هل يجوز التصدق من الأموال المغصوبة في القانون الدولي؟

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس17 سبتمبر 2022آخر تحديث : السبت 17 سبتمبر 2022 - 6:35 صباحًا
هل يجوز التصدق من الأموال المغصوبة في القانون الدولي؟

أحمد جاويد، کابل ـ أفغانستان
بعد الفشل الذي برمج للمحادثات بين ا”لإمارة الاسلامية” والولايات المتحدة بخصوص الأموال الأفغانية المغصوبة، والتي تقدر بسبعة مليارات دولار بدل المبلغ الحقيقي والذي يقدر بتسعة مليارات دولار، توصلت الأخيرة الى اصدار قرار شيطاني مفاده تسيلم نصف المبلغ الى أسر ضحايا حادث أوکلاهوما، أما النصف الآخر وقيمته ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار فسيتم تحويله الى صندوق مالي باسم أفغانستان ببنک سويسرا.

کما أعلنت عن قائمة تضم أسماء أربعة خبراء اقتصاديين دوليين متخصصين ستوکل إليهم – تحت اشراف هيئة الأمم المتحدة – مهمة صرف هذه الأموال في الخدمات الانسانية والمشاريع الخيرية. وتشمل هذه القائمة خبيرا أمريکيا وآخر سويسريا سيحصلان على راتبيهما من حکمومتيهما، وخبيرين أفغانيي الأصل متجنسين أمريکيا سيحصلون على معاشيهما من هذه الأموال المغصوبة أحدهما “آنور الحق أحادي” الذي شغل منصب وزير المالية سابقا، منحرف فکريا، وعزل من منصبه بسبب فساد ادارته، وثانيهما “شاه محمود محرابي” عضو سابق في الشورى العليا للبنک المرکزي في کابل.

وسيمنحون الصلاحية الکاملة عند أداء مهامهم. ومن بين المشاريع التي أعلن عنها ضمن هذا البرنامج مشروع شراء الکهرباء من دول الشمال طاجکستان وازبکستان. هذا وأکدت أمريکا أن هذه الأموال لن تسلمها بحال من الأحوال الى بنک أفغانستان لأنه تحت قيد الإرهابيين.

ومن جهتها عارضت الإمارة الاسلامية وعدد غفير من المسٶولين والسياسيين داخليا وخارجيا قرار أمريکا هذا ووصفوه بالجفاء في حق الشعب الأفغاني وأنه تصرف غير معقول وجرم غير مغفور. وأن الهدف من هذا الشغب عرقلة مشاريع التنمية الاقتصادية للبلد وإدامة لتأزم الأوضاع فيه وتوجيه ضربة موجعة للعملة المحلية. کما أکدوا أن هذه الأموال حق للشعب وهو المسٶول الوحيد عن تقرير مصيرها. کما شککوا في شفافية هذا القرار وفي صلاحية الخبراء المنتخبين. وقال أحد المشفقين ان مثل هذا الاقدام يعتبر تشويها بالديموقرطية. ولقد هددت الإمارة وتوعدت کل من تسول له نفسه المشارکة أو التعاون مع أمريکا في تنفيذ هذا القرار.

کما نددت روسيا والصين بدورهما بهذا القرار الأمريکي غير المعقول في حق الشعب الأفغاني ووصفوه بالعدوان وأکدوا على تسليم الأموال لأصحابها لا لبنوک سويسرا. وتجيء هذه التصريحات الاستفزازية الباردة ليس تضامنا مع المسلمين کما يظن البعض ولکن تشويها وبالامبرياليين والديموقراطيين الغربيين في العالم الشيوعي عامة وفي الأوساط الأوکرانية خاصة. وانها لفرصة استدرجت اليها أمريکا لطالما انتظرتها روسيا وأتعبت نفسها لإقناع شعوب العالم بأن الديموقراطية الغربية انما هي سحر شيطاني اخترع في الکنيسة الکاثوليکية لنهب أموال الشعوب..

