بيروت المنكوبة ونكبة “المثقف” الغارق في المغالطة

أم المغالطات: المقاومة سابقة على العدوان ولولاها ما كان

ادريس عدار
آراء ومواقف
ادريس عدار6 أغسطس 2020آخر تحديث : الخميس 6 أغسطس 2020 - 8:50 صباحًا
بيروت المنكوبة ونكبة “المثقف” الغارق في المغالطة

إدريس عدار
بيروت جرح تتحرش به النصال المتلوفة. تستيقظ المدينة المنكوبة لتحصي الشهداء والمعطوبين والجرحى والذين بلا مأوى فيحدثها “المثقف” المنكوب عن استمتاعه بأغاني فيروس ومارسيل خليفة.
مدينة هي عنوان للعنفوان والمقاومة، والمقاومة لن تحتاج إلى صك غفران من أحد. المقاومة موجودة لأنها أساس الوجود. والمقاومة قدر بلد أراد العدو أن يقتطع منه جزءا ليكون شبه دولة. لكن أفواج الفدائيين أرغمته على العودة وراء الجدران. الفدائيون لا لون لهم ولا طائفة. هم من كل الألوان والطوائف، هم لبنان المتعدد..لبنان الذي لا يجد فيه عالم الدين شرف الدين الموسوي شخصا يأتمنه على بنته سوى المفكر الشيوعي الكبير حسين مروة.

الفدائيون هم المقاومة الوطنية وأبطال الحزب الشيوعي اللبناني وأفواج المقاومة اللبنانية وحزب الله وكل حر حمل السلاح..من عاش عبدا طوال حياته عصي عليه أن يفهم أن عباس الموسوي، كان صديقا لجورج حاوي. أما من امتلأت خياشيمه بدخان المازوت فلن يميز بين حركة مقاومة وبين ملتحين كان يعاقرهم في الجامعة. قبل أن ترفع عقيرتك بشتم الأحرار تخلص من عبوديتك.

قبل أن يتحدث المحققون والعالم عن الفاعل كان المثقف “المنكوب” ينقل مانشيطات الإعلام الغارق في المغالطة. وأم المغالطات: المقاومة سابقة على العدوان ولولاها ما كان.. هناك من يريد أن يقنعنا أن وجود المقاومة هو السبب في العدوان. بمعنى أنها ولدت قبل أن يكون. وربما صنعت كي يتم. بأي منطق وبأية فلسفة يمكن أن تفهم هكذا معادلة؟ معادلها قوامها المغالطة.

وكي يمارس المثقف المنكوب قناع المبدئية يكتب سرديات عن انتمائه الفكري للحزب الشيوعي اللبناني بل ويفضل عليها منظمة العمل الشيوعي..بالله عليك كيف توفق بين هذا الإيمان وولائك ومدحك لأكبر عائلة فاسدة في لبنان..هي وحدها تمثل عمائر من الخراب. تنتقد علاقات المقاومة وتسكت عن علاقات العائلة المحبوبة لديك..

يحاول أن يقول إن المتفجرات هي سلاح وارد من جهة معروفة موجهة للمقاومة وأن هذه الأخيرة اتخذت من المدنيين دروعا بشرية.. حتى لو صدقنا معك هذه الرواية البئيسة كان عليك أن تدين العدوان لا المقاومة، التي لا تحتاج في وجودها لترخيص لأنها ضرورة وجودية.

وإمعانا منه في المغالطة نسب تصريحات للمقاومين غير موجودة سوى في خياله غير الخلاق.. أحالنا على تصريحات لمصدر “مقرب” فوجدناه خبرا “مقرقبا”. ادعاءات زائفة لا حصر لها.. وقال إن كثرة كتابته عن الموضوع لأنه يعرف كثيرا من الأمور فتبين أن معلوماته بحجم ما تعرف الذبابة.. والمضحك أن ينسب لقطر دعم المقاومة.. لا يتحدث عن الدوحة إلا لأنها افترقت عن عواصم المازوت الأخرى وإلا فإنها كانت لديهم كعبة واحدة.. وهكذا وجدنا مثقفا آخر منكوبا أيضا تحدث عن وجود عواصم متعددة في بيروت ولم يذكر الدوحة لأنها محجه الجديد..

