21 يونيو 2025 / 22:31

قراءة في السلوك الإيراني على ضوء الشخصية الفارسية

علي البلوي

لا يمكن فهم السياسة وفهم السلوك الإيراني الجاري دون الولوج لعمق السيكولوجية الفارسية، ولعل اهم مشكلات الشخصية تاريخيا القلق والخوف من الاندثار ولهذا فهي مسكونه دائما بروح البقاء، ومن يكون مسكونا بالبقاء فهو حتما لا يذهب الى التضحية وصناعة الأسطورة وعليه يعني ان هناك نهايات لكل عمل أو حدث او سياسة وهناك تفاهم وصفقه.

لكن اللغة الفارسية لغة جلجلة وصخب وفروسية وهناك فروقات كبيرة بين الخطاب والبقاء، لذا لا يمكن التعويل كثيرا على التصريحات، كما أن الشخصية الفارسية تهوى المحافظة على الذات والأسرة والمكان وشخصية لا ترغب في التغيير بقدر ميلها ورغبتها في السكون وهو من مضادات القلق والاكتئاب التاريخي فرضته الجيوسياسية الفارسية.

وعليه تفضل إيران المغامرة والمقامرة المحسوبة في الخارج وتعارضها في الداخل، لأن القلق الفارسي له أصوله التاريخية فهناك في مستودع السر الفارسي قول مأثور تجمعنا الروح وتفرقنا الخلافات، ولذا كان الفرس يخشون التماهي مع الاخر، يرفضون التداخل والغوص وهذا صنع لديهم هاجسًا من الاخر، لأنهم يخشون الذوبان فيه، ولهذا صنعوا هويتهم المذهبية وبالغوا في أيرنة التدين وتفريسه.

وعليه فإن العقل الايراني الذي يرفض الانتحار يقبل المساومة ولأنه شخصية معقدة ومركبة، فإنه مؤمن دائما بتعدد الخيارات والبدائل وعليه في أي مواجهة كانت فإن لديه خيارات وبدائل ويسميها الخامنئي التنازلات والمرونة البطولية لحفظ الذات.

عندما تحارب إيران، فإنها تحارب لأجل ألا تنتحر ولا تصل إلى هذه المرحلة. تحارب وفي يدها الأخرى غص زيتون تغري فيه وفي إمكانية الحوار والسلام والتنازل أيضا، ولديها لغة تعظم من خلالها مطالبها رغم أن العقل الفارسي لديه قدرة على الفصل بين ما يعتقد بضرورته عن المتطلبات الشعبوية التي نراها سائدة.

قد توقع إيران اتفاقًا مع أمريكا وربما هدنه مع إسرائيل، ولكن على الأرجح، سيكون هذا بسيناريوهات فارسية ومسرح فارسي وإخراج إيراني وبلغة ثورية ومذهبية لأن هذا من متطلبات التسويق والرغبة في الحضور وعدم التواري.