإن التوفيق بين متطلبات الدين وشؤون الدنيا والمصالح العامة والخاصة أمر مرهون بتوافر القدرة على انجاز المهام كلها.
والوسطية مما تعنيه أيضا الاعتراف بحرية الآخرين، ولا سيما الحرية الدينية، وذلك ما شرعه الإسلام في قوله تعالى:(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة 256).

أهداف الوسطية:
– إرجاء الحقيقة وتحقيقها بالرجوع إلى مصادر التشريع الإسلامي، والبعد تماماً عن الآراء الشخصية والأهواء والأمزجة.
– تحقيق المبدأ الأساسي للدين الإسلامي وهو التيسير، وعدم إلحاق الضرر بالأفراد من خلال الإصر والمغالاة.
– تسعى الوسطيّة إلى إبعاد الحرج عن الأفراد ورفعه عنهم، ويدخل الحرج بعدّة جوانب وهي المشقة البدنية والنفسية والمالية.
– تهدف الوسطية إلى تحقيق الاستقامة والأمان والخير وتحقيق التوازن في حياة الانسان بين الروح والجسد.

ب- الاعتدال:
الاعتدال هو الاستقامة، والاستواء، والتزكية، والتوسط بين حالين، بين مجاوزة الحدّ الطلوب والقصور عنه، وهو أفضل طريقة يتبعها المؤمن من أجل تأدية واجباته نحو ربّه، ونحو نفسه ونحو الناس والخلق أجمعين.
و يعتبر الدين الإسلامي ديناً معتدلاً، فهو لا يعرف الإفراط ولا التفريط، فالاستقامة ضمن المنهج الإسلاميّ لا تعني ولا بأي حال من الأحوال التطرّف في المواقف والآراء، وهكذا كانت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الذي كان يتمثل القرآن في حياته اليوميّة، وهو سيّد البشر، ومع هذا فقد كان معتدلاً في كل شيء، ونهى مراراً وتكراراً عن التكلّف الزائد الذي فيه إرهاق للنفس وللآخرين بحجة التقرب من الله تعالى.
ومن هنا فإن الاعتدال في الإسلام هو منهج حياة كامل متكامل، وهو أيضاً من أهم الخصائص التي جعلت الإسلام قريباً من قلوب الناس من كافة الأمم والحضارات.
لقد ظهر الإسلام لا روحياً مجرداً، ولا جسدياً جامداً، بل إنسانياً وسطاً بين ذلك، يأخذ من كلٍ بنصيب، فتوافرت له من ملاءمة الفطرة البشرية ما لم يتوافر لغيره.. ولذلك سمي “دين الفطرة”.
فهو دين معتدل غير جانح ولا مفرط في شيء من الحقائق، فليس فيه مغالاة في الدين، ولا تطرف ولا شدود في الاعتقاد ولا تهاون، ولا تقصير ولا استكبار، ولا خنوع أو ذل وخضوع وعبودية لغير الله، ولا تعصب ضد الآخرين ولا رفض لهم، ولا اكراه أو إرهاب أو ترويع بغير حق، كما لا إهمال في دعوة الناس الى دين التوحيد بالحكمة والموعظة الحسنة.
فالناس جميعا خلق الله، واقتضت حكمته أن يكون فيهم المؤمن والكافر، الشقي والبر، المحسن والمسيء، المؤمن والمنافق، العادل والظالم… وكل ذلك من مظاهر التكامل البشري:
(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْارْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُومِنِينَ) (يونس 99).
فالاعتدال تعامل حر بريء من غير إضمار حقد أو شر، لذلك كان الجهاد في الإسلام يراد به الدفاع عن حرمات الإسلام والمسلمين والمظلومين من غير المسلمين، ولا يقصد به حمل السيف بظلم ضد الآخرين، أو قتل نفس بريئة، أو ترويع الغير، أو اجبار للدخول في الإسلام.
فالخطاب الإلهي خطاب ثابت في منطوقه، متحرك في دلالته، فمن تأمل المنهج الذي جاء به القرآن الكريم وتتبع أحكام الشريعة وما دعا إليه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في كل مجالات الحياة، يجد الاعتدال واضحا، فقد كان عليه الصلاة والسلام يتمثل الوسطية والاعتدال في شخصيته وسماته وأفعاله:
– فكان حليمًا، لكن الحلم الذي لا يصل إلى الضعف، فإن تطلب الأمرُ قوة وشجاعة كان كذلك.
– وكان كريمًا سخيًّا، لكن الكرم والسخاء لا يقوده إلى التبذير والإسراف،
– وكان حييًّا شديد الحياء، لكن الحياء لا يمنعه من الجرأة في تعليم الناس أمور دينهم.
وهكذا سائر الخصائص والسمات. وأخبر محمد صلى الله عليه وسلم أن الله بعثه بدين وسط، دين تتجلى فيه السماحة والاعتدال، لذا فقد قال عنه: (بُعثْتُ بالحنيفية السمحة).

