المغرب والمقاربات المندمجة في تدبير الحقل الديني ومحاربة التطرف (2004/2022)

دينبريس
دراسات وبحوث
دينبريس14 أغسطس 2023آخر تحديث : الإثنين 14 أغسطس 2023 - 10:19 صباحًا
المغرب والمقاربات المندمجة في تدبير الحقل الديني ومحاربة التطرف (2004/2022)

نبيل بلعطار ـ دكتور في علم الاجتماع السياسي والديني وباحث في العلوم القانونية والدراسات الاستراتيجية
اذا كانت الفلسفة الامنية حاضرة لدى الاجهزة الامنية 16 ماي 2003 فإنه بعد هذه الاحداث، برزت الى السطح أهمية الاجراءات الاستباقية مع تصاعد ظاهرة الارهاب الدولي وارتباطاتها المختلفة، واختياراتها المتنوعة و كذلك طبيعة التهديدات الامنية الجديدة و التي عجلت باعادة النظر في هيكلة الحقل الديني عن طريق مفهوم الحكامة الدينية كتصور وهندسة دستورية، تقوي حرية التدين، وتحافظ على توجه المملكة في نبذ أشكال التطرف الديني أو التزمت أو الإنغلاق، وفق اختيار نموذج معتدل و طبيعي مبني على تأهيل الحقل الديني.

مباشرة بعد الهجمات الإنتحارية، التي عرفتها الدار البيضاء، أعلن العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في خطوة جريئة، أن البلاد “إدراكا منها للمخاطر، تحملت مسؤوليتها في محاربته بقوة القانون”. وكانت الإشارة موجهة إلى تفعيل المرجعية القانونية، كي تكون ملائمة وحجم التحديات عندما تقف سلطة القضاء المستقل والديموقراطية المبنية على التعددية والحوار بمثابة حواجز منيعة أمام تسرب اليأس والتردد. أضاف العاهل المغربي ملمحا إلى معالم الإستراتيجية الجديدة، التي يتبناها المغرب، أنها موجهة ضد التخلف والإنغلاق، وحدد ذلك بالقول الصريح :‘’ إن الديمقراطية وسيادة القانون وتحرير المبادرات في خدمة التنمية والتضامن على الصعيد الإقتصادي، وتأهيل وتربية المواطن على فضائل الإنفتاح والحداثة والعقلانية في الجانب الديني، تشكل مفتاح التوجهات الصائبة ‘’. وقد تجسدت مضامين الإصلاح في التصدي للفكر المتطرف بالمغرب، وقطع الطريق على من يخالف الدولة في سياستها الدينية المعتمدة على التمسك بالثوابت الإيديولوجية والدينية، والتشبث بدعم الزوايا الصوفية. ويعتبر الحقل الديني بالمغرب من القضايا الحساسة، كما هوالشأن على إمتداد الساحة العربية والإسلامية، وفي المغرب يشكل حساسية أكبر، نظرا لطبيعة الدولة المغربية، التي تشكل الهوية الدينية والأصالة التاريخية ودعم الأمن الروحي للمؤمنين دون غلو أوتطرف، وهذا هوشعار المملكة وأهم مرتكزاتها.

وتعتبر التجربة المغربية، في هذا المجال، رائدة بكل المعايير، لأنها اتجهت بعزيمة قوية وفكر خلاق نحوتجفيف إحدى المنابع الأساسية لموروث التشدد والإنغلاق، وفي إطار الحكامة الدينية الجيدة، التي تعني التدبير الجيد والرشيد، وفق استراتيجية هيكلة الحقل الديني المبني على الحفاظ على ثوابت المملكة، وجعل الحقل الديني بعيدا عن المزايدات العقائدية والطائفية، وخلق مجموعة من الآليات والمستجدات المواكبة، كتحصين المساجد من العقائد المخالفة، وإعادة هيكلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث همت الحكامة الدينية ثلاثة محاور: مؤسساتية، تأطيرية، وتنظيمية، وسيمارس الملك محمد السادس، مسؤوليته كأمير المؤمنين، تحديدا عبر تجديد إلتزامه بالبيعة في الخطاب الذي حدد الخطوط لمنهجية إعادة هيكلة الحقل الديني. ولم يتوقف هذا الورش الكبير، بل شمل كل الآليات والمجالات، التي تصب جميعها في خانة تحصين الدين الإسلامي وتدبير الشأن الديني، بطريقة ناجعة، عملت على وجود إدارة عصرية تساهم في بلورة الرؤية الإصلاحية، التي همت على سبيل المثال تطوير “دار الحديث الحسنية”، وإحداث مديرية خاصة بالمساجد، مما سيحصن المغرب من نوازع التطرف والإرهاب، وسيحافظ على ضمان الأمن الروحي للمغاربة، وحماية الثوابت الدينية المعتمدة على الإعتدال والإنفتاح والتسامح.
إذن، الحكامة الدينية رؤية إستراتيجية مبنية على التخطيط البعيد المدى من أجل الحفاظ على الهوية، والتفاعل مع جميع الحضارات،والتعايش مع جميع الأديان، ونبذ جميع أشكال التطرف الديني المولد للإرهاب، وربط المقاربة المدمجة للدين بالتنموي والإجتماعي والثقافي والأمني لمحاربة التطرف الديني، وتأسيس إختيار نموذج ديني إصلاحي وفق المقاربة الشمولية.

فإلى أي حد استطاعت المقاربات المندمجة في تدبير الحقل الديني و تطويق التطرف كفكر والارهاب كفعل تنفيذي ؟

أولا : المقاربة الدينية
فمن الواضح أن المسألة الدينية هيمنت بقوة على مساحات من الفكر والممارسة السياسية والفعل الإجتماعي في المجتمع المغربي في العقدين الأخيرين، خاصة بعد أحداث 16 ماي 2003، وذلك في مناخ مرسوم بإنبعاث الحركات الاحتجاجية، التي زادت من حدة تأججها آثار العولمة الكاسحة، وموازاة مع خفوت التناقضات السياسية والإيديولوجية بين المشرق والمغرب، وتمدد ظاهرة الإسلام السياسي الراديكالي، وما أفرزته من تطرف وعنف رمزي ومادي لم يقتصر على الإخلال بإستقرار الأوضاع في مواطنه الأصلية، بل طال أيضا وبشكل مهول أمن القوى الكبرى.

ومن هنا يعتبر تنظيم الشأن الديني وتدبيره مسألة بالغة الأهمية، لكونها عملية تتجاوز المقاربة الأمنية التي تهتم بالشق العملياتي لمكافحة الإرهاب، من خلال زجر مظاهره وأفعاله وتوقيف مقترفيه، إلى المقاربة المندمجة لتدبير الشأن الديني كبرنامج عام، يهدف إلى تجفيف منابع التطرف والإرهاب عن طريق كسر كل إرادة تحاول إستغلال الدين وإحتكاره لتحقيق منافع إقتصادية أوسياسوية ضيقة أوخدمة مصالح خارجية بما يسيء للمملكة ومواطنيها، كما يتوازى ويتماشى النموذج المغربي، في مقاربة المسألة الدينية، مع تعزيز مسار الحريات العامة وتكريس بناء المؤسسات الديموقراطية ودولة الحق والقانون. ومن الملاحظات الأولية على المقاربة المغربية، في مجال التعامل مع المسألة الدينية، أنها تعتمد المقومات الحديثة للتدبير، كما تتميز هده المقاربة بإرتباط تدبير الحقل الديني فيها برؤية إستراتيجية تتجاوز الظرفية الراهنة، إلى إقامة مشروع تنموي شمولي يهدف إلى تحرير المواطن المغربي من قيود الجهل والأمية والفقر والهشاشة بكل أنواعها، ويوفر شروطا دائمة للإندماج في المنظومة الحضارية الكونية،وهوأيضا تدبير لم يسبق حسب الموضوع الديني، بل حاول الخروج من هدا الحقل من خلال تناوله، بالتهذيب والتقويم، سبل الإستجابة للخاصيات الروحية للفرد، وفق معايير حديثة وعصرية ومنفتحة. لكن إشعاع النموذج المغربي في المقاربة الدينية القائمة على الإعتدال والإنفتاح والتعايش، سيتواصل إقليميا وعربيا ودوليا بنفس الروح والزخم، مما دفع دولا إفريقية وعربية إلى طلب الإستفادة من شركات، همت تأطير وتأهيل الأئمة والخطباء في المدرسة المغربية، كونها تنبني على رؤية إستراتيجية بعيدة الأهداف، غايتها تكريس قيم التسامح والتساكن بين الدول والحضارات،واجتثات منابع الإنغلاق والتطرف والإرهاب.

