الشريعةُ هِيَ البُعْدُ القانُونِيُّ في الدينِ

زعيم الخيرالله
آراء ومواقف
زعيم الخيرالله3 نوفمبر 2021آخر تحديث : الأربعاء 3 نوفمبر 2021 - 9:05 صباحًا
الشريعةُ هِيَ البُعْدُ القانُونِيُّ في الدينِ

زعيم الخيرالله
قبلَ الحَديثِ عن الشَّريعَةِ في بُعْدِها القانُونِيِّ ، لابُدَّ لنا أَنْ نُفَرِّقَ بينَ مُفْرَداتٍ ثَلاث، الدين، الشَّريعَة، الفِقه . الدينُ هو مجموعةُ المعارفِ الآلهيَّة ، والشريعةُ : هيَ البُعدُ القانونيُّ والعمليُّ من الدين . هذه هي الشريعة بالمعنى الاخص . أَمّا الفقهُ : فهو الاحكامُ العمليَّةُ التي استنبطها الفقهاء من النصوص والقواعد.

الدينُ أَوسعُ دائرةً من الشريعةِ ؛ لانَّهُ من خلال الدين يصلُ الانسانُ الى كمالِهِ المنشود. أَمّا الشَّريعَةُ فهي الدينُ في بعدهِ القانونيِّ. الشَّريعَةُ تُمَثِّلُ الحَدَّ الأدنى من الدين ، لايستطيعُ الانسانُ أَنْ يقطعَ أَشواطاً من الكمال فقط من خلال الشريعةِ التي تمثل البعد القانونِيِّ من الدين ؛ لانَّ القانونَ يمكن الالتفافُ عليه ويمكن التلاعبَ فيهِ.

بنو اسرائيلَ تحايلوا في تطبيق القانون الذي حرَّمَ الله عليهم الصيدَ في يوم السبت، كما جاء في قوله تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ). الاعراف:الاية: (163)

فالشريعةُ أَمرتهم أَنْ لايصطادوا في يومِ السبت؛ ولكنهم تحايلوا على القانون وجعلوا الاسماك تتجمع في احواض يومَ السبت، ويأخذونها يوم الأحد.

القانونُ يمكنُ ان يتلاعبَ به المتلاعبونَ ، وهذا لايؤدي الى تكامل الانسان. في العلاقةِ الزَّوجيّةِ اذا حولناها الى مسألةٍ قانونية، ومسألَةٍ حقوقيّةٍ ؛ فانَّ هذا يؤدي الى انهيار هذه العلاقة، بينما اذا تعاطينا مع هذه الرابطة المقدسة وفق مايقوله الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). الروم: الاية: (21).

اذا تعاملنا مع العلاقةِ الزوجِيَّةِ على اساس كونها سكن ومودة ورحمة؛ فعندها تعمر الحياة وتزدهر وتتسامى.

الاقتصار على الجانب القانوني من الدين لايحقق رسالة الدين لان الشريعةَ والبعد القانونيِّ من الدين يمثل الحدَّ الادنى، أَمّا الاخلاق والقيم والمناقبيات والسجايا العاليّة فهي المجال الارحب لتكامل الانسان وتحقيق انسانيته.

اما الفقه: فهو يَهْتَمُّ بالجانب العمليِّ القانونيِّ أَيضاً ، ولكن الفرق بين الشريعة والفقه هو أَنَّ الشريعةَ مُنَزَّلَةٌ والفقه عمليَّةٌ استنباطيّةٌ يقوم بها الفقهاء من خلال نصوص الشريعة وفي اطار الدين؛ فحينئذٍ يكون الفقهُ اسلاميّاً، امّا الاستنباطُ خارجَ دائرةِ الشريعةِ وخارج اطار الدين كما يحلو لبعض الحداثويين الذي قدمو لنا فقهاً خارج دائرة الشريعة وخارج اطار الدين فلايمكن ان نعتبر هذا الفقه فقهاً اسلاميّاً.

وفي الختام: الدين اوسعُ دائرةً من الشريعةِ، واذا اراد الانسانُ ان يتسامى في درجات الكمال ؛ فعليه ان لايقتصرَ على البُعدِ القانونيِّ في الدين ؛ لان هذا البعد يمكن التلاعب فيه من خلال الثغرات في النصوص القانونية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.