د. خالد الشرقاوي السموني ـ مدير مركز الرباط للدراسات السياسية و الاستراتيجية
يخلد الشعب المغربي، يوم 18 نوفمبر ، بكل مظاهر الاعتزاز والافتخار، الذكرى ال67 لعيد الاستقلال ، الحدث المميز في التاريخ المعاصر للمملكة والذي جسد أسمى معاني التلاحم بين الملك والشعب.
ويعد تخليد هذه الذكرى قبل كل شيء مناسبة لاستحضار انتصار إرادة الملك والشعب في نضالهما المتواصل من أجل التحرر من نير الاستعمار وإرساء الأسس الأولى لمغرب مستقل وحديث وموحد ومتضامن.
كما تعكس هذه الذكرى الكفاح الشجاع لشعب توحد وراء ملكه والذي أشعلت شرارته ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 1953، ومناسبة للأجيال الصاعدة لاستحضار أرواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل التحرر من نير الاستعمار، وإرساء أسس الدولة المغربية المستقلة والحديثة، وأيضا مناسبة لإدراك حجم التضحيات الجسيمة والمواقف التاريخية الخالدة التي صنعتها المقاومة المغربية لاسترجاع المغرب لاستقلاله سنة 1955 والعيش في نعيم الحرية.
إنها من أغلى الذكريات الوطنية الراسخة في قلوب المغاربة لما لها من مكانة عظيمة في الذاكرة الوطنية وما تمثله من رمزية ودلالات عميقة تجسد التحام الملك و الشعب للدفاع عن وحدة الوطن واستقلاله. وتمثل إحدى المحطات المضيئة في تاريخ المغرب الحديث؛ إذ جسدت انتصارا في معركة نضال طويلة، إحقاقا للحرية والكرامة واسترجاعا للحقوق.
وبعد مرور 67 سنة على استرجاع المغرب لاستقلاله، فقد عرف فيها المغرب نجاحات وحقق إنجازات كبرى على جميع الأصعدة .
ولئن كافح المغفور له الملك محمد الخامس لانتزاع استقلال وحرية المغرب ، مضى ابنه المغفور له الملك الحسن الثاني لتوحيد شمال المغرب وجنوبه، عبر استرجاع أقاليمنا الصحراوية ، وها هو العاهل المغربي الملك محمد السادس، يمضى في تعزيز الوحدة الترابية، وإرساء أسس الأمن والاستقرار والتنمية و البناء ، مع خوض إصلاحات عميقة وجذرية.
ولقد عرف المغرب في ظل الملك محمد السادس- بكل موضوعية و تجرد – تطورا ملموسا مكنه من الحصول على مكتسبات عدة على جميع الأصعدة ما جعله يحتل مكانة مرموقة بين صفوف الأمم، على الصعيدين الدولي والعربي والأفريقي. فبفضل عبقرية العاهل المغربي، استطاعت بلادنا أن تشق الطريق باستمرار وانتظام لتخطو خطوات حثيثة على درب الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الثقافية و الإدارية والدينية، جعلت من المغرب دولة قوية بمؤسساتها، وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية.
فقد تميزت الثلاثة وعشرون سنة الماضية بتنمية شاملة ، مضت خلالها المملكة نحو الحداثة وتعزيز الديمقراطية و حقوق الإنسان وبناء دولة القانون و تحقيق التنمية الشاملة على جميع المستويات، مكنت البلاد من تكريس مشروع مجتمعي ديمقراطي حداثي و تحقيق منجزات ملموسة في مختلف الميادين من أجل الوصول إلى مصاف الدول الديمقراطية والمتقدمة، فضلا عن الزيادة من قوة ومتانة وصلابة النموذج التنموي من أجل تدارك أوجه القصور التي عانى منها النموذج التنموي السابق، ووضع المغرب على مسار التقدم والازدهار.
وعلى الرغم من هذه الإنجازات، مازال المغرب يواجه تحديات اجتماعية واقتصادية ، مثل الفقر في بعض المناطق والتفاوتات الاجتماعية، و ضعف الرعاية الصحية والاختلالات في نظام التعليم ، والفجوة المستمرة بين المناطق القروية والمناطق الحضرية،وغير ذلك … ما يستدعي من الحكومة الحالية والحكومات القادمة وضع برامج وسياسات عمومية ناجعة وفعالة، تسهر على تنفيذها في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك للاستمرار في ما تم تحقيقه من إصلاحات وإنجازات وتجاوز الاختلالات والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية على الخصوص، من أجل مغرب متقدم و مزدهر وفي موقع مشرف بين مصاف دول العالم.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=19132