إن إدارة بايدن وأسر الضحايا أصابهم قليل من الخجل أمام المجتمع الدولي بل وأمام أنفسهم أن يستولوا على الأموال کلها فأقنعوا أنفسهم بأنفسهم بالتصدق بنصف المال على شکل مشاريع خيرية يصلهم ثوابها و لعل من المسلمين من يتنصر ويهديه اليسوع عليه السلام وينضم الينا فيرضى عنا. وهذا القرار من بايدن لم يتخذ في البيت الأبيض وانما في الکنيسة الکاثوليکية.

نعم هذا هو القانون الدولي الذي يصدر في المسألة الواحدة عدة أحکام ويسمح فيه للحاکم في الحالات الخاصة أن يلعب دور المجنون لأنه سيعذر بجنونه. لقد أصدرت محکمة العدل الفدرالية سابقا حکما ببراءة الشعب الأفغاني من أحداث سبتمبر وأنه لم يکن ضمن مرتکبي الهجوم أفغاني واحد منهم. وحتى لو فرضنا أن لأحدهم اشتراک فهو وحده الذي سيواجه العقوبة لا الشعب بأکمله.

واننا لم نسمع حتى الآن في أوروبا أو في غيرها أن شخصا مصريا قام بجريمة قتل فأصدر القاضي، بغض النظر عن معتقده، أمرا بإحضار کل المصريين ليشملهم حکم الاعدام. هذا لا يصلح فعله و لا يصح في العقل. ولو کان کذلک لما بقي مصري حيا حتى يومنا هذا على کوکب الأرض. الا أن يکون جن القاضي فسنضطر حينئذ الى فحصه قبل فحص حکمه.

ولمزيد من التوضيح: لماذا لا تحاکم أمريکا الشعب السعودي أو المصري لأن أسامة بن لادن سعودي ولأن أيمن الظواهري مصري؟ ثم لماذا تحاکم الشعب الأفغاني والحال أن هٶلاء ليسوا أفغانا؟ لماذا يتسلم الخبير الأمريکي راتبه من حکومته في حين يتسلم الخبيران الأمريکيان الآخران ” أحادي” و “محرابي” راتبيهما من صدقة ضحايا سبتمبر؟

ولا يخفى على أحد ما في ذلک من التفاهة والإذلال حتى للعملاء. هل رأيت قانونا يحول الأمانة الى صدقة؟ بمعنى أسهل: هل رأيت قانونا يجعل ملکيتک الشرعية صدقة يتصدق الغاصب لها عليک بنصفها ويوکل لتسليمک هذه الصدقة من لا يوثق بدينه وأمانته؟ بالتأکيد لا. اذن فأنا وأنت سنتهم بالجنون بدل القاضي.

لهذا يصرح مندوب الأمم المتحدة اليوم بصوت عال وبلا حياء أن الديموقراطية تواجه خطرا کبيرا. ما هو هذا الخطر؟ ارتفاع عدد المجانين. ان مشروع شراء الکهرباء من دول الشمال الذي تصدر المشاريع الصدقية الهادفة لا يفي بحاجيات البلد بل سيجعله دوما في حالة تبعية. البلد في حاجة الى سدود لأن فيه من المياه ما يدمر باکستان بأکملها. زد على ذلک أن ارتفاع مياه السدود الى مستوى أعلى سيرفع من مستوى القطاع الزراعي الى درجة ساحقة أضف الى ذلک المصانع التي تحتاج الى طاقة کهربائية عالية. هذا ما لا تريده الکنيسة بحال.

ان المنهزم من بين المتلاکمين على حلبة الصراع ليتعانق مع خصمه الفائز عليه أمام الجمهور إذلالا لنفسه واحتراما لخصمه ولمجهوده واستحقاقه الفوز. هذا ما کان على أمريکا أن تفعله مقابل خصومها الأفغان. لکن هيهات. لقد أعلنها الرئيس بوش حربا صليبية وستبقى صليبية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.