مقال مهم لكيسنجر عام 2014 يطرح حلا للمشكلة الأوكرانية لم يلتفت إليه الأمريكان!!

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس2 مارس 2022آخر تحديث : الأربعاء 2 مارس 2022 - 11:38 صباحًا
مقال مهم لكيسنجر عام 2014 يطرح حلا للمشكلة الأوكرانية لم يلتفت إليه الأمريكان!!

دينبريس
النقاش العام المتعلق بأوكرانيا يدور كله حول المواجهة. لكن هل نعرف إلى أين نحن ذاهبون ؟

في حياتي، رأيت أربعة حروب بدأت بحماس وتأييد شعبي كبير. لم نكن نعرف كيف تنتهي، وفي ثلاثة منها إنسحبنا من جانب واحد. إختبار السياسة يكون بالكيفية التي تنتهي بها، وليس كيف تبدأ.

في كثير من الأحيان يتم طرح القضية الأوكرانية باعتبارها عرضا: ما إذا كانت أوكرانيا تنضم إلى الشرق أم الغرب. ولكن إذا كان لأوكرانيا أن تعيش وتزدهر، فلا يجب أن تكون البؤرة الأمامية لأي من الجانبين ضد الآخر – بل ينبغي لها أن تعمل كجسر بينهما.

يتعين على روسيا أن تتقبل أن محاولة إرغام أوكرانيا على التبعية، وبالتالي نقل حدود روسيا مرة أخرى، من شأنه أن يحكم على موسكو بتكرار تاريخها من دورات الانجراف الذاتي للضغوط المتبادلة مع أوروبا والولايات المتحدة .

ويتعين على الغرب ، أيضا ، أن يدرك أن أوكرانيا بالنسبة لروسيا ، لا يمكن أبدا أن تكون مجرد دولة أجنبية.

بدأ التاريخ الروسي فيما كان يسمى كييفان – روس . ومن هناك إنتشرت الديانة الروسية. كانت أوكرانيا جزءاً من روسيا لعدة قرون ، وكان تاريخهما متشابكا قبل ذلك. بعض أهم المعارك من أجل الحرية الروسية، بدءاً من معركة بولتافا عام 1709 تم خوضها على الأراضي الأوكرانية. أسطول البحر الأسود – وسيلة روسيا لإبراز قوتها في البحر الأبيض المتوسط – يستند إلى عقد إيجار طويل الأجل في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم . حتى المنشقين المشهورين مثل ألكسندر سولجينتسين وجوزيف برودسكي كانوا يصرون على أن أوكرانيا كانت جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الروسي، بل ومن روسيا .

يتعين على الإتحاد الأوروبي أن يُدرك أن تشبثه البيروقراطي وإخضاعه الإعتبارات الإستراتيجية للسياسة المحلية عند التفاوض حول علاقة أوكرانيا بأوروبا وقد ساهم في تحويل المفاوضات إلى أزمة . فالسياسة الخارجية هي فن تحديد الأولويات.

إن الأوكرانيين هم العنصر الحاسم. إنهم يعيشون في بلد له تاريخ معقد ومكونات متعددة . تم دمج الجزء الغربي في الإتحاد السوفيتي في العام 1939 ، عندما تقاسم ستالين وهتلر الغنائم.

شبه جزيرة القرم ، حيث 60 % من سكانها روس ، أصبحت جزءاً من أوكرانيا فقط في العام 1954 ، عندما منحها لها نيكيتا خروتشوف – الأوكراني المولد – كجزء من الإحتفال بمرور 300 عام على إتفاقية روسيا مع القوقاز.

الجزء الغربي من أوكرانيا كاثوليكي إلى حد كبير. فيما الجزء الشرقي يدين بالأرثوذكسية الروسية إلى حد كبير. الجزء الغربي يتكلم الأوكرانية، والشرقي يتحدث أغلبه الروسية. أية محاولة من جانب أحد أجنحة أوكرانيا للهيمنة على الآخر – كما كان النمط – ستؤدي في النهاية إلى حرب أهلية أو تفكك .

إن التعامل مع أوكرانيا كجزء من المواجهة بين الشرق والغرب من شأنه أن يُفسد لعقود أي إحتمال لإدخال روسيا والغرب عموما – وروسيا وأوروبا خصوصا – في نظام دولي تعاوني .