وهذا ما أكده جلالة الملك في رسالة التي وجهها الى المشاركين في المؤتمر البرلماني الدولي حول الاديان لنتعاون من أجل مستقبل مشترك الذي انعقد بمراكش بين 13 و 15 يونيو 2023 أكد أنه بالارتكاز على التميز المغربي في التعايش الديني و الاعتدال، فإن من الطبيعي أن يكون المغرب من بين البلدان المباردة إلى تأسيس آليات دولية للحوار الحضاري و أخرى للتصدي و للإرهاب و التشدد والتطرف3.

ثانيا: المقاربة الأمنية
– بدوره يعتبر الأمن إستراتيجية هامة من أجل وضع مقاربة حافظة ضد الإرهاب والتطرف الديني، والهدف هوالحد من تطور التطرف والإرهاب في المغرب أوفي جميع الدول، لهذا فالركن الأمني يقوم على الحذر الدائم والمتابعة المستمرة، من أجل ذلك تمت تقوية الحكامة الأمنية وفق مبادئ حقوق الإنسان، كما جاء واضحا بدستور 2011 لتكريس الديموقراطية ودولة القانون عن طريق مجموعة من المؤسسات كالمكتب المركزي للأبحاث القضائية.

بالإضافة إلى التنسيق مع مختلف الأجهزة، سواء على المستوى الوطني أوالدولي، وتفعيل القوانين المتعلقة بمحاربة الإرهاب، سواء قانون 03-03، أوقانون مكافحة غسل الأموال، بالإضافة إلى خلق خلية الإستعلامات المالية من أجل تتبع العمليات المالية للخلايا الإرهابية، وتبادل المعلومات والإستخبار مع الدول العربية والإفريقية والدولية في إطار مقاربة عامة وشاملة، ومراقبة تمويل الجمعيات.

ولقد أكد أهمية الركن الأمني في تجفيف منابع التطرف والإرهاب. السيد “عمر هلال” سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، أثناء إستعراضه لتجربة المغرب لمحاربة الإرهاب، حيث أشاد بدور المقاربة الأمنية وأهميتها في محاربة الإرهاب، والقضاء على المسببات العميقة للإرهاب .

وتأكيدا لأهمية المقاربة الأمنية، فقد أظهر السيد ” الشرقاوي حبوب” مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، على أن المغرب وضع إستراتيجية أمنية في مجال محاربة الإرهاب ثمرة مسلسل طويل، بعد إعتداءات 16 ماي 2003 بالدار البيضاء وأن المغرب إختار إستراتيجية أمنية جديدة مع تبني قانون الإرهاب، كإعتماد البطاقة البيوميترية، إحداث شرطة القرب، ووحدات مختلطة للشرطة والجيش، مؤكدا أن المنهجية المغربية تقوم على الإستباق.

وفي هذا الإطار أكد السيد “الشرقاوي حبوب” المدير السابق للمكتب الأبحاث القضائية، خلال مداخلته ضمن أشغال المنتدى الإسباني المغربي للأمن ومكافحة الإرهاب، الذي عقد بالدار البيضاء، أنه في إطار المقاربة الإستباقية تمكن المكتب المركزي منذ سنة 2002، من تفكيك ما يصل إلى 170 خلية إرهابية، وإيقاف 3137 شخصا، وإحباط 344 مشروعا يستهدف أمن وزعزعة إستقرار المملكة، كما أظهر خلال هذه المداخلة على أن المغرب يواجه عدة تحديات أمنية نظرا لتمدد الروابط لجهة البوليزاريو والتنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل، حيث يتسلل مجموعة من الإنفاصليين في رتب تنظيم القاعدة من مخيمات تندوف، التي تشكل مصدرا للقلق الإرهابي بالمنطقة وفي الساحل المتوسطي، بالإضافة إلى الفوضى التي تعرفها ليبيا، وما تخلقه من تحديات أمنية على المستوى الإقليمي خصوصا من طرف داعش الإرهابية، لهذا أكد وزير العدل والحريات في مداخلته الإفتتاحية لأشغال المنتدى حيث أشار إلى الخطر الذي أصبح يهدد دول المنطقة، ودعا الى التعاون بين المشتركين ومختلف دول الساحل وذلك بتتبع نشاط هذه الخلايا والتنظيمات، لمنع الإرهابيين من زعزعة إستقرار الدول.

وتجسيدا لتطبيق مبادئ الحكامة الأمنية على أرض الواقع، وإعتبار الحكامة الأمنية مكونا جديدا في السياسة الأمنية كفاعل في المقاربة المندمجة والمكملة نظرا للتحول في المفهوم الجديد للسلطة، وخلق شرطة مواطنة لضمان الأمن للجميع وفق مقتضيات الدستور الجديد، ومبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة، وتأكيدا لذلك أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني للعموم عن إستراتيجيتها وحصيلتها لسنة 2021، في إطار وصول المعلومة لجميع المواطنين وتتبع الجميع للسياسة الأمنية بالمغرب، وإعتبار المواطن كشريك وكقوة إقتراحية في رسم معالم وأهداف السياسة الأمنية بالمملكة.

ومن أبرز المستجدات التي عملت المديرية العامة للأمن الوطني، سنة 2022 ، على خلقها، سواء على المستوى المؤسساتي أوالتسيير الإداري، أوعلى مستوى التدخلات الأمنية في جميع المجالات، أوعلى مستوى الموارد البشرية في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة أوالتجهيزات اللوجيستيكية، أوعلى مستوى إحداث وحدات جديدة للشرطة لتفعيل سياسة القرب وضمان الأمن للجميع.

إن السلطات المغربية في مواجهة التطرف والإرهاب اعتمدت مقاربة وقائية لا تقتصر على متابعة المتورطين المباشرين وإنما تقوم بإحتواء كل من يحمل أفكارا متطرفة لتضع حدا لكل الخلايا التي يمكن أن تهدد الإستقرار في البلاد، وهذا ما يفسر إقدام السلطات عقب تفجيرات 16 ماي 2003 على إعتقال ذلك العدد الكبير من الأشخاص، حيث أن السلطات إستحضرت ذلك التفاعل بين تيار التطرف داخل المغرب وخارجه، باعتبار أنه لم تعد هناك حدود فاصلة بين الداخل والخارج، فالخارج أصبح في الداخل، وعليه أصبح من الضروري تقوية الوحدة الوطنية بشراكة بين الفاعلين الدينيين والفاعلين السياسيين وفعاليات المجتمع المدني. حيث بعد مرور أكثر من عقد على التفجيرات التي هزت الدار البيضاء، يمكن أن نتحدث عن بعض التغييرات الإيجابية، سواء في سلوك السلطة السياسية أوبعض النخب الإعلامية والثقافية وممثلي المجتمع المدني.
وقد لوحظ أن السلطات العمومية في مواجهتها للتطرف والإرهاب، آمنت باعتماد مقاربة متعددة الأبعاد، تستحضر البعد الأمني، وأيضا البعد الإجتماعي والثقافي والديني ولوأن الإهتمام بهذه الأبعاد ليس متساويا.

من خلال هذه المعطيات، يظهر التحول الكبير الذي عرفته المقاربة الأمنية، حيث كانت تعتمد، في السابق، على الزجر وقلة الموارد البشرية، إلى تسهيل الولوج الى المرفق الأمني، مكافحة الجريمة، التكوين، تحديث البنيات التحتية ثم التواصل، وأصبحنا نتحدث عن آليات جديدة واستراتيجيات أمنية، وعن ربط المسؤولية بالمحاسبة وعن حكامة الموارد البشرية،وإشراك المواطنين في حق الوصول الى المعلومة خصوصا فيما يتعلق بأمن المواطنين سواء في الجرائم العادية أوتفكيك الخلايا الإرهابية.
ويبقى ورش المجلس الأعلى للأمن من أهم الأوراش التي ستعزز، مستقبلا، المشهد الأمني ببلادنا، في انتظار خروجه للوجود، وذلك للحفاظ على إستقرار المملكة ومأسسة ضوابط الحكامة الأمنية في جميع اشكالها والفاعلين فيها، تماشيا مع القوانين الوطنية والدولية في مجال إحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، وفق المواثيق الدولية.