الخاصية الخامسة: التوازن
أنه دين التوازن: التوازن بين الرغبات والضوابط، التوازن بين الروح والجسد، التوازن بين الترف والحرمان، فهو لا يُقِرُّ المادية المغرقة والروحية المطلقة.
ونجد هذا التوازن واضحًا في آيات كثيرة، نذكر منها قول الله تعالى في قصة قارون:
﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْاَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾(القصص: 77).
وعن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، رضي الله عنه، قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان، وأبي الدرداء، فجاء سلمان يزور أبا الدرداء فرأى أمَّ الدرداء متبذلةً، فقال: ما شأنك؟ فقالت: إن أخاك ليس له حاجة في شيء من النساء، قال: فلما جاء أبو الدرداء رحب بسلمان وقرب إليه الطعام، فقال له سلمان: اطعم، قال: إني صائم، قال: أقسمت عليك لما طعمت، فما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل معه، ثم قال له: يا أبا الدرداء، إن لجسدك عليك حقًّا وإن لأهلك عليك حقًّا، أعطِ كل ذي حقٍّ حقَّه، صم وأفطر، وقم ونام، وأتي أهلك، وأعطِّ كل ذي حق حقَّه، ثم بات عنده سلمان حتى كان في بعض الليل قام أبو الدرداء فحبسه سلمان، فلما كان عند الصبح قال: قم الآن، قال: فقاما فصلَّيا، ثم خرجا إلى الصلاة، فلما صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه أبو الدرداء، فأخبره بما قال له سلمان، قال: فقال له مثل ما قال له سلمان .(7)
فرسالة الاسلام السمحة لم تأتِ لتفرض القيود على معتنقيها، لأنها وازنت بين كافة احتياجات الإنسان؛ الروحية، والنفسية، والعقلية، والجسدية، مما منحه شعوراً بالأمان، والاستقرار، والراحة، ولم يقتصر التوازن على التشريعات الناظمة لحياة الإنسان الفرد، بل امتدت هذه الخصيصة لتشمل التشريعات الناظمة للمجتمعات والدول، مما جعل الحياة كلها بكافة مكوناتها متوازنة، لا يميل جانب منها على جانب آخر.

التوازن في الإنفاق:
فالشريعة عندما دعت وحثت على الإنفاق لم تأمر المسلم أن ينفق ماله كله، بل أمرته بالتوازن في العطاء،
فقال رب الأرض والسماء:﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾(الفرقان: 67).
وقال تعالى:﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾(الإسراء: 29).
فالإنفاق المتوازن يُثري حركة الحياة، ويُسهم في إنمائها ورقيِّها، على خلاف القبض والإمساك، فإنه يعرقل حركة الحياة، وينتج عنه عطالة وبطالة وركود في الأسواق وكساد يفسد الحياة، ويعيق حركتها.
إذن: لا بد من الإنفاق لكي تسهم في سير عجلة الحياة، ولا بد أن يكون الإنفاق معتدلًا حتى تبقي على شيء من دخلك، تستطيع أن ترتقي به، وترفع من مستواك المادي في دنيا الناس.

الخاصية السادسة: التجديد والانفتاح على القضايا المعاصرة
إن الله تعالى لما شرع الإسلام جعله صالحًا لكل زمان ومكان، فهو يواكب كل العصور والأمصار، متجدِّدا دائمًا، مستوعبا لجميع التطورات الحاصلة، بقدرة على حل الإشكالات المستجدة عبر العصور؛ فقد وجد فيه الأعرابي في وسط البادية ما يصلحه وما يسعده، ووجد فيه أهل الحضر ما يواكب حضارتهم ومعيشتهم، ووجد العالم في عصر العولمة بغيته وضالَّته، فلكل حادثة حديث، ولكل مقام مقال؛ قال الله تعالى:
﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ﴾(فصلت: 53- 54).
سنطلع الناس على دلائل وحدانيتنا وقدرتنا في أقطار السماوات والأرض؛ من شمس وقمر ونجوم، وليل ونهار، ورياح وأمطار، وزرع وثمار، ورعد وبرق وصواعق، وجبال وبحار.
سنطلعهم على مظاهر قدرتنا في هذه الأشياء الخارجية التي يرونها بأعينهم، كما سنطلعهم على آثار قدرتنا في أنفسهم عن طريق ما أودعنا فيهم من حواس وقوى، وعقل وروح، وعن طريق ما يصيبهم من خير وشر ونعمة ونقمة، ولقد صدق الله تعالى وعده، ففي كل يوم بل في كل ساعة، يطلع الناس على أسرار جديدة في هذا الكون الهائل،وفي أنفسهم. وكلها تدل على وحدانيته تعالى وقدرته، وعلى صحة دين الإسلام الذي جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام. (8)

