نكبة بيروت كشفت “اللا نهاية” في المغالطة

أحقاد اليساري المزيف تلتقي مع أحقاد المتأسلمين في كره المقاومة والاصطفاف مع الحريرية

دينبريس
2020-08-10T10:39:24+01:00
آراء ومواقف
دينبريس10 أغسطس 2020آخر تحديث : الإثنين 10 أغسطس 2020 - 10:39 صباحًا
نكبة بيروت كشفت “اللا نهاية” في المغالطة

إدريس عدار

تنزيها لليسار الجاد لا بد من الكشف أيضا عن اليسار المزيف، فكما نكشف عن المتأسلمين المزيفين لانهم يلتقون في النهاية عند منتج المازوت، ولم تفرق بينهم سوى التعاقدات الجديدة، التي غيرت من حجهم، فأصبح نحو عواصم متعددة، لكنه في كره المقاومة هو اصطفاف واحد لأن رائحة دخان المازوت لا تتغير، ومفعوله السحري على العقول والأدمغة هو نفسه.

فالنموذج الذي هو اليوم أمامنا، أصابه السعار تجاه المقاومة ووصفها بالإجرام تنويعا على موقف المتأسلمين وشيخهم يوسف القرضاوي، هو مثال ليساري مزيف يسيئ الى اليسار الملتزم والنظيف، الذي يتحالف سياسيا مع المقاومة ويختلف معها وينتقدها لكن لا يشكك في جدوائية الفعل المقاوم.

ساعة يدوية من عاصمة للمازوت وسهرة في كازينو وعشرات القناني من صندوق شراء الذمم الحريرية والمازوتية كافية ان تجعل يساري مزيف كإسلاموي مزيف أن يعوي بلغة الصهاينة والرجعية ويظن أنه قادر على اقناع الرأي العام، لكنه في واقع الأمر هو غير مقنع نهائيا.

المقاومة فعل على الأرض وليست نزهة في دنيا السياسة، ولكن لأن اليساري المزيف لا يعرف سوى مناكفات الجامعة يحسب أن كل الدنيا تتشابه، بينما المقاومة لم تكن رغبة فوقية ولكنها مطلب اجتماعي وتاريخي. كونها تستقر في جيل من أجيالها على نموذج معين بأبعاد روحية لا يعني أنه يمكن اختزالها في نمط إيديولوجي. المقاومة رغبة أبناء الجنوب اللبناني، الذين عايشوا العربدة الصهيونية في قراهم وبيوتهم.

المقاومة هي جيل بعد جيل من الدفاع والاقتدار والشهداء والتضحيات والمخطوفين. المقاومة هي التي منعت قيام دويلة سعد حداد في الجنوب تحت الراية الصهيونية، وهي التي أوقفت العدو على “رجل ونص” خلف الحدود لا قدرة له على التململ. لمنكر وجودها أقول إن العدو أصبح يصنع استراتيجيته العسكرية ويبني عقيدته وفق تطورها الذي يجد صعوبة في معرفته.

هي فعل ولّده الصراع فخلق فلسفته التي تمتح من مصادر عدة، ولأن اليساري المزيف أو الضائع في الولاء للحريرية لا يفهم أن البيئة الاجتماعية المنتجة للمقاومة هي بيئة شعبية يلتقي فيها أبناء الجنوب حتى لو اختلفت انتماءاتهم الإيديولوجية. وأفواج المقاومة ممتدة في الزمان منذ أول تحرش صهيوني بهذه البيئة، ناهيك عن الاحتكاك التاريخي لجغرافية تشترك في المحنة، فمنذ نكبة 48 كان لبنان موئلا للفلسطيني المطرود من أرضه.

يدعي صاحبنا فيما يدعيه أنه نصير للقضية الفلسطينية ويتوشح الكوفية بين الفينة والأخرى، لكن يحالف النقيض الموضوعي للثورة الفلسطينية، ويعادي المقاومة اللبنانية التي هي الحليف الأساس للنضال الوطني الفلسطيني.