ثالثا: المقاربة السيوسيوإقتصادية
إذا كانت المقاربة الدينية والأمنية كإستراتيجية لمحاربة التطرف العنيف والإرهاب، فقد إنتبهت لذلك الدولة، وقامت بدراسة ميدانية سيوسيوإجتماعية، ودراسة الظواهر والمسببات التي تساعد في الإتجاه إلى معاقل المتطرفين، فأضافت مقاربة مندمجة مكملة تحمل في طياتها مبادرات متنوعة في المجال الإجتماعي والإقتصادي لمحاربة الفقر والإقصاء الإجتماعي والهشاشة، من أجل وضع الثقة والأمان للشباب من أجل إبعاده عن التطرف وآلياته. حيث تتوزع المراتع الخصبة لتنامي الظاهرة الإرهابية، بين مجالات عدة، ليس أقلها تأثيرا المناخ الإجتماعي حيث تنغلق الآفاق،ويسود الظلم والتفاوت، وتغيب عدالة الفرص المتاحة، وكي يكتمل قطب الدائرة في إحكام الطوق على تمدد الظاهرة التي يعمد دعاتها إلى إستغلال الفقر والهشاشة وخصاص المرافق والتجهيزات والخدمات، انبثقت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها الملك محمد السادس نصره الله في ربيع عام 2005 والتي صاغت منطلقات جديدة لرهان التنمية.

فالخطاب الملكي المعلن عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، جاء في إطار مناخ وطني مليء بالتطورات والتغيرات كان منطلقها أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية، والتي خلفت صدمة في أوساط المجتمع المغربي، ونقاشا حادا حول أسباب ومسببات الظاهرة، وما تمخض عن ذلك من تحليلات أوصلت إلى حقيقة العجز الكبير الحاصل على المستوى الإجتماعي، خصوصا أن كل المنفذين ينحدرون من منطقة معروفة بهشاشاتها وفقرها (دور الصفيح). المرتكز الثاني، كان أساسه التقارير الدولية، حيث كانت البداية بالتقرير السنوي للبرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة، المتعلقة بالتنمية البشرية لسنة 2005،والذي صنف المغرب في الرتبة 124 من بين 177 دولة في تصنيف التنمية البشرية،وقبل ذلك بقليل صدر تقرير التنمية الإنمائية العربية، والذي وصف المغرب بالثقب الأسود. ثم بعد ذلك كان تقرير لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، والذي أكد أن عدم التصدي لتردي الأوضاع الإجتماعية، سيجعل من المغرب مرتعا للإرهاب فكل هذه الأحداث والتقارير مجتمعة إلى أخرى كانت بمثابة العامل الأساسي إلى الدفع نحوالتفكير في إعادة النظر في السياسات العامة، وإيجاد البديل الإستعجالي للخروج من المأزق الإقتصادي والإجتماعي المحكوم أصلا بمنطق عولمة جارفة، وآليات أصبحت تتحكم في تسيير دواليب العالم على كافة المستويات، ومن هذا المنطلق إذن حدد الخطاب الملكي المرتكزات الرئيسية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وعليه فإنها قامت بالأساس على إستكمال بناء الصرح التنموي الذي دشنه العهد الجديد خصوصا في الشق الإجتماعي، حيث تهدف المبادرة الوطنية للتنمية الإجتماعية إلـــــــــــــى :
_ محاربة الفقر.
_ محاربة الإقصاء الإجتماعي.
_ محاربة الهشاشة.
تدبير المجال الإجتماعي.
تقوية العلاقات الإجتماعية عن طريق سياسة القرب، وخلق إستراتيجيات الفعل عن طريق برامج محددة بأهداف ونتائج وتقييم.

وبالتالي، فالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية تتضمن ثلاثة محاور أساسية :
1_التصدي للعجز الإجتماعي الذي تعرفه الأحياء الحضرية الفقيرة والجماعات القروية الأشد
خصاصة.
2_تشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل….
3_الإستجابة للحاجيات الضرورية للأشخاص في وضعية صعبة أولدوي الإحتياجات الخاصة….
وترتكز المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على أربعة برامج :
_برنامج محاربة الفقر في العالم القروي.
_برنامج محاربة الإقصاء الإجتماعي بالمجالات الحضرية.
_برنامج محاربة الهشاشة.
_برنامج أفقي للتنمية البشرية.

كما عملت الدولة على خلق مرحلة ثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 2019/2023 كهندسة جديدة تهدف بالنهوض بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة من خلال أربعة برامج شملت المساهمة في الحد من الفوارق المجالية والاجتماعية، والنهوض بالأوضاع والخدمات بالمجال القروي، ومواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة من أجل ضمان العيش الكريم لهم، وكذلك تحسين الدخل والادماج الاقتصادي للشباب حاملي المشاريع لتطوير عملية إدماجهم في النسيج السوسيومهني ، ثم الدعم الموجه لتنمية البشرية للأجيال الصاعدة ويتضمن تحسين الوضعية الغذائية للأم والطفل، ومواكبة التمدرس .

إذن تشكل المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 2019-2023 نموذجا فريدا في ضمان التنمية النفسية والاجتماعية والعملية والوساطة المواكبة في جميع مراحل الحياة أي خلق توليفة إيجابية تبعد الشباب من اعتناق طريق التطرف والانحراف.
بالإضافة إلى تحسين أوضاع الأعمال والشركات من أجل تشجيع الإستثمارات،وبالتالي توفير فرص الشغل للشباب، تشجيع المقاولات الصغرى للشباب، عن طرق برنامج “مقاولتي” برنامج “إدماج”، وفي إطار إنفتاح المجال التعليمي على البيئة الإقتصادية حتى يمكن معرفة نوع الخصاص وطلبات العروض، وقد عملت الدولة على وضع إستراتيجية وطنية تهم التكوين المهني إلى حدود سنة 2021 من أجل إدماج أكبر عدد من المترشحين إلى سوق الشغل سواء في القطاع العام أوالخاص، الرفع من عدد المتدربين في مراكز التكوين المهني حيث إستفاد أكثر من 200.000 في حدود سنة 2016، بالإضافة إلى تقوية التكوين المستمر والرفع من مراكز الإستقبال المؤسسات المهنية لّأكثر من 501000 في سنة 2017.

باعتبار الاقتصاد المحرك الاساسي بعجلة التنمية و الرفع من قدرة المشاريع الاقتصادية لبناء مستقبل جديد و من أبرز هذه المؤسسات الاقتصادية مشاريع النجاعة الطاقية، القطب المالي بالدارالبيضاء الذي سيجعل منها قطبا اقتصاديا كبيرا و جعلها مدينة ذكية محفزة للعديد من المراكز المالية استثمارا بالمغرب، مشروع الكبير لتحلية المياه بالدارالبيضاء، مدينة صناعية طنجة تيك الذي سيضم مصانع كبرى و بالتالي تعزيز دينامية اقتصادية جديدة.

وتعتبر الجهة رافعا إقتصاديا هاما من شأنه أن يساهم في خلق التنمية،ولعل التوجه نحوبناء جهوية متطورة ومتقدمة، يعتبر أهم حافز للنهوض بأوضاع التدبير المحلي، للدفع بعملية التنمية المحلية، وذلك في إطار رؤية مستقبلية لبناء جماعات جهوية قائمة الذات، هاته الرؤية التي تنسجم مع مبادئ العمل الديموقراطي التشاركي، الذي يصب أساسا في خدمة ميادين التنمية المحلية بشكل خاص والتنمية الوطنية للمملكة بشكل عام.
إذن يمكن إعتبار الجهوية، في ظل دستور 2011 ، ورشا مفتوحا يفتح رؤية جديدة تعتمد على الحكامة الترابية الجيدة، لتعزيز القرب وتكريس مبدأ تكافؤ الفرص والتوازن بين الجهات، في إطار جهوية موسعة جديدة ترتكز على تحقيق التنمية المستدامة، و تحقيق الديموقراطية وإشاعة التضامن بين مختلف الثقافات في هوية وطنية تحت راية واحدة ، حيث تؤكد الجهوية الموسعة الإصلاحات التي يعرفها المغرب في جميع المجالات.
والذي من شأنها أن تساهم في التخفيف من ظاهرة التطرف والتحكم في جميع أنواعه فإستراتيجية الدولة 2021، تهدف إلى تأمين الشغل للشباب في المؤسسات الصناعية الدولية المستثمرة في المغرب وكذلك في السياحة، والصناعة خصوصا مع أزمة كوفيد 19.

