من سيهزم ليكون الجديد

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس11 أكتوبر 2022آخر تحديث : الثلاثاء 11 أكتوبر 2022 - 6:55 صباحًا
من سيهزم ليكون الجديد

أحمد جاويد ـ کابل، أفغانستان
إن تقرير فلادمير بوتين أمام الجماھير الروسية علی مختلف أعراقها في محفل حکومي تسوده الفرحة العارمة ويضم شخصيات بارزة علی الصعيد الأسيوي والأوروبي ليشبه عرس تولد جديد للإشتراکية المارکسية. بوتين الذي يعد العدو الثاني لأمريکا بعد الإسلام والمسلمين أعلن عن انضمام أربع مقاطعات أوکرانية دونيسک، أوهانسک، خيرسون و زابوريجيا، وللدفاع عنها وحمايتها ستنهج روسيا کل ما تملکه من وسائل کما أغلق الباب أمام المساومة عليها بأي شکل لأنها الآن روسية.

وقد استعمل الرئيس المارکسي أسلوب الغيبة، کسلاح أولي في فضح إخوانه أمام العالم. قال بوتين: إن أمريکا هي البلد الوحيد الذي استعمل السلاح النووي واستهدفت عوام الشعب في اليابان. واليوم نجد أمريکا تمارس النفاق السياسي وتخاطب اليابان وکوريا الجنوبية وألمانيا بعاطفة الصداقة الحميمة والحقيقة أنها محکمة السيطرة عليها محتلة لها.

إن الغربيين قد تجاوزوا کل المکارم الأخلاقية والأسس الدينية. إن دکتاتورية أشراف الغرب وبتعاون مع شعوبهم إعتداء يخالف أديان وتقاليد المجتمعات في العالم. إنه مذهب شيطانية الغرب الذي يهدف إلی قمع حريات الشعوب والتضييق علی حقوقهم بشتی الوسائل. و إن دسيسة تخريب أنابيب الغاز في “نورث ستريم” لخير دليل علی ذلک. في بلدان الهند والهنود الحمر وأفريقيا والصين بلغ ظلمهم أرقاما قياسية. فقد استولت علی أراضيها ونهبت خيرات بلادها، وساهمت في تفشي المخدرات بين أفرادها ومارست التقتيل فيهم وکأنها تصطاد الحيوانات. قال بوتين إن الأرستوقراطية الغربية قامت بجميع هذه الجنايات باسم حمية العدالة و الحرية.

خطاب بوتين خطاب حذى لهجة ثورية لينينية مارکسية محضة کسلاح مدمر للغرب، فهو يعود بنا 100 سنة إلی الوراء ليصور لنا القيام البولشفي بقيادة لينين (المهدوم تمثاله لضرورة الحرب الباردة التي لم تنته بعد) ضد الأنظمة الرأسمالية قبل وبعد الحرب العالمية الأولی. تلک الفترة من التاريخ الإنساني المظلم، فترة الصراع الطبقي.

وفي حکم العقل يعتبر تنظير بوتين و نقده لفضائح الإستراتيجية الغربية منطقيا باعتبار ذلک مخالفا للديموقراطية ورعاية حقوق الإنسان. فهو يقر أن الجمع بين تلک الإنتهاکات المتعددة والمتعمدة للإمبريالية في أزمنة وأماکن مختلفة (مع الإصرار والتمادي في ذلک) وبين التظاهر بتلک القيم والمثل السامية المسماة بأرقی الديموقراطيات والمجتمعات الحرة، هذا التمويه والتناقض يستحيل أن يقبله العقل السليم والفطرة الغير مغشوشة، إلا أن يکون المنتهک مصاب بالجنون الإستعماري يسعی من وراء تلک الدعايات إلی سحر المهدوفين والتوطيد للاستحواذ علی عقولهم وأفهاهم.

وقد أشار بوتين إلى أمثلة حية کافية من الواقع لکشف القناع عن جرائم الغرب ليعضد تنظيره المارکسي ضده وينقلنا جميعا إلى فترة صراع الإمبراطوريات على المصالح المادية والتخطيط لتقسيم العالم والسيطرة عليه. وقد ذهب ضحية هذا الصراع بلاد عديدة اسلامية وغيرها. نعم إن أمتنا الاسلامية عاشت قرنا من الزمن ضحية لهذا الصراع الفوضوي بين طبقتي البرجوازيين والعمال، فنهبت خيراتها وشوه بدينها وتاريخها.