أوكرانيا حظيت بالإستقلال لمدة 23 عاماً فقط ، كانت في السابق ومنذ القرن الرابع عشر تحت نوع من الحكم الأجنبي. وعليه ، ليس من المستغرب أن قادتها لم يتعلموا فن التسويات ، ولا حتى من المنظور التاريخي . تُظهر سياسات أوكرانيا ما بعد الإستقلال بوضوح إن جذر المشكلة يكمن في جهود السياسيين الأوكرانيين لفرض إرادتهم على أجزاء متمردة من البلاد . أولا من قبل فصيل واحد ، ثم من قبل الفصيل الآخر . هذا هو جوهر الصراع بين فيكتور يانوكوفيتش ومنافسته السياسية الرئيسية يوليا تيموشينكو . إنهم يمثلون جناحي أوكرانيا ، ولم يكونوا على إستعداد لتقاسم السلطة .

السياسة الأمريكية الحكيمة تجاه أوكرانيا من شأنها إيجاد طريقة يتعاون بها شطرا البلاد مع بعضهما البعض . يجب أن نسعى للمصالحة وليس إلى سيطرة فصيل على آخر .
لم تتصرف روسيا والغرب ، ولا حتى مختلف الفصائل في أوكرانيا على الأقل ، وفقًا لهذا المبدأ . كل واحد جعل الوضع أسوأ . ولتكون روسيا قادرة على فرض حل عسكري دون عزل نفسها ، في وقت تكون فيه العديد من حدودها غير مستقرة بالفعل . وبالنسبة للغرب ، فإن شيطنة فلاديمير بوتين ليست سياسة . إنها حجة لعدم وجود سياسة .

يتعين على بوتين أن يدرك أن سياسة الضغط العسكري – بغض النظر عن مظالمه – ستؤدي إلى حرب باردة أخرى . ومن جانبها ، تحتاج الولايات المتحدة إلى تجنب معاملة روسيا كطرف ينبغي تعليمه بتأن قواعد السلوك التي وضعتها واشنطن .

بوتين هو إستراتيجي جاد – وفقا للتاريخ الروسي . ولا يناسبه كثيراً فهم قيم الولايات المتحدة وأهوائها . كما لم يكن فهم التاريخ والأهواء الروسية مثار إهتمام لصانعي السياسة في الولايات المتحدة .

يجب على القادة من جميع الأطراف العودة إلى فحص النتائج ، وليس التنافس في المواقف . إليكم مفهومي للنتائج التي تتوافق مع القيم والمصالح الأمنية لجميع الأطراف :
1. يجب أن يكون لأوكرانيا الحق في حرية إختيار المؤسسات الإقتصادية والسياسية ، بما في ذلك مع أوروبا .

2. لا ينبغي أن تنضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) ، وهو الموقف الذي إتخذته قبل سبع سنوات عندما طرح آخر مرة .

3. يجب أن تكون لأوكرانيا الحرية في إنشاء أية حكومة تتوافق مع الإرادة المعلنة لشعبها. وعندئذ يختار القادة الأوكرانيون الحكماء سياسة المصالحة بين مختلف أجزاء بلدهم .

وعلى الصعيد الدولي ، ينبغي عليهم إتباع وضع مماثل لوضع فنلندا . فلا تترك تلك الدولة أدنى شك في إستقلالها التام ، وتتعاون مع الغرب في معظم المجالات ، لكنها تتجنب بعناية العداء المؤسسي لروسيا .

4. يتعارض ضم روسيا لشبه جزيرة القرم مع قواعد النظام العالمي القائم . غير أنه ينبغي أن يكون بالإمكان تنظيم علاقة شبه جزيرة القرم بأوكرانيا على أساس أقل تشدداً . ولهذه الغاية ، يتعيَّن على روسيا الإعتراف بسيادة أوكرانيا على شبه جزيرة القرم . ويتعيَّن على أوكرانيا تعزيز الحكم الذاتي لشبه جزيرة القرم في الإنتخابات التي تجري بحضور مراقبين دوليين . ستشمل العملية إزالة أي غموض حول وضع أسطول البحر الأسود في سيفاستوبول .

هذه مبادئ وليست وصفات. سيدرك الأشخاص العارفون بالمنطقة أنه لن يكون كل منها مقبولاً من جميع الأطراف. الإختبار ليس الرضا المطلق ، بل عدم الرضا المتوازن . وإذا لم يتم التوصل إلى حل قائم على هذه العناصر أو العناصر المماثلة ، فسوف يتسارعا لإنجراف نحو المواجهة . سيأتي وقت ذلك قريباً.
المصدر : صحيفة ️اشنطن بوست 6 مارس 2014، ترجمة : غانية ملحيس

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.