رابعا : المقاربة الحقوقية
يعتبر دستور 2011 دستور الحقوق والحريات بإمتياز، حيث تمت أنسنة قوية طبعت الباب الأول المتعلق بالحقوق الفردية والجماعية بشكل قوي جدا حيث إنتقلنا هنا من 11 فصلا واردة في دستور 1996 إلى 21 فصلا، كما أن هناك حمولة حقوقية جد مكثفة ترخي بضلالها على مقتضيات هذا الدستور ككل، وليس فقط في الباب الأول من هذه الوثيقة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تم توظيف مفهوم الحريات 42 مرة في الدستور الجديد، كما تم تضمين شمولي للأجيال الثلاثة لحقوق الإنسان، حيث حضرت في هذا الدستور مختلف الحقوق ذات الصبغة الكلاسيكية، كالحقوق المدنية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية، إذ يمكننا أن نستحضر هنا دسترة حرية الرأي والتعبير وتأسيس الأحزاب والنقابات والجمعيات وحرية الصحافة.

إلى جانب إستحضار هذه الحقوق التقليدية، تم تضمين وثيقة الدستور الجديد العديد من مقتضيات الجيل الثالث من حقوق الإنسان في إطار ما يعرف بحقوق التدعيم، كإقرار الحق في التنمية،وتدعيم فعلي لحقوق المرأة،وإقرار الحق في الوصول إلى المعلومة، بالإضافة إلى توسيع ممنهج عرفه مجال الحقوق الإقتصادية، كحرية المقاولة والتنافس الحر وحرية المبادرة، بالإضافة إلى بروز مؤسسات لأول مرة، كالمجلس الوطني للشباب والعمل الجمعوي والمجلس الوطني للمحافظة على اللغات،وغيرها من المجالس، التي تصب في إتجاه تدعيم الحقوق الفردية والجماعية بشكل قوي، بحيث يمكن القول أن الدستور الجديد يندرج ضمن الجيل الجديد من الدساتيروالبرامج المعاصرة شكلا ومضمونا، وقد دستر المشرع المغربي مجموعة من المجالس والهيئات المرتبطة بحقوق الإنسان، والتي لها علاقة متماسكة مع الحريات العامة والحكامة الجيدة والتنمية البشرية المستدامة، والديموقراطية التشاركية، من أهم هذه المجالس والهيئات نذكر ما يلي :
_ المجلس الوطني لحقوق الإنسان ( الفصل 161 ).
_ مؤسسة الوسيط ( الفصل 162 ).
_ الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ( الفصل 167 ).
_ المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحت العلمي ( الفصل 168 ).
_ الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التميز ( الفصل 164 ).
_ المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي ( الفصل 151 ).
_ دسترة توصيات هيئة الإنصاف والمعالجة.
_ المجلس الإستشاري للأسرة والطفولة ( الفصل 169 ).
_ المجلس الإستشاري للشباب والعمل الجمعوي ( الفصل 170 ).
_ دسترة المجلس العلمي الأعلى.
_ دسترة المجلس الأعلى للأمن ( الفصل 54 من الدستور ).

بالإضافة إلى نص الدستور الجديد على إحداث سلطة جديدة تسمى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، لتأمين الإستقلال الفعلي للسلطة القضائية وللقضاة في ممارسة مهامهم بدءا من فصل السلط وتوازها وتعاونها وصولا إلى ضمان إستقلال السلطة القضائية.
فكل هذه الهيئات والمجالس، من شأنها أن ترسم هندسة وطنية لحقوق الإنسان من خلال تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة والحفاظ على الأمن والحريات وتكافؤ الفرص، وتحقيق العدالة الإجتماعية في سياق إحترام حقوق وواجبات المواطن، والقضاء على التمييز بين الجنسين، وإشراك الشباب في التنمية الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية للدولة مما سيقوي توجه الدولة العصرية، دولة المؤسسات والديموقراطية، وسيرسخ بناء دولة الحق والقانون،وإرساء الثقة بين المجتمع والمؤسسات، وفق الإصلاحات التي يعرفها المغرب في جميع المجالات، وبالتالي تجنب توجه الشباب إلى سلوك طريق التطرف والتزمت، وإستغلالهم من طرف الجماعات المتطرفة.

من أهم هذه المجالس :
المجلس الوطني لحقوق الإنسان :
بموجب دستور 2011، تم إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان. فحسب الفصل 161 من دستور 2011 ، فالمجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات، وذلك في نطاق الحرص التام على إحترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال :
الهدف الأول مؤسساتي تعكسه ( الفقرة 13 ) من الديبياجة، ويهدف إلى الإرتقاء بهذا المجلس إلى مصاف صرح جديد من المؤسسات الحامية لحقوق الإنسان، سواء على المستوى الوطني أوالجهوي، أما الهدف الثاني، فهوهدف موضوعي يتمثل في كون هذا المجلس لم يعد يرتبط بالحقوق فقط بمفهومها الحصري، بل يتعداها إلى ما هوإقتصادي وإجتماعي وسياسي.

ويتولى المجلس تنظيم منتديات وطنية وإقليمية ودولية لحقوق الإنسان لإثراء الفكر والحوار حول قضايا حقوق الإنسان وتطوراتها وآفاقها،ويساهم المجلس أيضا في إحداث شبكات للتواصل والحوار بين المؤسسات الوطنية والأجنبية المماثلة، وكذا بين الخبراء من ذوي الإسهامات الوازنة في مجالات حقوق الإنسان. وذلك قصد الإسهام في تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات في مجال حقوق الإنسان.

كما يعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان على نشر التربية على حقوق الإنسان والمواطنة، عن طريق وضع شركات إستراتيجية، من أبرزها الشراكة مع اليونيسكو، وإعداد دليل خاص بالتربية على المواطنة وحقوق الإنسان، من أجل تحقيق هدف خلق مراجع للتربية وتكريس ثقافة حقوق الإنسان، خصوصا في صفوف الشباب.

ولتكريس شرطة مسؤولة فالمجلس الوطني لحقوق الإنسان قام بنشر دليل يظهر نشر ثقافة حقوق الإنسان لدى السلطات العمومية، في نفس الوقت الذي تتجه فيه جهود القطاعات الأمنية نحوتحسين الأوضاع الأمنية،وبموازاة مع ذلك، وبنفس القدر من الأهمية والإهتمام، تنكب المصالح المعنية على معالجة مشاكل إساءة إستعمال السلطة أوالإنحراف بها من قبل أعوان الدولة،وخاصة منهم موظفي الشرطة، وغيرهم من مفوضي السلطة العامة، عن الأهداف المحددة لها. وفي هذا الإطار العام، أوصت لجنة الإنصاف والمصالحة في تقريرها الأخير، بإعتماد حكامة أمنية من خلال مجموعة من التدابير، منها تدعيم وتقوية أنواع المراقبة الداخلية على سياسات وطرق العمل الميداني لمصالح الأمن، والتكوين والتربية المستمرة لرجال السلطة والأمن على حقوق الإنسان.ومن أجل الرفع من مستوى حقوق الإنسان بالمغرب، يعمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان على تنظيم معارض ومؤتمرات دولية، ويبقى أبرزها المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان بمراكش، الذي تستضيف فيه المملكة متخصصين في مجال حقوق الإنسان، خبراء،أساتذة جامعيين، منظمات حكومية وغير حكومية، وممثلي المجتمع المدني، وذلك لإبراز خطورة التطرف، وتدارس أسبابه، ومحاولة إيجاد مقاربات ناجعة من أجل قطع الطريق منذ بدايته، على كل المتطرفين، الذين يهدفون إلى نشر الفكر المتزمت والمنغلق.

كل هذه الإصلاحات شكلت ميلاد صك دستوري حقوقي يعبر عن تغيير في الأفكار، التي كانت سائدة، سواء منها السياسية أوالفلسفية، التي تحرك الوثيقة الدستورية الجديدة، التي حركت مجالات الصراع السياسي من الخطاطة السياسية إلى الخطاطة الحقوقية.

وبالتالي فالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في ظل الإختصاصات الجديدة بموجب دستور 2011، يلعب دورا بيداغوجيا في نشر الطرق الصحيحة والعملياتية في مجال حقوق الإنسان وتكريس مبادئ حكامة الأمن، بإعتبار الحكامة الأمنية مكونا أساسيا لدولة الحق والقانون. وقد أثبتت الحكامة الأمنية وجودها من خلال التدخل الأمني في الأحداث المفتعلة بإكديم إزيك،وتدخل القوات العمومية بطريقة إحترافية وقانونية، وهذا التدخل لم يكن وليد الصفة، ولكن نتاج الخطاب الملكي في أإكتوبر 1999 الداعي للمفهوم الجديد للسلطة،وبالتالي وضع تصور جديد للحكامة الأمنية بالمغرب بعيدة عن الطرق السابقة التي كانت شيئا ما عنيفة.

