21 أبريل 2025 / 08:45

دار الإفتاء: الميراث فريضة شرعية لا يغيرها التصويت ولا التوافق المجتمعي

أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانا بالأمس ترد فيه على الدعوات التي تطالب بالمساواة المطلقة في الميراث بين الذكر والأنثى، معتبرة أن هذه الدعوات، وإن اتخذت غطاء من العمل التطوعي أو المطالبة باستفتاء شعبي، تُخفي خلفها مسعى واضحا لهدم النصوص الشرعية القطعية، ونزع القدسية عنها، وتحويلها إلى مادة للنقاش والجدال.

وأكدت الدار أن جواز التبرع الفردي لا يُمكن أن يكون ذريعة لسنّ تشريعات عامة تُلغي أصل حكم الميراث، مشيرة إلى أن الشريعة الإسلامية فرّقت بوضوح بين الإحسان الشخصي الذي يُعدّ من الفضائل، وبين التشريع الإلزامي القائم على نصوص قطعية.

وأوضحت أن لا خلاف بين العلماء في جواز تبرع الأخ لأخته أو العكس، لكنه يبقى تصرفا فرديا لا يمكن تعميمه وتحويله إلى قاعدة قانونية تُلزم جميع الورثة، تحت طائلة الإجبار.

واعتبر البيان أن ما يُطرح من فرضيات جدلية، مثل القول بأن المجتمع لو تراضى على المساواة في الميراث لوجب تشريعها، هو منطق مرفوض، لأن الأحكام الشرعية – وعلى رأسها المواريث – توقيفية، لا تخضع للأهواء ولا للتصويت المجتمعي. و

ذكّرت دار الإفتاء بأن علم المواريث يُسمى “علم الفرائض”، وهو مُشتق من كلمة “فريضة”، أي ما فُرضه الله عز وجل في نصوص قطعية لا تقبل الاجتهاد أو النقاش.

كما فنّدت الدار القياس الذي يُجريه البعض بين التبرع وتغيير أنصبة الميراث، واعتبرته قياسا فاسدا، يُشبه من يقترح سلب أموال الأغنياء بالقانون بدعوى أنهم يستطيعون التبرع بها، مشيرة إلى أن هذا المنطق يهدد استقرار الحقوق ويُضرب به مبدأ حرمة الملكية الخاصة، ويخلط بين باب الإحسان وبين أركان العدل.

وذهب البيان إلى أن المقصد الحقيقي من هذه الدعوات ليس تحقيق المساواة، وإنما التشكيك في النصوص الدينية وإفراغها من قدسيتها، وجعلها محل تفاوض وتعديل، وهو أمر خطير يفتح الباب لتأويلات باطلة تقوّض أسس الشريعة، وتعتدي على ضروريات الدين الخمس تحت مسمى الاجتهاد المجتمعي.

وحذرت دار الإفتاء من أن سنّ قانون يُساوي في الميراث من شأنه أن يُحوّل التبرع الاختياري إلى التزام قانوني، يجيز محاسبة الأخ قانونيا إن لم يمنح أخته نصيبا غير منصوص عليه شرعا، وهو ما يُعد تعدّيا على ما كلف الله به الفرد، وظلما واضحا يُحمل الناس ما لا طاقة لهم به.

وختم البيان بالتأكيد على أن الثوابت الدينية ليست محل تصويت ولا نقاش، وليست مقتصرة على أركان العبادات، بل تشمل كل ما ثبت بدليل قطعي من الكتاب والسنة.

وشدّدت على أن محاولات تطويع هذه النصوص بدعوى التقدم والعدالة، إنما تمهد لهدم البنية الفقهية والمنظومة الأخلاقية للمجتمع، داعية العلماء والمفكرين إلى التصدي لهذه الموجات الفكرية التي تسعى إلى تقويض الشريعة باسم الاجتهاد والتطوع.