تشير الدراسة الوطنية لقادة الدين في أمريكا، التي أعدها مارك شافيس، آنا هوليمان، وجوزيف روسو من جامعة ديوك (Duke University)، والمنشورة في تقرير (The NSRL)، إلى تحولات جذرية في مشهد القيادة الدينية في الولايات المتحدة، حيث يعاني القادة الدينيون من شيخوخة متزايدة، تحديات صحية، انخفاض الالتزام الديني، ومواقف لاهوتية متباينة بشكل غير مسبوق.
وأظهرت الدراسة أن متوسط عمر القادة الدينيين ارتفع إلى 59 عاما في 2019-2020 مقارنة بـ52 عاما في 2001، مما يعكس أزمة في تجديد القيادة الدينية، وأن نسبة القادة الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما تراجعت بشكل ملحوظ، حيث لا يمثلون سوى 28% من القادة، مقارنة بـ43% في عام 1998.
فيما يتعلق بالصحة الجسدية والعقلية، كشفت الدراسة أن 42% من القادة الدينيين يعانون من السمنة، وهي نسبة مماثلة للمعدل الوطني، بينما سجل 4% منهم مستويات مرتفعة من الاكتئاب، لكن الملفت أن القادة البروتستانت الليبراليين يعانون من الاكتئاب بنسبة 8%، وهي ضعف النسبة بين المجموعات الدينية الأخرى.
وأظهرت الدراسة أيضا اختلافات كبيرة في المعتقدات اللاهوتية بين القادة الدينيين، حيث تبين أن 68% فقط من البروتستانت الليبراليين يؤمنون بيقين بوجود الله، مقارنة بـ97% بين بقية الطوائف، وأن 40% فقط منهم يؤمنون بجهنم، بينما تتجاوز النسبة 74% في المجموعات الدينية الأخرى، هذه الاتجاهات تؤكد أن القادة الليبراليين أكثر انفتاحا على التعددية الدينية وأقل التزاما بالمفاهيم المسيحية التقليدية.
أما من الناحية السياسية، فقد كشفت الدراسة أن 93% من القادة الدينيين شاركوا في نشاط سياسي خلال العامين الماضيين، وكانت أكثر الأنشطة شيوعا هي حث المصلين على التصويت (85%)، واتخاذ موقف علني بشأن قضايا مثيرة للجدل (70%)، والصلاة العلنية حول قضايا سياسية (66%).
لكن المفاجئ أن فقط 9% من القادة قاموا بتأييد أو معارضة مرشح سياسي علنا، رغم أن 14% قالوا إنهم سيفعلون ذلك لو لم يكن هناك تهديد بفقدان الإعفاء الضريبي.
والتحديات التي تواجه القادة الدينيين تتصدرها تراجع الالتزام الديني وانخفاض حضور التجمعات الدينية، وهو التحدي الأكبر الذي ذكره 50% من القادة، في حين شكلت الأزمة المالية للكنائس ثاني أكبر التحديات بنسبة 15%.
كما أن 11% من القادة يواجهون صعوبة في جذب الشباب، مع إقرار العديد منهم بأن “الكنيسة تتجه نحو الشيخوخة”.
وأظهرت الدراسة أن غالبية القادة الدينيين راضون عن عملهم وحياتهم، حيث أعرب 97% عن رضاهم عن عملهم، بينما قال 85% إنهم يشعرون بالرضا عن حياتهم يوميا، ولكن، على الرغم من هذا الرضا العام، فإن القادة البروتستانت الليبراليين هم الأقل سعادة والأكثر ميلا لمغادرة العمل الديني.
وتشير الدراسة إلى أن مستقبل القيادة الدينية في أمريكا يواجه تحديات كبرى، حيث تتجه الكنيسة نحو شيخوخة القيادة، وتراجع الالتزام، وتغير في المعتقدات الدينية، مما يجعل الحاجة إلى إصلاحات عميقة أمرا لا مفر منه لضمان استمرار تأثير الدين في المجتمع الأمريكي.