خامسا: المقاربة الوقائية للحقل الديني في ظل أزمة كوفيد 19
إذا كانت الدولة اتخذت مجموعة من القوانين من بينها تفعيل الحجر الصحي و تمديدها بطريقة تخفيف و منع التجمعات و فرض وضع الكمامات و تطبيق إجراء الحفاظ على مسافة الأمان، بالإضافة إلى إجراءات إستباقية صحية و اقتصادية و اجتماعية التي من شأنها التخفيف على الوضعية والقدرة الشرائية للمواطنين .

وإذا كانت السلامة الصحية و الاقتصادية والاجتماعية تهم الدولة و تحافظ على تتبع سيرها فالجانب الديني كذلك من بين الأولويات التي تعمل الدولة الوقوف عن كتب لماله من تأثير على جميع المجالات الأخرى لهذا، استحضرت في بداية هذه الورقة الموجزة ماهية الحقل الديني و أهميته ، إذا ما هي الإجراءات التي اتخذتها الدولة لخلق نوع من الأمن الروحي للمغاربة و الحفاظ على الحياة من جميع المهالك مقدم شرعا على ما عداه من الأعمال بما فيها الاجتماع للعبادات أو النوافل أو الكراسي العلمية ؟

فإن الله سبحانه و تعالى أنعم على عباده نعمة الإسلام و الهداية و على عباده ملكة الصحة و سلامة كافة الجسد من الأمراض الفتاكة لأن الصحة مرتبطة بالعبادات و الطاعات و حث على تقدير نعمة الصحة بالمحافظة عليها بالرياضة البدنية و استعمالها في الخير و نشر الطاعات و مساعدة الآخرين ،
و الصحة تشمل الوقاية من الأوبئة و الفيروسات عن طريق النظافة و الغسل و التطيب و الرياضة….

لهذا فالدولة أهمت اهتمامها بتعميم الإجراءات الوقائية الإستباقية في إطار الأمن الصحي للمصلين والمرتفقين و الشغوفين للكراسي العلمية و المهتمين بالحضور لدروس محو الأمية بمجموعة من الإجراءات و التدابير الاحترازية أبرزها :
منع التجمعات الدينية في المساجد بما فيها الصلوات الخمس و صلاة الجمعة حماية لصحة المصلين
و المرتفقين للمساجد بموجب فتوى للمجلس العلمي الأعلى يوم 16 مارس 2020 .
توقيف الكراسي العلمية بالمساجد و الزوايا و الأضرحة و دروس محو الأمية .
تعليق أداء العمرة و توقيف إجراء عقود الحج .
إلقاء فعاليات الدروس الحسنية في شهر رمضان و إحياء جلالة الملك ليلة القدر و صلاة عيد الفطر
و صلاة العيد نيابة عن الأمة باعتباره أمير المؤمنين حفاظ على صحة المواطنين.
الاحتراز من وباء كرونا أدى إلى عدم السماح بإقامة صلاة العيد بالمصليات و المساجد و جواز إقامتها في البيوت.

فإذا كان المجال الاقتصادي تأثر سلبا بسبب هذه الجائحة من إجراء إغلاق المحلات التجارية أثناء الحجر الصحي، لهذا قرر جلالة الملك على صعيد الحقل الديني توظيف لقب سلطاني عريق أي الناظر الأعلى لتكييف التدخل الملكي في مجال الأوقاف الحبسية فصدرت تعليمات ملكية سامية يتجلى في إعفاء مكتري المحلات الحبسية المخصصة للتجارة و الخصمات و السكنى ماعدا الموظفين من أداء الواجبات الكرائية طيلة مدة الحجر الصحي.
عودة المساجد للعبادات ابتداء من 13 يوليوز 2020 ولكن بتدابير احترازية وفق برتوكول صحي
و تنظيمي وفق مجموعة من الشروط و الإجراءات لضمان صحة المصلين لتوفير الأجواء الروحانية
و الصحية داخل المساجد .
توقيف صلاة الجمعة وفتحها فيما بعد ولكن بإجراءات احترازية ومنع الكراسي العلمية و الندوات الدينية داخل المساجد.
الاعتماد على الدروس عن بعد فيما يتعلق بالمشروع التربوي الخاص ببرنامج المحو الأمية بالمساجد بواسطة التلفاز او الانترنيت.
إصدار المجلس العلمي الأعلى أربع فتاوي في زمن كورونا كاجتهاد فقهي استباقي .

من خلال ذلك ظهر أن كوفيد 19 أصبح موضوع العلماء و الأطباء ورجال القانون و أساتذة علم الاجتماع و الأخصائيين النفسانيين و فقهاء الدين و الشريعة ، إذن فالحقل الديني تأثر كثيرا من هذه الجائحة و بالتالي أضرت بالأمن الروحي للمواطنين باعتبار أن المساجد في المغرب فضاء للعبادات و العلم و محاربة الأمية و تقويم السلوك قد ساهم هذا الفيروس في تأثر الطقوس الدينية من غياب الأجواء الروحانية الرمضانية في غياب صلاة التراويح و صلة الرحم و الأعياد بالمصلى وصلاة الجمعة ، وأوقف الصلة الروحانية بين الأمة العربية و المتمثلة في توقيف العمرة و الحج لأول مرة في تاريخ الأمة الإسلامية.
إذا هناك علاقة مؤثرة مست الأمن الروحي للمغاربة قوبلت بتدابير احترازية من شأنها أن تكسب الحقل الديني قوة دفاعية أساسها الفصل 41 من الدستور لحفظ الثوابت وقطع كل المزايدات عن الشأن الديني و إبعاد الحقل الديني عن كل المزايدات الضيقة.1

سادسا: مقاربة التعاون الدولي
تختلف أهمية وأهداف التعاون باختلاف نوع التعاون وأطرافه،ولأن الأمن من الحاجات الإنسانية وهوركيزة التنمية والتطور فإنه ما من شك أن التعاون الأمني من أهم مجالات التعاون الدولي بوجه عاموالتعاون الدولي في المجال الأمني هوتقديم المساعدة من جانب سلطات دولة ما إلى دولة أخرى لتمكينها من معاقبة شخص أوأشخاص أخلوا بأمنها.
حيث ترسم الدول خارطة طريق من أجل التعاون الدولي ومكافحة الإرهابفعلاوة على الإجراءات الوقائية التي إتخذتها دول المغرب العربي في مجال مكافحة الظاهرة الإرهابية، حتمت القواسم المشتركة بين هذه الدول، ضرورة إتخاذ إجراءات إقليمية مشتركة ودولية للتخفيف من حدة هذه الظاهرة.

وتأتي في مقدمة الآليات الإقليمية لمكافحة الإرهاب، بدول المغرب العربي، الإتفاقية العربية لمنع ومكافحة الإرهاب المنعقدة سنة 1998 بالقاهرة،والتي نصت على ضرورة وضع تدابير منع ومكافحة الإرهاب، من خلال منع أوتنظيم أوتمويل أوالاشتراك في أي صورة من صور الأعمال الإرهابية، والسهر على مكافحتها، وتكتيف القوانين الداخلية بما يتماشى وأحكام الإتفاقية.

