خطورة التعصب المذهبي على السلم الأهلي والسلام العالمي

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس16 نوفمبر 2021آخر تحديث : الثلاثاء 16 نوفمبر 2021 - 4:38 مساءً
خطورة التعصب المذهبي على السلم الأهلي والسلام العالمي

الصادق العثماني – باحث في الفكر الإسلامي وقضايا التطرف الديني

هناك أسباب كثيرة لاعتناق أفكار التكفير والتطرف والغلو والإرهاب منها التعصب المذهبي، فالكثير الكثير من العلماء والفقهاء وأصحاب الرأي والفكر تم تكفيرهم وقتلهم، بسبب اجتهاداتهم وآرائهم، أو بعض كتبهم التي جاءت عكس التيار السائد في المجتمع.

ومن يقرأ قصة الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي صاحب السنن رحمه الله، وهو إمام من أئمة المسلمين، وحافظ من كبار الحفاظ، وفقيه عالم .. دخل دمشق في آخر عمره، فوجد كثيرا من أهلها مبغضين للإمام عليّ رضي الله عنه، فحدث فيهم بفضائله، فتعصب عليه بعض الجهلة، وضربوه في خصيتيه، وكان ذلك سببا في موته رحمه الله تعالى.

 قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ” خَرَجَ حَاجّاً فَامتُحِنَ بِدِمَشْقَ، وأدرك الشهادة فقال: احمِلُونِي إِلَى مَكَّةَ. فَحُمِلَ وَتُوُفِّيَ بِهَا”.

وقال ابن كثير رحمه الله: “قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ أَفْقَهَ مَشَايِخِ مِصْرَ فِي عَصْرِهِ ، وَأَعْرَفَهُمْ بِالصَّحِيحِ وَالسَّقِيمِ مِنَ الْآثَارِ ، وَأَعْرَفَهُمْ بِالرِّجَالِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الْمَبْلَغَ حَسَدُوهُ ، فَخَرَجَ إِلَى الرَّمْلَةِ ، فَسُئِلَ عَنْ فَضَائِلِ مُعَاوِيَةَ ، فَأَمْسَكَ عَنْهُ ، فَضَرَبُوهُ فِي الْجَامِعِ، فَقَالَ: أَخْرِجُونِي إِلَى مَكَّةَ ، فَأَخْرَجُوهُ وَهُوَ عَلِيلٌ ، فَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ مَقْتُولًا شَهِيدًا!!

هكذا كانت وفاة – الإمام النسائي أحد أعلام علماء المسلمين في الحديث ومازال كتابه ” سنن النسائي ” يدرس في المجامع العلمية وفي الجامعات الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها وإلى يوم الناس هذا  – على يد مجموعة من الرعاع الذين أعمتهم مذهبيتهم البغيضة، فاندفعوا إلى قتله رحمه الله بدم بارد مع سبق الإصرار والترصد، علما أن القرآن الكريم ينبهنا إلى خطورة القتل العمد يقول سبحانه “ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها..” .

ونفس الطريقة- تقريبا- تم قتل الإمام إبن جرير الطبري رحمه الله تعالى عندما قام بتأليف كتابه المعروف “اختلاف الفقهاء” فذكر فيه اسماء الفقهاء: أبو حنيفة، ومالك،  والشافعي، ولم يذكر إبن حنبل،  وحين سئل عن ذلك قال: هو مُحدِّث وليس بفقيه، حينها غضب عليه حنابلة بغداد ورجموا داره بالحجارة وبنوا على باب بيته سورا من الحجارة فتحولت داره إلى قبر ومات فيها.

وقد اتفقت العديد من المصادر على عام وفاة الطبري وهو عام 310 هجرية،  ولكن لم يتم الاتفاق على يوم الوفاة تحديدا، لكون الطبري تم دفنه ليلا وتم منع دفنه نهارا، كما أنه كان محتجبا في داره قبل الوفاة بسبب المحنة التي تعرض لها وبسبب ما وصل إليه من ضرر وأذى، من بعض المتعصبين الحنابلة!!

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.