ولقد شهد بذلك المنصفون من غير المسلمين والفضل ما شهدت به الأعداء:
قال الدكتور شبرك النمساوي:” إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها؛ إذ إنه رغم أُمِّيَّته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أن يأتي بتشريع، سنكون نحن الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصَّلنا إلى قمته”.

قال الدكتور إيزكو أنساباتو: “إن الشريعة الإسلامية تفوق في كثير من بحوثها الشرائع الأوروبية؛ بل هي التي تعطي للعالم أرسخ الشرائع ثباتًا”.

وللفيلسوف الألماني الكبير شبلنجر كتاب باسم (أفول الغرب) قرر فيه أن الحضارة الأوروبية طغت فيها المادة على الروح، وهذا بداية النهاية لها، رغم ما تخدع به البصر، من التقدم العمراني والمادي.
ثم يقول:( وما مرحلة الحضارة الحالية إلا غمرة المدنية المضللة ببهرجها الذي يَستُرُ فقرها الروحي، فهي سائرة بخطى واسعة إلى الفناء المحتوم الذي أصاب الحضارات السابقة، تلك سنة الوجود ولا راد لأمر الله).
ثم يقول:(إن الحضارة دورات فلكية، تغرب هنا لتشرق هناك، وإن حضارة جديدة أوشكت على الشروق في أروع صورة، هي حضارة الإسلام الذي يملك اليوم أقوى روحانية عالمية نقية).
والمتتبع للمكتبة الأوروبية يرى سيلا من الكتب المتلاحقة، تبكي حضارة أوروبا الغارقة في اللهب المنبعث من مصانعها ومعاملها، وترثي قلبها الذي أوشك على الهمود، بعد أن جحد وألحد، وابتعد عن رب الحياة وخالقها.
وفي الوقت نفسه، تتحدث هذه الكتب عن الإسلام في حسرة ومرارة، الإسلام الذي أوشك أن يصفي حسابه مع الاستعمار، حسابه الأخير الحاسم، كما يقول °جوستاف يونج°.
الإسلام الذي سينبثق من أوساط الإنسان الكامل، هاتفا بصوت قاض رهيب، ناطقا بالحكم الفاصل كما تقول المجلة الفرنسية ” الله حي”. الإسلام الذي أوشكت حضارته على الشروق، لأنه يملك وحده أعظم القوى الروحية النقية المنقذة كما يقول شبلنجر.
ذلك هو الغد الذي ينتظر الإسلام، وتلك هي نظرة المفكرين الأوروبيين إلى قوته وروحانيته ووثبته العالمية القادمة. (9).
والحمد لله رب العالمين.

يتبع (3) (وبشريعة رحمة للخلق أجمعين)

كتبه عبد الرزاق سماح كاتب في الفكر والحركات الإسلامية
____________________________________________
(1) “تعريف ومعنى عالمية “، www.almaany.com،. بتصرّف.
(2) “أ.د. إسماعيل علي محمد”، www.alukah.net،. بتصرّف.
(3) د. بدر عبد الحميد هميسه، “عالمية الإسلام”، www.saaid.net. بتصرّف.
(4) أخرجه \”أحمد\” 5/109(21371) و\”البُخَارِي\” 4/244(3612).
(5) أخرجه أحمد 4/103(17082)، الألباني في \”السلسلة الصحيحة\” 1 / 7.
(6) أخرجه من حديث أبي هريرة البخاري (7288)، ومسلم (1337).
(7) رواه البخاري 4/ 170-171، والترمذي 3/ 290، والبيهقي 4/ 276، والسياق له.
(8) الوسيط (ص3751).
(9) طه عبد الباقي سرور،دولة القرآن،ص32.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.