هذا، ولم تقتصر مجهودات دول المغرب العربي، في مجال مكافحة الإرهابية إقليميا، على الإتفاقية العربية لمنع ومكافحة الإرهاب فقط، بل تعداه ليشمل البعد الإفريقي، حيث تجسد ذلك في قرار القمة الإفريقية سنة 1992.وفي ظل تطور الشبكة العنكبية ووسائل التواصل،والتنسيق بين الجماعات المتطرفة، والتخطيط من أجل تنفيذ عمليات إرهابية، حيث لا تنفصل الحرب على الإرهاب بين ما هوداخلي صرف، يشمل حماية الأمن وصون الإستقرار والتصدي للمخططات التخريبية،وبين ما هوخارجي يهم مجالات التعاون الدولي، في نطاق التنسيق،وتبادل الخبرات والمعلومات،وتفعيل الرؤية الإستباقية، التي أتبثت نجاعتها بسبب أهمية الدور المغربي في هدا النطاق، لم تحل لقاءات القمم الثنائية ومتعددة الأطراف والمؤتمرات الدولية، من الإشادة بالرؤية التي أقرها الملك محمد السادس في مواجهة أخطر الأزمات التي تِؤرق العالم. وصار التوقف في العاصمة المغربية محطة ملازمة للإطاحة بهذه التجربة الفريدة، كونها أبعدت البلاد من الوقوع في المستنقع. وامتد نفوذها العقلاني والواقعي إلى بلدان أخرى، أصغت بإمعان إلى صوت الحكمة المغربية، سواء على مستوى الأمم المتحدة، أومجالات الشركات التي تربط المغرب بالدول الصديقة والشقيقة، حفلت المواقف الدولية، وكذا تقارير الخبراء والمنظمات المعنية، بإبرازها مظاهر التقدير التي رافقت جهود المغرب في هذا النطاق. فمنذ أحداث 16 ماي الإرهابية سنة 2003 تم إعداد صبغة أولية لمشروع إتفاقية مغاربية لمكافحة الإرهاب.
كما تم تفعيل اللجان الأمنية المختلطة بين دول المنطقة، كان أولها إجتماع المدراء العامين للشرطة في دول إتحاد المغرب العربي، وكذلك إجتماع أجهزة مكافحة الإرهاب في دول شمال فريقيا، الذي إنعقد بالرباط في 22 و23 أبريل 2008 وحضره مسؤولون أمنيون، من مختلف المصالح الأمنية، لرصد التحديات الأمنية المطروحة، ومناقشة الصعوبات العملية وإيجاد الحلول الكفيلة بتنسيق الجهود المشتركة في مواجهة ظاهرة بحجم وخطورة وتداعيات الإرهاب.بيد أن وقائع صفحات جرد مجالات التعاون الأمني بالمغرب وشركائه، تترجم القناعات المبدئية للمغرب، لناحية أن الإنخراط في الحرب على الإرهاب إما أن يكون كاملا وشاملا أويفقد مكامن القوة، وأبرزها مد الجسور للتعاون والتنسيق مع مجموعة من الدول، كالولايات المتحدة، فرنسا، بلجيكا، إيطاليا، إسبانيا، هولاندا، السويد، الدانمارك، المملكة العربية السعودية، الكويت، موريتانيا.

إن إستراتيجية المغرب في مجال التصدي للإرهاب متعددة الأبعاد، تشمل الجوانب الدينية والإجتماعية والإقتصادية،بالإضافة إلى دور التعاون الأمني مع البلدان الأخرى، مثل فرنسا، خاصة في مجال التنسيق وتبادل المعطيات والمعلومات، وما فتئت السلطات العمومية تشير إلى هذه المقاربة الشمولية التي عبرت عن نفسها من خلال صياغة سياسات عمومية قادرة على احتواء ثقافة التطرف الديني.

ولهذا، فالدول تؤكد على أهمية التعاون العربي والدولي في مكافحة جرائم الإرهاب، من خلال مقاربة التعاون الدولي، وفق معايير حقوق الإنسان والقرارات والإتفاقيات الصادرة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
ومن تم، فالدولة المغربية تعمل جاهدة على تقوية التعاون العربي والدولي في مكافحة جميع أنواع الإرهاب، سواء الإرهاب الديني أوالسياسي أوالمعلوماتي أوإرهاب الدولة.
وقد عملالمغرب على وضع برامج للتعاون مع شركاءه في العديد من المجالات التي لها علاقة بمحاربة التطرف العنيف، ومن بين أهم هذه التظاهرات إعلان مراكش الداعي إلى ضمان حقوق الأقليات في العالم الإسلامي، ومن بين أهدافه :
المساواة بين جميع البشر بغض النظر عن إنتمائهم الديني،
لا يجوز توظيف الدين في تبرير النيل من الأقليات في المجتمعات الإنسانية.
رفض توظيف الدين لهدم حقوق الأقليات.
وقد عرف حضور أزيد من 300 شخصية من علماء المسلمين والطوائف الدينية والأديان. عبر العالم، وممثلي أكثر من 120 دولة من أجل التصدي للمسات والعوامل التي تؤدي إلى التطرف بكل أشكاله.

بالإضافة إلى المنتدى العالمي حول دور القادة الدينيين في محاربة الإرهاب والعنف والكراهية يوم الخميس 23 و24 أبريل 2015 بمدينة فاس بشراكة وتعاون وتنسيق بين الرابطة المحمدية للعلماء والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار الديني والثقافي، ويهدف هذا الملتقى الدولي إلى مواجهة خطابات التحريض على الكراهية، ووضع خطة عمل تتضمن آليات لمكافحة خطاب التحريض على العنف، مع العمل على تأسيس شبكة القادة الدينيين لإرساء السلم داخل مجتمعاتهم، وكذلك بناء إستراتيجيات، وبلورة الإجراءات الإستباقية للتصدي والوقاية من حدوث جرائم الإبادة الجماعية، كما يهدف الملتقي إلى العمل على إعداد دليل لتدريس القادة الدينيين في مواد تتعلق بكيفية محاربة جرائم الإبادة الجماعية وحوار الأدبيات وتعزيز أليات التسامح والمصالحة ونبذ النزاعات الإثنية والطائفية.
وتأكيدا على دور المغرب في نشر قيم التسامح والتعايش سواء بوضع تجربته في محاربة الفكر المتطرف ورهن إشارة المنتظم الدولي، وهذا ما تأكد بنيويورك حيث عقدت جلسة بالأمم المتحدة “حول موضوع التجربة المغربية في ميدان محاربة الإرهاب ” في إطار الجلسات التي نظمتها لجنة مكافحة الإرهاب التابعة للمجلس الأمن الدولي.

وقد أكد وزير الأوقاف على أن هناك ثلاث جوانب تسد الطريق على الإرهاب من أهمها:
-عنصر المشروعية المبني على الإصلاح والعمل وفق الثوابت الدينية، ورعاية للبعد الروحي للإسلام المعروف بالتصوف، لأن المغرب له توابث مشتركة بينه وبين بلدان غربي إفريقيا، بالإضافة إلى وجود سلطة علمية تتولى إصدار الفتاوي وتأويل النصوص، وكذا التأطير على صعيد الخدمات الدينية.
هذه هي أهم ملامح سياسة تدبير الشأن الديني التي يخططها أمير المؤمنين وهي سياسة طبيعية نابعة من التاريخ والثقافة والواقع ليس مجرد فعل على الإرهاب.
وإستمرارا في دعوة المملكة المغربية بتنسيق مع جل الدول وذلك تفعيلا لمقاربة التعاون الدولي كآلية في تجفيف منابع الفكر المتطرف والإرهاب، نظم المغرب ندوة دولية بالرباط حول ” حظر الدعوة إلى الكراهية ” والتي عرفت حضورا مكثفا من وزراء وقادة حسنيين ومسلمين ويهود ومسيحيين من مختلف الدول من أجل تكريس وتأكيد على أن الأديان كلها جاءت بنقيض الكراهية والعنف، بالمقابل هدفها هونشر السلام والتعايش والمحبة فمن شأن هذه المنتديات والندوات في المحافل الدولية أن تظهر سماحة الإسلام، والحكامة الدينية التي يتوفر عليها المغرب كمرجع وطني وحتى دولي مساعد للجميع من تجربته في المجال الديني.، كما يتولى المغرب الرئاسة المشتركة مع كندا المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب في ولاية منذ 2016 تم تمديدها حتى شتنبر 2022.
كما أيد المجتمع الدولي اختيار المملكة كعضو لجنة الامم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية للفترة 2021-2022

سابعا: المقاربة السوسيوثقافية
تمثل الثقافة بصورة عامة أحمد أبرز السمات المميزة للمجتمعات، حيث أن لكل مجتمع من المجتمعات البشرية إطاره الثقافي الذي يميزه عن المجتمعات الأخرى، فالسلوك الذي يكون مقبولا في مجتمع ما قد لا يكون مقبولا في مجتمع آخر،ومع تعدد وتنوع الثقافات من مجتمع الى آخر، فإنها قد تتنوع داخل المجتمع الواحد، إن الحصول على الثقافة الأمنية في الحياة مطلب مهم لأن الانسان يواجه في حياته سلبيات وايجابيات، أذا كان لديه رصيد من الثقافة الأمنية، فإنه يستطيع أن يتكيف ويتفاعل مع ظروف ومتطلبات الحياة بمختلف المجالات،وبالتالي، القدرة على التغلب على المشكلات التي تواجه بالفكر والوعي الأمني، كما أن للفرد في المجتمع دور في الوقاية من ثقافة التطرف من خلال تفكيره السليم ووعيه الأمني وقناعته بمسؤولية وقاية نفسه ومجتمعا من خطر هذه الثقافة.