وشهد شاهد من أهلها. فقد شهد علی نفسه بنفسه وجرمها لأن المنهج الاشتراکي قد مارس نفس البشاعة بحق الشعوب الضعيفة وعلى نفس المستوى من الظلم والإضطهاد اللامعقول والقتل العام ودفن الحرية حية لأجل تحقيق الأطماع والتوسع وتضمين المصالح ومنابع الحياة تحت شعار “الموت للامبريالية “.

فقد تناسى بوتين تاريخ أسلافه ولم يحفظ منها إلا تقارير لينين المارکسية. فالغرب والشرق ينظرون إلى حقوق الإنسان من زاوية واحدة عند حفظ مصالحهم. وبغض النظر عمن يقف وراء المنهجين الغربي والشرقي فإن الحرب في أوکرانيا هي ظلم في حق هذا الشعب الذي تذوق مرارة الحياة في الفترة القيصرية ثم البلشفية فهل فعلا يريد أن ينطلق نحو الحرية وتحقيق استقلاله الذاتي. هذا شيء طبيعي وحق مسلم له به، أو يکون المستفيد من الحرب أمريکا وأوروبا لأجل المصالح فهذا سيعطي صورة مشوهة لکفاح هذا الشعب.

إن اختيار زلنسکي وهو شخصية کوميدية مصاب بمرض الشهرة السينمائية، کرجل بطل يدعم ماديا وعسکريا وإعلاميا لتوريطه في تنفيذ قرارات الغرب مهما کان الثمن ويحقق لهم النصر المجاني ضد إمبراطورية الشرق، يعتبر من الأهمية بمکان، إذ سلکت أمريکا نفس الأسلوب من قبل للتدمير والسيطرة في عدة بلدان، فهل سيتجاهل زلنسکي أبعاد المٶامرة التي تحاک ضد بلده وضد روسيا لأن المنتصر الحقيقي هو الطامع في خيرات البلد من قمح وغاز و معادن.

فلماذا هذه الحرب التي ستتعب أمريکا داخليا وخارجيا وحلفاءها وهي مخاطرة قد توٴدي الى تفکک حلف الناطو. إن الصين تمتلک قوة اقتصادية وعسکرية تهدد مستقبل الغرب وتتمتع هذه القوة بحماية قوة عظمی هي روسيا. فرجح الحلفاء قطع رأس الثعبان الذي أتعبهم بدل قطع الذيل الذي لا يمکن بحال السيطرة عليه.

بعد الهزيمة التي حققها الحلفاء في اللعبة الأفغانية التي استدرجوا إليها، اختاروا لأنفسهم لعبة أوکرانيا بدلا من تايوان و کوريا الشمالية، لأنهم لم يتخلصوا بعد من الشبح الفيتنامي. زد على ذلک أنه لا توجد للحلفاء أرضية آسيوية يشنون من خلالها هجماتهم فالطريق مسدودة أمامهم فلا دولة تستطيع المخاطرة بمصيرها حتى باکستان في اتجاه الشرق، بعکس أوکرانيا فهي محادية لأوروبا وقريبة من الشرق الأوسط وخطوط الإمداد متوافرة.

إن أمريکا التي تشعر بخطر مداهم وجدت هذه العوامل تمهد الطريق أمامها وأکسبتها ثقة بالنفس أکثر. فکم هي الفترة الزمنية الکافية لحسم المعرکة. ما مصير أوروبا التي تعشق الحياة أکثر مما تعشق الموت أمام التهديد النووي. هل ستدرک أوروبا أنها الضحية الأولى وما تأثير ذلک على سلامة الناطو الذي يعيش الآن ازدواجية مفرطة هل من المعقول أن يدمر هوٴلاء شعوبهم.
فالمصالح هي الحقيقة کما قالوا في الحرب العالمية. الشعب الأمريکي الذي تربى على الهدوء الرومانسي على حساب الشعوب الأخرى يعيش اليوم بعد واقعة أوکلاهوما حياة ذعر وتأزم غير مألوفة له من قبل، وإلى أي حد سيواصل تأييد إدارته الحاکمة لأن الصراع في المنطقة صراع مصيري للجميع. ماهي حقيقة النازيين الذين تدعمهم أمريکا في أوکرانيا، أليسوا إرهابيين منبوذين. لماذا الترکيز على شبه جزيرة القرم، هل ستلجأ أمريکا يوماً ما لتخاطر بإعلان الجهاد في هذه الجزيرة بعد فشلها في أوکرانيا. ما هي أسس التقارب الجديد الأمريكي ۔ الباکستاني ۔ الأفغاني و هل سيغير من إستراتيجية الحرب في أوکرانيا. إنه جنون بدل الفضيحة، جنون البحث عن القوة التي ستهزم روسيا.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.