الرؤية الإدارية في المساجد: تحديات وأفق للتحول الإيجابي

مصطفى بوهندي
آراء ومواقف
مصطفى بوهندي8 أكتوبر 2023آخر تحديث : الأحد 8 أكتوبر 2023 - 12:51 مساءً
الرؤية الإدارية في المساجد: تحديات وأفق للتحول الإيجابي

*محمد عسيلة
إدارة الشؤون الدينية تتطلب اهتمامًا وتفكيرًا مستمرًا في السياق المعاصر حيث يزداد التعدد والتنوع الثقافي والديني في المجتمعات الأوروبية.

يصطف أمام المسؤولين والقيمين على المساجد في هذا المجال مجموعة من التحديات التي قد تؤثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة في المساجد وعلى الصورة العامة لهذه المؤسسات الدينية.

أحيانًا، يمكن أن يشعر المسؤولون بالضغط والتوتر في بيئات تعمل بشكل هيكلي وإداري قائم على تكرار روتيني يفتقد الى التصورات المنهجية وآليات المتابعة والتجويد، دون وجود توجيهات إدارية واضحة ومحددة سواء من داخل او خارج هذه المؤسسات الدينية العريقة التي نعتبرها المرفأ الآمن والجامع الموحد لمغاربة العالم.

وهذا الغموض في الإدارة او بالاحرى غياب الاحترافية والمهنية في ظل الصراعات والمناورات الداخلية والخارجية من يمين متطرف وماكينة اعلامية تغذي الاسلاموفوبيا، قد تؤدي كل هذه الارتجالية في تدبير بيوت الله إلى اتخاذ قرارات تفتقر للرؤية الاستراتيجية والتخطيط المدروس، مما يسبب عدم التوازن في التعامل مع المصلين والعاملين والشركاء المجتمعيين والمؤسسات الأخرى المتفاعلة مع المسجد، أمنية كانت او سياسية، اجتماعية او ثقافية او كنائسية.

هنا تظهر الحاجة الماسة لرؤية إدارية تدبيرية واضحة وتفكير استراتيجي قائم على المسؤولية والتنظيم والحوكمة. يجب أن تتضمن الرؤية الإدارية مهام تحسين جودة الخدمات الدينية والثقافية والتربوية والاجتماعية المقدمة، بالإضافة إلى تعزيز صورة المساجد كمراكز رئيسية للتعليم والثقافة والتواصل الإنساني في المخيال الأوروبي وحتى لدى المسلمين انفسهم ومنهم شبابنا الذي لا يجد نفسه داخل هذا التدبير المرتجل (بفتح الميم وفتح الجيم).

لتحقيق هذا التحول الإيجابي، يتطلب الأمر في اعتقادي وتصوري استراتيجيات فعالة ومبتكرة لتحسين صورة المساجد وتعزيز دورها مجتمعيا واعلاميا. يجب أن تسير التصرفات والقرارات – التي اعتبرها قرارات محترمة – للمسؤولين الذين يشتغلون بشكل تطوعي في هذا السياق في طريق تحقيق الثقة والاحترافية، مما يجعل المجتمع بكل أطيافه يرى في المساجد ليس فقط أماكن للعبادة، ولكن أيضًا مراكز للتعليم والفكر والحوار الثقافي والإنساني والتأمل ومنارات حياة تبني الانسان وتجعله الفاعل الايجابي في اسرته ومجتمعه.

وفي هذا السياق، يصبح إعادة النظر في الأساليب والعقليات الإدارية أمرًا حتميًا لتحقيق تحسينات مستدامة في إدارة الشؤون الدينية.

فالبرامج التدريبية وورش العمل، إلى جانب تعزيز ثقافة الاحترافية والشفافية، يمكن أن تلعب دورًا حيويًا في تحقيق هذا الهدف. بالإضافة إلى ذلك، يجب تشجيع المبادرات التي تستهدف تطوير مهارات القادة والمسؤولين في المجال الديني، لتمكينهم من التعامل مع التحديات المعاصرة بفعالية وإبداع.

فلتحقيق الرؤية الإدارية الفاعلة في المساجد: تحديات وأفق للتحول الإيجابي كعنوان لهذه المقالة، وفي ظل التحديات المعاصرة التي تواجه إدارة المساجد، تظهر الحاجة الماسة لإعادة النظر في الأساليب والعقليات الإدارية المستخدمة.

إدارة الشؤون الدينية والاجتماعية والثقافية تتطلب تفكيرا استراتيجيا مُحَوْكما واضحا اذا جاز التعبير ومحددا يستند إلى مبادئ التنظيم والمسؤولية والمحاسبة. هذا التفكير المتجدد والمستمر يشمل تحسين جودة الخدمات الدينية، الثقافية، والتربوية المقدمة في المساجد.

تعزيز صورة المساجد كمراكز رئيسية للتعليم والثقافة والتواصل الإنساني يتطلب كما قلت استراتيجيات محددة.

أولاً: تطوير الكفاءات الإدارية وتحفيز المسؤولين على اكتساب مهارات قيادية جديدة وتطويرها من خلال البرامج التدريبية بمنهجية الاوراش هو خطوة أساسية. يمكن للتقنيات الحديثة أيضا أن تقدم أدوات تساعد في تحسين الإدارة والتخطيط والتنظيم داخل المساجد ومنها هذه التقنيات الرقمية التي اصبحت لغة واقعنا وحاضرنا لا يمكن تجاهلها أو شيطنتها.

ثانيًا: تحديد أهداف قابلة للقياس ومؤشرات الأداء التي تتيح تقويم وتقييم الخدمات بشكل دوري ومستمر. كما أن تعزيز التواصل والتفاعل بين المسؤولين وبينهم وبين المجتمع، وبقية لجن التساهل الاخرى مع العمل على إقامة شراكات استراتيجية مع المؤسسات التعليمية والاعلامية والثقافية، يمكن أن يسهم في تحقيق هذه الأهداف.

في هذا الإطار، يجب تعزيز ثقافة الشفافية والاحترافية وإنشاء آليات فعالة للمحاسبة والرقابة. كما يجب تشجيع الابتكار والتجديد في الأساليب والاستراتيجيات المستخدمة, وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للعاملين في المساجد لضمان التعامل بفعالية مع التحديات والضغوط المختلفة.

كما أن تطبيق أساليب التقييم المستمر واستخدام نتائج التقييم بشكل استباقي لتحسين وتطوير الخدمات والأساليب يستحق الاعتبار الجدي.

فمن خلال هذه الاستراتيجيات والمبادرات المستهدفة، يمكن تحقيق تحول إيجابي وطفرة نوعية في إدارة المساجد وضمان توفير خدمات عالية الجودة تلبي احتياجات وتوقعات المجتمع المحلي بشكل أفضل.

وفي هذا نقول كلمتنا هذه رغبة في خدمة بيوت الله ومصالح جاليتنا والوفاء بالعهد لأرواح مغاربة بُناة هذه المساجد وللأحياء ولأجيال حاضرة ولاحقة كي لا يحاسبنا التاريخ على تقصيرنا ولو في قول الكلمة السواء.
وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
ــــــــــ
**استاذ باحث في قضايا الدين والثقافة والهجرة – ألمانيا، استاذ محاضر بالمدرسة العليا للعلوم الاجتماعية التطبيقية بكولونيا، ورئيس جمعية العائلة المغربية للثقافة والشباب

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.