حيث ان الفكر المتطرف ينموفي ثقافة منغلقة ترفض الحوار،وتسعى لفرض منطقها بالقوة، وتسيء استغلال تفسير النصوص الشرعية في إباحة تطرفها وفكرها المتطرف،وذلك بنشر المفاهيم الثقافية الواقية من ثقافة الفكر المتطرف من أهم وسائل تهيئة البيئة المناوئة للفكر المتطرف والرافض لما سينتج عنه من إرهاب.
ولا ننسى توفير الأمن المعرفي الذي يدخل في صلب المقاربة الثقافية لمحاربة الفكر التطرفي.
إن توفير المعرفة وبنياتها التحتية واللازمة، ستجعل المقاربة الأمنية تتحسن،وسيخفف العبء عن رجال الأمن، لكنهم لا يمكن أن يلاموا في ظل غياب سند قوي مكمل وهوالأمن المعرفي، فبدون توفير المكتبات ونشر المعرفة،ووقف التسطيح الثقافي في الإعلام، لا يمكن أن نحقق الأمن الكامل.
ولهذا فالدولة بدأت تفطن على أن المقاربة الأمنية أوالدينية ليس حلا “فريدا” في تطويق التطرف الديني والإرهابي،فاعتمدت على مجموعة من المقاربات، أوما يسمى المقاربة المندمجة والمكملة.

ومن بين هذه المقاربات نجد مقاربة جديدة، وهي المقاربة السوسيوثقافية التي تعتمد على المفكرين والباحثين الأكادميين، من أجل إحتواء الأفكار الهدامة والمتزمتة، وهذا ما أكده رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية حيث إعتبر أن ظاهرة الإرهاب تمت معالجتها أمنيا لكنها تعتمد على مقاربة إيديولوجية وهي لايمكن احتواؤها إلا من طرف الأكادميين والمفكرين، الذين يجب أن يعوا الرسالة المنوطة بهم والتي تتمثل في محاربة جميع أنواع الأفكار المتطرفة.
وأكد رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية عن الدور الفعال الذي يمكن للمفكر والمثقف أن يسديه، حيث أن المقاربة الأمنية رغم تفوقها، من خلال إحباط العديد من الخلايا، فهي تبقى قاصرة في غياب دور المفكر والمثقف في عملية الإستقطاب المضاد كما هوالشأن في بلجيكا وفرنسا.
وقد أكد الدكتور “المختار بنعبدلاوي” أنه قد يكون التحصين الأمني أمرا مهما في مثل هذه الوضعيات، ولكن التحصين الثقافي يبقى هوالأهم، وبصورة خاصة تفعيل مجالات ومؤسسات الإدماج الإجتماعي، وربط الترقية الإجتماعية والسياسية بالكفاءة والإستحقاق.
وفي إتجاه أخر شدد “عبد الرحيم العلام” أستاذ العلوم السياسية على أن المقاربة الثقافية لظاهرة التطرف الديني والإرهاب، تحتاج إلى مثقف يتمتع باستقلالية، واعتبر أن المثقف في المغرب يمكن أن يكون فاعلا ومؤثرا إذا توفرت العديد من الشروط أهمها :
إستقلال المثقف من ضيق الادلوجة إلى سلوك طريق المجتمع والتاريخ.
توفر الدولة للمثقف الحصانة لأداء وظيفته على أحسن ما يرام.

وفي اتجاه أخر حول دور المقاربة الثقافية كآلية لاحتواء التطرف بدل المقاربة الأمنية يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي “ادريس بنيعقوب”،فالمثقف له نظرة تواصلية في شتى الحقول المعرفية حيث يقوم بعملية تواصل أفقي مع المثقفين ومع أفراد المجتمع، كما أنه يمتلك نظرة إستباقية وذوحس استباقي من خلال تتبع مسارات الأفكار عبر العالم، لأن التطرف ليس سلوكا دينيا صرفا وإنما هوظاهرة بشرية تشمل الفكر والثقافة البشرية.

وبالتالي، فالدولة شرعت في إقحام بعض المفكرين والباحثين الأكاديميين كمستشارين في ملفات الإرهاب، وخصوصا في ظل انفتاح المؤسسات الأمنية على الرأي العام والمجتمع المدني، وتعالت مطالب الأمنيين في ضرورة إنخراط المثقفين والأكاديميين في العمل على القضاء على ظاهرة التطرف الديني والمؤدي إلى الإرهاب لذلك أصبحنا نرى المفكرين والباحثين الأكاديميين يقومون بتحليل الأحداث الأمنية والدينية، سواء في المناطق العربية أوالإفريقية والدولية، وذلك لوضع نظرة المفكرين والباحثين الأكاديميين كمقاربة ثقافية من شأنها أن تعمل إستباقيا على تحديد مكامن الخللإ من خلال الدراسة السيوسيولوجية والسوسيوثقافية لكل منطقة حسب العادات والأعراف، لإحتواء التطرف والإرهاب في مهده قبل أن يتحول من فكر إلى ممارسة وتنفيذ، و نشر ثقافة الحوار وثقافة الفكر الديني المعتدل،وثقافة الإنتماء الوطني،وثقافة التسامح والتعايش السلمي، وثقافة إحترام حقوق الإنسان والإلتزام بها كوسائل فعالة لمحاربة الفكر المتطرف.

من خلال هذه الورقة الموجزة حول المقاربات المندمجة في تدبير الحقل الديني كفلسفة جديدة وهندسة ترابية تحدد معالم سياسة دينية يمكن أن نعتبرها تتوفر على أهم مبادئ الحكامة الدينية والمدعومة بما هو أمني-حقوقي، اجتماعي، اقتصادي، ثقافي، دبلوماسي-دولي، صحي.
ولا ننسى الدول الرائد لإمارة المؤمنين بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله كصمام أمان للدولة الوطنية وكمرجعية تجسد بناء مجتمع عالمي يسوده التسامح والانفتاح والاستقرار وفق مقاربة شمولية رائدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
– محمد الرزرازي و آخرون : ” الكتاب الأبيض عن الإرهاب في المغرب ” منشورات الفريق الدولي للدراسات الإقليمية و الأقاليم الصاعدة – طوكيو 2015 الصفحة 301
– نبيل بلعطار : ” تدبير الحقل الديني في حاجة إلى حكامة دينية” مجلة رهانات العدد 32 /2015 ص 8
– ملك الإجماع الروحي : 1999 -2015 مطبعة اديال الدار البيضاء – الطبعة الأولى غشت 2015 –الصفحة 119
– محمد الرحماني ” المقاربة المندمجة لإصلاح و تأهيل الحقل الديني بالمغرب ” مجلة الشرطة العدد 18 بتاريخ غشت 2016 ص 38-39
– مصطفى الرزرازي و اخرون : الكتاب الأبيض عن الإرهاب في المغرب منشورات الفريق الدولي للدراسات الإقليمية و الأقاليم الصاعدة – طوكيو – 2015 الطبعة الأولى 2015 ص 309
3 – انظر الرابط الالكتروني https//hespress.phas463 GNIE الثلاثاء 13 يونيو 2023.
– Le matin .ma « « omar hilale », ambassadeur du maroc a l’onu « le maroc expose son approche eu matiére de lutte contre le terrorisme 20 jauary 2015

– أشغال المنتدى الاسباني المغربي للأمن و مكافحة الإرهاب الذي إنعقد بالدار البيضاء بتاريخ 20-21/05/2017.
– محمد ظريف ” الحقل الديني المغربي ، ثلاثية السياسة والتدين والأمن ” منشورات المجلة المغربية لعلم الإجتماع السياسي مطبعة المعارف الجديدة الطبعة الأولى نونبر 2017 ص 219-220
– الكتاب الأبيض عن الإرهاب بالمغرب منشورات الفريق الدولي للدراسات الإقليمية و الأقاليم الصاعدة طوكيو الطبعة الأولى 2015 ص 309
– طارق أتلاتي “المبادرة الوطنية للتنمية أزمة إستراتيجية أم أزمة حكامة” مسالك (الفكر و السياسة و الإقتصاد) عدد مزدوج 9-10-2009/مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2009 ص 24
-Souad rajab « analyse du système de décision de l’INDH. Massalik N° 9/10/2009 imprimerie najah el jadida 2009 –
-من العروض المقدمة من طرف طلبة خلية ماسترالحكامة و إعداد التراب في مادة الحكامة الترابية السنة الجامعية 2010/2011
وكذلك:
-Exposé sous titre : la gouvernance de systeme de la decision de l’ndh : réalisé par : nabil belattar .organisé par mastre gouvernance et aménagement du teritoire la facute de léttres et sciences humanes en 2010
– زكرياء الكداني ” باحث في التنمية المحلية بكلية الحقوق المحمدية ” ” الجهوية وآفاق التنمية ” مسالك العدد 17/18 عنوان العدد – الجهوية بالمغرب – المسار – الرهانات و الآفاق – سنة 2011 ص 38
– نبيل بلعطار ” الجهوية المتقدمة : آلية داعمة لمقترح الحكم الذاتي و تقوية الديبلوماسية المغربية ” مجلة رهانات 2016 العدد 38 – طباعة دريم ص 44
-للتعرف على التطور الإصلاحي للصحافة والإعلان بالمغرب أنظر :
علي كريمي ” مسار إصلاح قوانين الإعلام و الإتصال بالمغرب ” مجلة رهانات العدد 33 – 2015 الصفحات 26 إلى 29
– محمد زين الدين ” السلطة و نظام الحكم في دستور 2011 ” . مسالك العدد 19/20 مطبعة النجاح الجديدة 2009 ص 26/27

