الداعشية كائن أخطبوطي متعدد الرؤوس والصور

محمد التهامي الحراق
2019-11-02T22:25:30+01:00
آراء ومواقف
محمد التهامي الحراق29 أكتوبر 2019آخر تحديث : السبت 2 نوفمبر 2019 - 10:25 مساءً
الداعشية كائن أخطبوطي متعدد الرؤوس والصور

محمد التهامي الحراق
كل الإذاعات والقنوات تهلل لمقتل زعيم “داعش” ابي بكر البغدادي، لكن نهاية البغدادي لا تعني ابدا نهاية “الداعشية” بما هي عنوان للنزوع الاستئصالي اللفظي والرمزي والدموي، سواء باسم العرق أو الدين او اللغة أو الاقتصاد… أو أي ايديولوجية استئصالية.

الداعشية كائن أخطبوطي متعدد الرؤوس والصور، ليس أقله ان يعلن أن البغدادي تم دفن رفاته في البحر وفق “الشريعة الإسلامية”. إنه تذكير ماكر وخبيث أن هذا المنحى الإرهابي العالمي “إسلامي” المنبع واللون.. فيما الجميع أصبح يعرف ان هذا الكيان هو وليد صراعات مشاريع وتناقضات مصالح ورهانات جيواستراتيجية لأطراف ما تفتأ تتبادل الأدوار في النزاع. وهذا “التذكير الماكر” داعشية مقنعة.

النموذج الثاني لهذه “الداعشية”، تلك الاستئصالية العرقية التي صدر عنها فعل إحراق العلم الوطني المغربي في قلب باريس. وهو فعل لا يمكن قط تبريره أو الصفح عنه، لكونه يخلط في عنف مقيت وجهل حاقد بين المشاكل في الاجتماع والتدبير والسياسة والاقتصاد والثقافة… أي في ما شأنه الاختلاف داخل الوحدة الوطنية مهما بلغت درجة حدة ذاك الاختلاف… وبين الوطن بما هو حاضن لكل الحساسيات والفئات والمصالح والتوجهات، وبما هو ذاكرة وتاريخ وأفق حضاري ورمزي ووجداني جماعي يتجاوز مصالح محدودة في الزمان والمكان والفئات مهما كانت وكيفما كانت.

إنها داعشية عرقية تروم تخريب ما تم تأسيسه على مدى قرون وببذل عقول ونفوس وأعمار وأرواح…كلها رحلت وبقي، وسيبقى، الوطن…..

خلاصة القول إن الداعشية سواء انتحلت اسم الدين او العرق أواللغة أو السياسة او الاقتصاد…..تبقى واحدة في خبثها ونزوعها الاستئصالي الرادكالي المقيت، ومحاربتها لابد ان تكون متعددة المداخل، في مقدمتها العمل الفكري والثقافي لاجتثاث يرقاتها المنتشرة بيننا وفي خطاباتنا السائدة….. مع ضرورة تجفيف التربة الاجتماعية والسياسية والإعلامية والتعليمية والاقتصادية ….التي تتيح لتلك اليرقات ان تينع وتنتعش وتتوهج….بدون ذلك، فسوف لن نقتل التنين الداعشي، وكلما قطعت احد رؤوسه سيظهر بغدادي جديد برأس وملامح مغايرة….لنعود إلى نفس المستنقع الاستئصالي والإرهابي العفن.
صفحة الكاتب على الفيسبوك (العنوان من اختيار الموقع)

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.