بمجرد ما وقع تفجير بيروت سارع إعلام المازوت إلى تحميل المسؤولية للمقاومة في الدقيقة الأولى. وتلقف المثقف المنكوب عندنا “المانشيط” وحوله إلى قضية. استدعى الخردة الإعلامية للمازوت ببيروت كي يعطي مصداقية لما يزعم. وسنعود للحديث عن ارتباطات الخردة بتيار الهزيمة اللبناني. وبعد أن انكشفت عورته بكثرة المعلومات غير الدقيقة التي يورد والتي فضحناها شرع في السب والشتم على طريقة أتباع القرضاوي الذي يزعم أنه ينتقده وهو يلتقي معه موضوعيا في الحقد على المقاومة.

ولا تنتهي المغالطة عند حد. فهي عنوان يتيح كل أشكال انتهاك المنطق. تبدأ المغالطة هنا من المعلومة غير الدقيقة وصعودا نحو “تأويل” منقول طبعا عن مراكز صناعة الكراهية. لن تنوب عن اللبناني طبعا في قبول أو رفض المقاومة، التي لها وجود بالفعل ولها جمهور وأنصار وامتداد واقتدار بينما يحاول خصومها استمداد نفوذهم من الاستقواء بالأجنبي لهذا يلصقون لها التبعية وهي لا تنفي مصادر تمويلها.

ورغم أننا في مقال سابق وضعنا المغالط أمام الأمر الواقع وأوضحنا له أن المرفأ الذي يزعم سيطرة المقاومة عليه هو تحت سيطرة الحريرية ومراقبة السفن الألمانية، لكنه فضل الهروب بالعزف على لحن إحدى الفنانات التي توجد في موقع ضد المقاومة بينما عشرات الفنانين في صف المقاومة ومنهم من يحاول التغني بهم بل حاول أن يعطي درسا لمارسيل خليفة لأنه لا يوافق هواه.

نموذج من نماذج المغالطة لم يقف عند تحريف المعلومة ولكن تحريف هوية قائلها حتى يكون مقنعا. قرأت اليوم مقالا تحت عنوان “إسرائيل وحزب الله وتفجير لبنان” للمحامي أدوار حشوة. وكان موقع المناطق السعودي نقل خبرا تحت عنوان “خلفيات تفجير بيروت…يكشفها المحامي اللبناني أدوار حشوة”. وكتب صحفي مغربي يوجد حاليا في بيروت على صفحته بفيسوك “وجهة نظر حول ما جرى.. إسرائيل وحزب الله وتفجير لبنان” ناسبا الموضوع للمحامي اللبناني أدوار حشوة..

لو لم يكن أدوار حشوة شخصية معروفة لانطلت الحيلة على الجميع. يعني تقاسم موضوع لمحامي لبناني حول التفجيرات وتخزين السلاح الإيراني الموجه للمقاومة وغيرها من الأباطيل والتأكيد على أن الكاتب لبناني يعطي للأمر شكلا من أشكال المصداقية عند قارئ غير قادر على التحقيق.

أدوار حشوة ليس لبنانيا أصلا. هو محامي سوري من حمص وشخصية معروفة في منصة الرياض لما يسمى المعارضة السورية. في البداية ظننت أن الأمر يتعلق بتشابه أسماء، وبعد السؤال لفت انتباهي أحد الأصدقاء إلى صفحته بالفيسبوك. فوجدت أنه أدوار حشوة عضو منصة الرياض ووضع المقال المذكور على صفحته.

فما الغرض من تغيير هوية الكاتب؟ كيف تحول الحمصي إلى لبناني؟

إخفاء الهوية مهم في اللعبة لأن اللبناني أعرف بأوضاع بلاده أكثر من غيره. كما أن إخفاء الهوية أو تغييرها يهدف إلى محو صفة عضو منصة الرياض وبالتالي هو نقيض موضوعي للمقاومة التي قاتلت التكفيريين في سوريا. وبالتالي إبعاد هذا المكتوب عن الدعاية المغرضة.

للأسف الشديد أن النقل عن محامي وتغيير بلده بمعنى تغيير هويته، فقط لأنه كتب مقالا يقطر حقدا على المقاومة دون أخذ بعين الاعتبار أن هذا “المعارض” طائفي صغير عندما حرّض التكفيريين ضد “أهل السنة” الموالين للدولة في سوريا.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.