هل كفر سعدون؟!

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس11 يونيو 2022آخر تحديث : السبت 11 يونيو 2022 - 8:18 صباحًا
هل كفر سعدون؟!

ذ.عبد الحق مرزوك ـ أستاذ، وباحث في علوم الشريعة
وفي روضة العقلاء ونزهة الفضلاء قرأت: “أنَّ العاجل لا يكاد يلحق، وأنَّ الرَّافق لا يكاد يُسْبَق، وأن السَّاكت لا يكاد يندمُ، وأن مَن نطق لا يكادُ يسلمُ، وأن العَجِل يقول قبل أن يعلم، وأنهُ يجيب قبل أن يفهم، وأنه يحمد قبل أن يجرِّب”، وكلها -والله- رغبنا بمحمودها، وجمعنا عزمنا ابتداء على تجنب سيئها في قضية المعتقل المغربي في أوكرانية، والمتهم بخلع الاسلام.

ولعلها تهمة كبيرة، ودَعْوى ثقيلة، فهمها من فهمها من متهموه من تسجيله المصور الأخير في مكان اعتقاله، الذي أظهر فيه -خلافا لتعابير وجهه الهادئة- بلغة عربية ركيكة، ومرتبكة غير منضبطة، وممزوجة بدارجة مغربية، وشرقية تغالبه، أنه بدأ مسلما في أسرة مسلمة، وأن فكرته الدينية منفصلة أو محايدة “agnostique”، وأنه يؤمن بجميع الديانات السماوية الثلاث، وأنه ليس بملحد، وأنه يؤمن بوجود قوة عظيمة خالقة للكون، ومدبرة له، تخفى عنه، وأنه بخير، ولعلكم انتبهتم إليه وهو يحيي والدته قبل والده في الختام بتحية الإسلام، ولعلي بها أبدأ في مراقبة تهمته بالردة، وتفحص ما أمكنني من كلامه لتأكيدها أو دفعها، والثاني أسلم لنفسي، وآمن، وهو المقصود ربما من حديثه -صلى الله عليه وسلم-: ( ادرؤوا الحدود بالشبهات).

فسلامه على والديه من تحية الاسلام وأهله، وتقديمه لأمه فيه على والده من فقه الحديث: ( أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ)، ولعلها جميعا -وإن صغرت- تشفع لنشأته الإسلامية في أسرته، وتؤكد اِستمرار تشبعه ببعض قيمها الاسلامية.

وأما نفيه للإلحاد عن نفسه فيوافق قوله: “أنا أومن بجميع الديانات السماوية الثلاث”. وأما وصفه لنفسه بالمنفصل أو “Agnostique”، ويرادفها في لسان العرب الحياد من الأديان، فعصرانية سلبية، يظهرها كثير من المسلمين اليوم مع مخالفيهم بدافع إظهار انفتاحهم عليهم، وقبولهم بهم، ولعل كثير ممن سافروا الى المهجر يظهرونها مع الديانات المخالفة، ويظهر أن سعدون هذا قد أتقنها سعدون في المثال الأوكراني المتنوع.

وأما عن إيمانه بوجود قوة عظيمة خالقة للكون، ومدبرة له، فمحمدة فيه، وأما اعترافه على نفسه بجهلها -وهو الخطير فيما ذكر- فتيه كبير يعيشه، ولعل مرجعه إلى ضعف في تربيته، أو نتيجة لمفارقته لمحضنه الأول، وتأثر بالغ بمادية الشرق وغلظته، سيحتاج معها إلى شيء من التوجيه والمصاحبة حتى يستقر فكره، ويطمئن قلبه، كما اطمئن قلب إبراهيم -عليه السلام- لما قال في القرآن: ( رب أرني كيف تحي الموتى، قال أولم تؤمن، قال بلى ولكن ليطمئن).

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.