– ادريس اليزمي ” إصلاح السلطة القضائية في ضوء الدستور الجديد و المعاير الدولية ” منشورات المجلس الوطني لحقوق الإنسان في سلسلة الندوات ( ندوة علمية – الرباط – 21 – مارس 2012 ص – 07/08 . مطبعة المعاريف الجديدة الرباط 2012
-ظهير شريف رقم 19 . 11 . 1 صادر في 25 ربيع الأول 1432 ( فاتح مارس 2011 ) بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، ج ر عدد 5922 ، بتاريخ 27 ربيع الأول 1432 ( 3 مارس 2011 ) ص 547
-فاطمة لوريني ” مؤسسة المجلس الوطني بين منزلتين ” مجلة عدالة عدد 610 أبريل 2011 ، ص 37
-كريم لحرش ” مؤسسات الحكامة الجيدة في ضوء الدستور الجديد للمملكة المغربية ” منشورات سلسلة اللامركزية و الإدارة الترابية . طوب برس – الرباط ، الطبعة الأولى 2013 العدد 20 ص 13
-أحمد أيت طالب ” الحكامة الأمنية و حقوق الإنسان ” مجلة الشرطة العدد 18/19 . يوليوز غشت 2006 الصفحة 24
-للمزيد من التعرف على دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول تفعيل ضوابط الحكامة الأمنية كإستراتيجية لمحاربة التطرف أنظر :
_ قرار رقم 30/15 للمجلس الوطني لحقوق الإنسان – البعثة الدائمة للمملكة المغربية بجنيف بمناسبة إستعراض تجربة المملكة المغربية في محاربة التطرف العنيف
– راجع محمد أتركين ” الإنتقال الديموقراطي و الدستور في المغرب ، قراءة في فرضية تأسيس القانون الدستوري للإنتقال الديموقراطي بالمغرب ” أطروحة لنيل الدكتوراه في علم السياسة جامعة الحسن الثاني ، كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية بالدار البيضاء 2003 – 2004 ص 56
-zakaria abou ddahab « la gouvernance sécuritaire entre la consécration constitutionnelle et la mise en œuvre , publié par edition kourad – adenaure – stiftunge e v . 2013
-meme reference
– نبيل بلعطار ” الحقل الديني وأزمة كوفيد19 أي علاقة؟ ” على الموقع WWW.dinpress.net بتاريخ 21 ماي2021.
– القحطاني خالد بن مبارك القروي ، “التعاون الأمني الدولي ودوره في مواجهة الجريمة المنظمة عبر الوطنية “. أطروحة دكتوراه قسم فلسفة العلوم الأمنية . جامعة نايف للعلوم الأمنية . الرياض 2006 ص 37
-القحطاني فالح مفلح ” دور التعاون الدولي لمكافحة تهريب المخدرات عبر البحار”، رسالة ماجيستير ، قسم علوم الشرطة جامعة نايف العلوم الأمنية 2008 ص 21
.-للمزيد من التعرف على مبادئ التعاون الدولي الأساسية لمكافحة الإرهاب أنظر : دليل التعاون الدولي في المسائل الجنائية لمكافحة الإرهاب ” مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات و الجريمة فيينا – الامم المتحدة, نيويورك 2009.
– الإتفاقية العربية لمنع و مكافحة الارهاب المنعقدة بتاريخ 22/04/1998 بالقاهرة و التي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 07 ماي 1999.
– المادة الثالثة من نفس الإتفاقية.
– د: باخويةدريس جرائمالإرهابفيدولالمغربالعربي تونس, الجزائر, والمغربأنموذجًا كليةالحقوقوالعلومالسياسية جامعةأدرارالجزائر ص 109
– الكتاب الأبيض عن الإرهلب في المغرب ” الفصل الخامس دور محوري للمغرب في الوقاية من الإرهاب العالمي ” منشورات الفريق الدولي للدراسات الإقليمية و الأقاليم الصاعدة . طوكيو الطبعة الأولى 2015 الصفحة 291
– أبو بكر سبيك ” الأمن و الإرهاب تعاون إقليمي و أبعاد عابرة للحدود مجلة الشرطة العدد 40 ماي 2008 ص 37
– لرصد التعاون الدولي بين المغرب و شركائه بالتفصيل : أنظر : الكتاب الأبيض عن الإرهاب في المغرب، منشورات الفريق الدولي للدراسات الإقليمية و الأقاليم الصاعدة – الطبعة الأولى طوكيو 2015 – الصفحات من 292 إلى 300.
– ظريف محمد، “الحقل الديني المغربي: ثلاثية السياسة والتدين والأمن”، منشورات المجلة المغربية لعلم الإجتماع السياسي، الطبعة الأولى – نونبر 2017 ص 185.
– helema STG LIANOU CHRISTIDIS « les droits de l’homme et la lutte contre le terrorisme » mémoire de recherche pour l’obtention du diplôme d’université des 3eme cycle « droits fondamentaux – université de Nantes – université paris II PANTHEON ASSAS – année universitaire 2002/2003 P de 43 a 46.
– عبد المجيد الحلاوي : أستاذ مادة الشرطة القضائية ، بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة – الدورة التدريبية ” مكافحة الجرائم الإرهابية المعلوماتية و أهمية التعاون العربي و مكافحة جرائم الإرهاب ” خلال الفترة من 11-10/3/1437 هـ الموافق ل 2006 م
– الرسالة السامية لصاحب الجلالة إلى المشاركين في المؤتمر حول حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية ” تلاها وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية بمراكش 27/01/2016
-للمزيد من التعرف على أشغال المنتدى الدولي حول ” دور القادة الدينيين في منع التحريض الذي من شأنه أن يؤدي إلى الجرائم الوحشية ” أنظر أحمد عبادي بالموقع الإلكتروني للرابطة المحمدية للعلماء www.arabita.maتمت زيارة الموقع بتاريخ 17 فبراير 2017
– الندوة الدولية حول تتبع خطة عمل الرباط بشأن حظر الدعوة إلى الكرهية نظمت من طرف وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والمنعقدة يومي 6 و 7 دجنبر 2017 بفندق حسان الرباط
-أحمد التوفيق في ندوة صحفية بالأمم المتحدة حول ” التجربة المغربية ومحاربة الإرهاب بتاريخ 30 شتنبر 2014
– عبد الله بن محمد العمري ” دور الثقافة الأمنية في الوقاية من الفكر المتطرف في المجتمع السعودي ” رسالة ماجيستر بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية – الرياض – السنة الجامعية 2014 ص 2
– نفس المرجع السابقص 76.
– يوسف بن الغياتية :” إرساء الأمن المعرفي سبيل لتجفيف منابع التطرف” جريدة هيسبريس الإلكترونية www.hespress.ma بتاريخ 11 أبريل 2016. تمت زيارة الموقع 11 أبريل 2017.
– الدكتور المختار بنعبدلاوي أستاذ الفلسفة السياسية بكلية الآداب الانسانية بالمحمدية “تدبير الشأن الديني في المجال العام ودور المثقف في تكريس ثقافة المؤسسة ” مجلة رهانات العدد 32 الصفحة الرابعة 2015
– نورالدين لشهب ” إنخراط المثقف المغربي في محاربة الإرهاب ” جريدة هسبريس الإلكترونيةwww.hespress.com
بتاريخ 13 مارس 2017 . تمت زيارة الموقع 20 مارس 2017
– عبد الله بن محمد العمري ” دور الثقافة الأمنية في الوقاية من الفكر المتطرف في المجتمع السعودي ” رسالة ماجيستر بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية – الرياض – السنة الجامعية 2014 الصفحات : 99 الى 109.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.