في الحاجة إلى محاربة الفساد بالمغرب

محمد علي لعموري
آراء ومواقف
محمد علي لعموري3 فبراير 2020آخر تحديث : الإثنين 3 فبراير 2020 - 8:22 صباحًا
في الحاجة إلى محاربة الفساد بالمغرب

محمد علي لعموري
يبدو أن سبيل الإصلاح بالمملكة الشريفة يمر عبر إرادة سياسية قوية تروم تجاوز وضع قائم أثبتت الأحداث والتداعيات وكذا الإشكالات المطروحة أنه يهدد مستقبل البلاد ويدفع بها نحو المجهول ، ويؤزم الأوضاع الداخلية ، ويراكم الإخفاقات والتعثرات التي أبانت عنها تقارير مؤسسات عمومية مشهود لها بالجدية في التحليل والنقد وفي جرد مكامن الخلل.

ما لبثت الخطب الملكية تشير تارة وتلمز تارة أخرى وتقرع المسؤولين تارة ثالثة في محاولة من الملك لنفض غبار الخطر والتأشير على استفحاله ، واضعا الحكومة والمؤسسات العمومية وكذا الجهات التي تدير الشأن العام أمام مسؤولياتها.

ومنذ الإعلان الرسمي عن فشل النموذج التنموي الجديد ، وتكليف شخصية وطنية لتشكيل لجنة وطنية للسهر على وضع خطة جديدة للتنمية ستكون بمثابة استراتيجية وطنية بأبعاد شاملة للنهوض بمشكل التنمية ببلادنا ، والتساؤلات تطرح من طرف المتتبعين للشأن العام عن جدوى وضع استراتيجية كبرى بميزانيات ضخمة في ظل وجود فساد مالي ومؤسساتي وحتى إداري ينخر بنية المؤسسات والقطاعات والوكالات وصناديق الدعم والتقاعد وغيرها من المصالح والمؤسسات التي يرجى أن تسهر على تطبيق الحكامة والشفافية وأن تكون قدوة وقبلة للمواطن دونما رشوة أو سرقة أو تهريب أو تلاعب…

الفساد ببلادنا أصبح ماركة مسجلة يتم التندر به في الخارج ، بل إن البعض قد يئس من إمكانية حصول تنمية في المستقبل دون وجود أرضية صلبة تتجسد فيها الحكامة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة وتطهير الإدارة من رجالات البيروقراطية الذين يعيقون الإستثمار ببلادنا ويماطلون من أجل الإنتفاع الشخصي والربحية الزبونية التي يستغلها كل ذي منصب لعله يظفر بكعكته السمينة ولو على حساب النزاهة والشفافية ونظافة اليد التي يفترض أن تكون سلوكا إداريا ومؤسساتيا صرفا خدمة للوطن وللمواطنين وتلميعا لسمعة المؤسسات ببلادنا وسمعة الوطن.

إن الحاجة إلى محاربة الفساد والتبليغ عنه لهو ضرورة أولية تسبق كل تنزيل لأي برنامج مستقبلي من شأنه النهوض بمشروع التنمية ببلادنا في الأمد المنظور والبعيد.

كما أن ربط المسؤولية بالمحاسبة يحتاج لعزم قوي يقاوم جيوب المقاومة التي تروم تأبيد الوضع القائم والإطاحة بأي مشروع مستقبلي الهدف منه مصلحة الوطن والمواطنين ، والتي لا يمكن أن تتجسد إلا في ظل تقليص الفجوة العميقة التي تتكشف عن وضع طبقي عميق ومختل يقدم المغرب في أعين الملاحظين والمتتبعين والنقاد على أنه فصامي من حيث وضعه الطبقي ، ما بين مغرب الطبقة المرفهة التي تعنى بمصالحها الثابتة والتي تكتنز الأرباح وتهرب الثروات ولا تؤدي الضرائب وتتملص من وطنيتها الحقة ، ومغرب هش فقير يتجلى في وضعية شبابه الذي يجد الوضع مأزوما ببطالته ، والأفق في بناء مستقبل يحفظ له كرامته مسدودا ، مما ينتج عنه غضب شعبي وحراك يعبر عن حالة الإنسداد الذي يلمسه المواطن البسيط في معاشه ومعيشه اليومي.

الفساد كارثة تقتل العمل والجهد ، وتخلق الحقد الطبقي ، وتأذن ببروز صوت الغضب عاليا في المجال العام ، ويولد فقدان الثقة في المؤسسات مما قد يؤدي إلى الإختناق والضغط اللذين يولدان الإنفجار في أي لحظة.

ولهذه الأسباب التي يراد معالجتها والتي تفسر لنا لماذا فشل النموذج المغربي للتنمية ، ولماذا يعاد التفكير في مشروع جديد ونموذج تصحيحي من أجل مغرب أفضل ، كان لزاما على السلطة أن تسهم في بناء الثقة والضرب على أيدي الفاسدين وتهييء المناخ الباعث على التفاؤل.

لهذا ما نجح مشروع أصيل إلا بترجمة فعلية لإرادة سياسية ، بخلق ميثاق أخلاقي للإدارة ، وإطار قانوني يخول لجهات المحاسبة أن تفضح وتحاسب وتقطع دابر الفساد كي يغادر سفينة الإصلاح حتى يمضي هذا الأخير في بيئة واعدة محفزة على العمل وعلى النجاح وعلى النهوض.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.