هذا فيما يخص المثقف المنكوب الذي يزعم أنه شيوعي.. كل أخباره ومعلوماته منقولة من المعسكر الرجعي.. بين الشيوعي اللبناني يعتبر نفسه جزءا من المقاومة وهي مجرد أجيال ويعتبر أبناء حزب الله رفاق سلاح، ويعبر علانية عن خلافه السياسي معهم.. لكن في موضوع المقاومة هناك معسكر الأحرار ومعسكر العبيد.. الأول يعتبرها ضرورة وجودية بل معادلا للوجود، وقبل عنفوانها كان قادة العدو يزعمون أنهم يدخلون بيروت بالفرقة الموسيقية.

لا يختلف اللبنانيون الأحرار بمختلف أطيافهم عن دور المقاومة المحوري.. هم يعرفون كيف يختلفون ولا يمكن أن يعلمهم من يحفظ كلمتين مسروقتين ويصف المقاومة بالظلامية.

أما فيما يخص المثقف المنكوب، الذي عاش تحت جلباب السلفية، ولم يرفع صوته إلا برسم التعاقدات الجديدة، فهو يربط بين التفجير الضخم، الذي يقارنه البعض بتفجيرات هيروشيما، ومحاكمة المتهمين في مقتل رفيق الحريري.. يسعى لتمرير مغالطة الرجعية التي قالت إن المقاومة تقف وراء ذلك لتشتيت الأنظار عن المحاكمة.. وهذه أضحوكة في التحليل.. إذ وسائل تشتيت النظر كثيرة.

وبما أن المجال لا توجد فيه رقابة على المعرفة فيمكن أن تكون التدوينة من الإنشاء المكرر حتى لا نقول المسروق.. لكن فيها انتهاك للتاريخ والجغرافية والمنطق.. كما ادعى الشيوعي المزيف أن المقاومة سابقة على العدوان أورد المتسلف معلومات يضحك منها أبسط تلميذ في التاريخ.. ادعى فيما ادعاه أن إيران خلقت حزب الله وقبله حركة أمل.. سيراوغ فيما يخص الأول لكن ماذا سيقول عن الثانية؟

حركة أمل تعني “أفواج المقاومة اللبنانية”. أعلن ميلادها موسى الصدر، المغيب في ليبيا منذ سنة 1978، يوم 6 يوليوز عام 1975، أي أربع سنوات من قيام من قيام الثورة في إيران.. ونسي أن الدعم كان معكوسا، ولن يفهم الروابط بين أبناء جبل عامل وبلاد فارس منذ قرون.. حركة أمل بما أنها جناح عسكري لحركة المحرومين، التي تأسست سنة 1972، لمواجهة العدوان انتمى إليها بعض الفدائيين من غير اللبنانيين الذين كانت لهم تجربة مع الثورة الفلسطينية.. ومنهم مصطفى شمران الذي سيصبح أول وزير دفاع في إيران بعد الثورة.. نحن الآن لسنا أمام تأويل مختلف ولا حتى تحريف ولكن أمام الكذب على التاريخ “عيني عينك”.

عندما يكون المحلل نبيها ونزيها وغير منحاز برسم التعاقدات يضع جميع الفرضيات أمامه وليس فرضية واحدة، وهي الفرضية نفسها التي روج لها إعلام المازوت.. لماذا لم يضع أمام عينيه فرضية ثانية تتعلق بضرب الحياة برمتها في لبنان استهدافا للمقاومة بالتزامن مع فرض العقوبات على سوريا بموجب قانون قيصر وبالتالي فرض حصار على لبنان بحري وبري؟
يلتقي في الأحقاد على المقاومة أصناف وأنواع يجمعهم الإيمان بكعبة المازوت..

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.