أحمد جاويد ـ کابل، أفغانستان
رحب ‘سراج الدين حقاني ‘ المخطط والئائب السياسي لوزارة الداخلية بأفغانستان خلال لقاءه السفير الياباني ‘تاکاشي أوکادا ‘ في العاصمة کابل بقرار دولة اليابان بافتتاح سفارتها في أفغانستان واستئناف أعمالها الديبلوماسية من جديد.
ووصف مثل هذا الإقدام من جانب دولة اليابان بأنه خطوة أولية ناجحة في إطار تحسين وتقوية روابط الصداقة والإحترام المتبادل بين البلدين. کما تعهد النائب السياسي بتوفير الظروف الأمنية اللازمة والمساعدة للمسٶولين الديبلوماسيين والعاملين في السفارة حتى يتسنى لهم مباشرة مهامهم. ومن جهته، تعهد السفير الياباني أن بلاده ستواصل حمايتها ودعمها للشعب الأفغاني.
وقد صرح وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي أن السفارة اليابانية ستبدأ مهامها رسميا بعد سنة، وأن فعالياتها ستکون الآن محدودة وأنه سيکتفي بهذا العدد القليل لإدارة السفارة لعدم استکمال شروط الإستقرار الأمني. ولم يوضح الوزير المقصود من وراء ‘أعمال محدودة’، لکن الذي يستنتح من خلال تقارير أخرى أن دولة اليابان قد اکتفت بإرسال عدد قليل من المسٶولين لمباشرة الإنطلاقة الدبلوماسية الإستکشافية إلى حين بداية التعلقات الديبلوماسية الرسمية مجددا نظرا للتقلبات الأمنية المحتملة التي تهدد البلاد.
وللذکر، فإن اليابان لم تنس بعد مقتل الدکتور الياباني تيتسو ناکامورا البالغ من العمر 73 سنة، ورئيس مٶسسة “پي ام سي” للخدمات الإنسانية التي کثفت مشاريعها في الولايات الشرقية ‘ننجرهار’ و ‘کنر’ ، حيث لقي مصرعه، کحفر الآبار وإنشاء جداول و قنوات مياه الري ومنظومات لمياه الشرب تفي بحاجيات کثير من المناطق، وبناء مسجدين ومستشفيين صحيين. و إلى جانب ذلک فقد کان مسٶولا عن روابط الصداقة بين البلدين. وکان يشارک العمال في أعمالهم. وقد اتهمت الحکومة السابقة آنذاک تضلع الأيدي الباکستانية وراء الإعتداء على الدکتور ناکامورا بصحبة خمسة من معاوينه الأفغان سنة 2018م . هذا وقد جاء على لسان السفير الياباني الترکيز على استکمال مشاريع الدکتور ناکامورا الفقيد .
ومن المٶکد أن اليابان على استعداد تحيطه المخاوف لتعامل جديد مع مثل تلک الأوضاع اللاأمنية خاصة إذا کان الإرهاب هنا خارجيا. فهذا القرار الياباني يعد في حد ذاته مغامرة وخيارا صعبا ويحدد أيضا معنى أهداف تصريح الوزير، وامتحانا جديدا تواجهه حرکة طالبان لإثبات مدى قدراتها التجسسية على التحکم في مستقبل البلد.
وللتذکير فاليابان کانت أغلقت سفارتها بعد خروج قوات المتحدين من أفغانستان وسقوط النظام الجمهوري، وأبعدت مسٶوليها الديبلوماسيين الى دولة قطر لمواصلة أعمالهم مٶقتا من هناک.
عدد من الخبراء السياسيين في الداخل شارکوا النائب السياسي للداخلية الترحيب بهذه الخطوة الطيبة من دولة اليابان. کما عبروا عن ضرورة تقوية الروابط الديبلوماسية مع الدول الأخرى بفتح سفاراتها أيضا في کابل. وبعضهم أکد على أهمية الروابط الأفغانية-الدولة والدولية-الأفغانية، فلا أفغانستان تستطيع العيش في انزواء عن العالم ولا العالم يستطيع التخلي والإستغناء عنها للواقع الجغرافي الذي تتميز به في وسط آسيا.
ففي الوقت الذي لم تعترف دولة واحدة رسميا بحکومة طالبان إلا أن بعض الدول مازالت أبواب سفاراتها مفتوحة کالصين، روسيا، باکستان، ايران، قطر، ترکيا و دول أخرى.
عملية افتتاح سفارتين داخل بلدين عملية مشروعة للصداقة وتوطيد التعاون بين شعبين في مختلف الميادين. لکن الأمر يختلف هنا، إذ أنها غير مشروعة يواجه المشرفون عليها عقوبات دولية حددتها الإدارة الأمريکية. هذا هو عين تفکير العالم اليوم. فماذا يجرى؟ لماذا لم تقدم دول أخرى وبهذه الجرأة على العمل نفسه مع ما لديها من الرغبة الشديدة في ذلک کبعض الدول الاسلامية وغيرها.
هذا و لا يخفى ما لهذا القرار الياباني من انعکاسات ايجابية في الوسطين الروسي والصيني. إذ سيعتبران ذلک کلمة حق أمام الطغيان الإمبريالي العالمي. فهل تکون کابل حقا مخرجا لليابان من التصعيد الأوکراني ومنطلقا لتغيير نواياها الاستراتيجية اليابانية مستقبلا تجاه جاراتها في المنطقة وتجاه الحلفاء. و کيف سيواجه القرار الأفغاني المعاکس والمرتقب و هو افتتاح السفارة الأفغانية في طوکيو استنادا إلى منشور في الأمم المتحدة ينص على أنه إذا افتتحت دولة سفارتها في دولة ثانية وأرسلت مسٶوليها الديبلوماسيين إليها فيلزمها قبول افتتاح سفارة تلک الدولة المقابلة و قبول ديبلوماسييها في بلدها.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=18965