ماذا يمکن أن تفعله الأمطار بباكستان

دينبريس
عبر العالم
دينبريس4 سبتمبر 2022آخر تحديث : الأحد 4 سبتمبر 2022 - 2:56 مساءً
ماذا يمکن أن تفعله الأمطار بباكستان

أحمد جاويد، کابل ـ أفغانستان
ما زالت فرق الانقاذ الباکستانية تواصل عملياتها لإنقاذ الملايين من حملة الأمطار الموسمية التي تواجه البلاد منذ فترة. فکما وجدناها خلفت خسائر باهظة في أفغانستان التي ما زالت لم تستکمل عملية احصاء الخسائر؛ ها هي الآن تکاد تفعل فعلتها في الحياة الباکستانية .

كما أن مياه الأنهار الأفغانية يصل معظمها إلى باکساتان، وهذا يزيد في عظم الکارثة وتفاقم الخسائر.

وأعلنت الحکومة حالة الطوارئ واستعلمت االمروحيات والمرکبات المائية لإغاثة الضحايا والمصابين، کما ناشدت أيضا المجتمع الدولي والمٶسسات الإنسانية بتقديم الدعم العاجل لتفادي ضخامة الخسائر وتخطي هذه المرحلة التي أوجعت الاقتصاد الباکستاني.

وذکرت الإدارة المسٶولة عن تنظيم الآفات أنها تتوقع زيادة حجم الفياضانات التي بلغت قوتها حتى الآن ثمانية آلاف ونصف الألف متر مکعب من الماء في االثانية الواحدة. ويمکننا تصور ماذا سيحدث إذا تجاوزت هذه القوة هذا العدد.

وهددت الأمطار المناطق الشمالية أولا متجهة إلى مناطق “ملتان” وبالتالي ستتجمع کل هذه المياه ليستقبلها نهر الهندوس الذي سيحول اقليم اقليم “السند”، الذي تعد مدينة کراتشي عاصمته المرکزية والاقتصادية والتجارية بل لدولة باکستان برمتها، إلى شبه بحيرة لا قدر الله. هذا ولم يعرف حتى الآن حقيقة حجم الخسائر.

باکستان، البلد الذي يعتمد على الزراعة کأقوى قطاع ممون ومتکافئ يتمرکز عليه اقتصاد الدولة بجانب القطاع الصناعي، تواجه الآن فعلا ضربة في العمق لما جهدت نفسها لبنائه منذ سنين مثل تصدير الخضروات والأرز واللبنيات.. بسبب تخريب مائات آلاف الهکتارات من الأراضي الزراعية. زد على ذلک إصابة کثير من الصناعات الحکومية والتقليدية وبخاصة الشعبية منها بالشلل التام.

أما عن المستوى المعيشي، فقد بلغ ارتفاع الأسعار الى أکثر من أربعة أضعاف في الآونة الأخيرة نتيجة هجوم الأمطار الموسمية السابقة في أفغانستان التي تسببت فياضاناتها في تدمير البنية التحتية لقطاع الزراعة في مناطق مختلفة في باکستان (مثل اکوره ختک، مهمند، ورسک، صوابي، سوات باجاور واقليم البنجاب ).

أضف الى ذلک عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده الجمهورية منذ فترة أدت إلى الإطاحة البرلمانية باللاعب المحترف رئيس الدولة “عمران خان” بسبب تهمة الخيانة التي وجهت اليه سابقا. فتأزم يتلوه تأزم آخر يتذوق مرراته الشعب الباکستاني الذي أصبحت غالبيته لا تعرف من الإسلام الا التعاطف مع اسمه بصورة أو بأخرى.

الأمطار هي التي شجعت، بل وسوست للتجار الأفغان ـ على حين غفلة من أهلها ــ بإخلاء السوق الأفغاني من مبيعات الخضراوات ونقلها إلى جارتهم باکستان لبيعها بخمسة أضعاف قيمتها أو أکثر، وتناسوا متعمدين ما يجري في بلدهم من زلزال اقتصادي وتخريب المنتجات وتعطيل أراضي زراعية کثيرة أضعفت من الانتاج مع انتشار الفقر والبطالة.
ففي الوقت الذي نجد مرکز الاسعاف “الفرنسي” في “كابل” قد أخفض تکلفة أخطر العمليات الجراحية کعملية القلب وغيره بنسبة خمسين بالمائة شعورا من جانبهم بالانسانية تجاه ذوي الفاقة الذين لا يجدون قوت يومهم، نجد عصابات المافيا التجارية – کعادتها في النظام السابق – تتسبب في ارتفاع القيم وتسوق البلد إلى حافة الهاوية من أجل مصالحهم الشخصية. فهم عکسوا معنى حديث الرسول (ص) “… اذا اشتکى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر”. فهل ستهتم الامارة الاسلامية بحل هذه الأزمة وکيف ستتجاوز هذا الوضع الجديد الذي بات يقلق الشعب خاصة وأن فصل الشتاء على الأبواب؟

وسترفع الأمطار مرة أخرى من قدر وشخصية باکستان في المجتمع الدولي، فالمساعدات الإنسانية ستصل مهرولة، وتعاطف المجتمع الدولي إعلاميا وعمليا سيتحقق کذلک بلا شک. فهي الحليف الأول لأمريکا في المنطقة في حين ما زالت الامارة في أفغانستان تبذل کافة مجهوداتها في الصياح والاستغاثة وللأسف لا يُسمع نداؤها.

وتندرج الأمطار أيضا مياهها ضمن جدول الصراع السياسي القائم بين باکستان وأفغانستان حتى لحظاتنا هذه، على شکل حرب باردة. فهي من بين الأهداف والمطالب الباکستانية التي من أجلها عتت عتوا على جارتها أفغانستان؛ وعلى مشاريع سدودها، وکهربائها، و مصانعها. فهل ستتراجع باکستان وتراجع حساباتها فيما يتعلق بحقوق حسن الجوار؟ هل ستضع يدها في يد جارتها للسير قدما نحو مستقبل خير وأخوة وأمن وتعاون اذا ما انصرفت الأمطار…

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.