جماعة العدل والإحسان تهمها التراويح دون الأرواح

سعيد الكحل
آراء ومواقف
سعيد الكحل10 أبريل 2021آخر تحديث : السبت 10 أبريل 2021 - 8:30 صباحًا
جماعة العدل والإحسان تهمها التراويح دون الأرواح

سعيد الكحل
تخوض جماعة العدل والإحسان حربها ضد الدولة بأساليب وأشكال متعددة ، منها الثابت ومنها الظرفي، تنفيذا لإستراتيجية جماعة الإخوان المسلمين الأم التي تستهدف أسس ومقومات الدولة المغربية والنظام الملكي (رسالة من المرشد الخامس للإخوان مصطفى مشهور موجهة إلى إسلاميي المغرب وفي مقدمتهم الشيخ عبد السلام ياسين سنة 1996 نشرت صفحتين منها جريدة النهار اللبنانية في 5 أبريل 2021) .فمنذ أن قرر المغرب فرض الحجر الصحي بداية ظهور وباء كورونا ، في مارس 2020 ، لمواجهة خطر انتشار الجائحة والحد من انعكاساتها ، والجماعة تحرض على خرق قرارات السلطات العمومية بتجنيد جماعات من شبابها في عدد من المدن لتنظيم مظاهرات ليلية ، ظاهرها “التهليل والتكبير” لرفع الوباء وباطنها التحريض على العصيان ودفع المواطنين المتضررين من الإغلاق إلى الاحتجاج ثم الانتفاضة ضد الدولة.

استمرت الجماعة في التربص بالدولة وتحيّن الفرصة لتأليب الرأي العام ضد قرارات الحكومة ، ثم تأجيج مشاعر الغضب والسخط ضد الدولة والنظام. وهذا الذي تحاول الجماعة استغلاله اليوم عقب قرار حظر التنقل ليلا طيلة شهر رمضان ، مجندة كل طاقاتها وقنواتها لتوظيف مخزون الإيمان لدى المغاربة وتقديسهم لشهر رمضان وما يرتبط به من شعائر تعبدية ( صلاة التراويح ، التهجد ليلا، الاعتكاف في المساجد أواخر رمضان ..) لاتهام النظام باستهداف الدين ومنع ارتياد المساجد ، غايتها التحريض على العصيان كمقدمة للخروج على النظام بحجة الانتصار للدين ونصرة عباده الذين منعتهم الإجراءات الاحترازية من ارتياد المساجد ابتداء من الساعة الثامنة مساء إلى السادسة صباحا. فالجماعة، ومنذ تأسيسها، ترمي النظام “بالكفر ومحاربة الدين”، ولازالت على نهجها.

هكذا نشر رئيس مجلس الشورى للجماعة، عبد الكريم العلمي، تدوينة له يعتبر فيها الإغلاق الجزئي خلال شهر رمضان “إساءة كبرى لملايين القلوب المعلقة بالمساجد بل برب المساجد سبحانه”. وهذا اتهام صريح للدولة وللنظام “بالحرب على الإسلام” عبر منع الصلوات في المساجد خلال ليالي رمضان. بل إمعانا في التحريض ضد النظام، أصر العلمي على اتهام النظام “بالظلم” و”السعي إلى خراب المساجد” عبر التعسف في سحب معنى الآية الكريمة: “ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها” على قرار الحكومة فرض الحجر الليلي ليوهم الناس أن “من هذا “الظلم” ومن هذا “السعي” التحريض على إغلاقها وترويج الأراجيف والاستهزاء الخفي والمعلن بروادها”.

فالجماعة لا يهمها الخطر الذي يتهدد أرواح المواطنين داخل المساجد وخارجها ، كما لا تهمها الأوضاع الاجتماعية للعاملين بالمقاهي والمطاعم التي ستغلق طيلة رمضان . لهذا لم تتألم لأوضاعهم المادية وأحوالهم الاجتماعية ، وكيف لها أن تهتم أو تتألم وهي التي لم تساهم بدرهم واحد في صندوق كرونا للحد من الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة. فرئيس مجلس الشورى للجماعة، وبدون حياء، يصف تحذيرات اللجنة الطبية من الأنشطة الليلة في رمضان عموما، ومن مخاطر انتشار الوباء، خاصة الطفرة الإنجليزية شديدة الانتشار التي توجد بسبع جهات بالمملكة ، بين رواد المساجد الذين يتوجهون بكثافة إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، يصفها بـ”الأراجيف والاستهزاء الخفي والمعلن” بالمصلين. إنها قمة الخبث والخسة أن يوجه مسؤول في الجماعة هكذا اتهام لمؤسسات الدولة واللجنة العلمية التي جعلت الحفاظ على أرواح المواطنين من خطر الوباء شغلها الشاغل. هذا هو الاتجار بالدين وبالوطن وبالأرواح.

واضح إذن، أن الجماعة تسعى لتأزيم الأوضاع وتعميم مشاعر السخط والغضب وتأجيجها حتى يسهل عليها تفجير الأوضاع وإشعال الفتنة تعجيلا لمرحلة “الزحف” على الحكم. فلا شيء يمنع الجماعة من تجنب الكذب والافتراء، بل إنها تجيزهما لقلب الحقائق وتغليط الأتباع وعموم المواطنين. ومن تلك الأكاذيب والافتراءات الادعاء بأن الإغلاق شمل المساجد دون المدارس والأسواق والحمامات لا يستقيم في أذهان الناس أن يعيشوا حياتهم العادية في كل مرفق من المرافق من المدرسة إلى السوق إلى الحمام، وفي الشارع ووسائل النقل… ويستثنى من ذلك المسجد).

هذه هي قيادة الجماعة التي تزعم السير على منهاج النبي محمد (ص) بينما هي أول من يناقض حديثه الشريف (يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب). فالجماعة تعلم جيدا أن عموم المغاربة عانوا كثيرا من إغلاق الحمامات لشهور عدة ولم يتم السماح بفتحها بنصف طاقتها الاستيعابية إلا في منتصف شعبان، كما تعلم أن كل المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة تزاوج بين التعليم الحضوري والتعليم عن بُعد بتقسيم التلاميذ إلى أفواج ؛ لكن عداءها للنظام وللدولة أوحى لها بالكذب البواح ظنا منها أن افتراءاتها ستنطلي على المغاربة.

طبعا لن تقف الجماعة عند حد الكذب والتحريض الالكتروني ضد الدولة ، وإنما ستلجأ إلى كل الأساليب ، بما فيها استغلال صلاة الجمعة التي تستقطب أكبر أعداد المصلين خاصة في رمضان، لدفهم إلى التظاهر والاحتجاج، ومن ثم استفزاز رجال الأمن وجرهم إلى المواجهة حتى يظهر المصلون “ضحايا القمع”، ومن ثم تستغل الجماعة مشاهد المواجهة للتشنيع بالنظام مؤازرة في خبثها هذا بتجار حقوق الإنسان الذين احترفوا التحالف مع أعداء النظام وفق قاعدة “عدو عدوي حليفي”. أمام أهداف الجماعة الساعية إلى قلب النظام، تتعطل كل التعاليم الدينية والأوامر والنواهي الإلهية بحفظ النفس وعدم تعريضها إلى التهلكة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.