أَلْقِيَمُ أَلْكَوْنِيَّةُ وَالْخُصُوصِيّاتُ الثَّقافِيَّةُ

زعيم الخيرالله
آراء ومواقف
زعيم الخيرالله18 يناير 2021آخر تحديث : الإثنين 18 يناير 2021 - 9:30 صباحًا
أَلْقِيَمُ أَلْكَوْنِيَّةُ وَالْخُصُوصِيّاتُ الثَّقافِيَّةُ

زعيم الخيرالله
هَلْ هناكَ قيمٌ مُشتَرَكةٌ عابرةٌ للثقافات والخصوصيات يتفقُ عليها جميعُ البَشَر ، أَمْ أَنَّ القِيَمَ مَحَلِيَّةٌ ترتبطُ بالبيئةِ والجغرافيا والثقافة؟ واذا كانت هناك قيمٌ مشتركةٌ بين جميعِ البَشَرِ ، فهل هناكَ تعارُضٌ بينَ هذهِ القيمِ المشتركةِ العابرة للحدودِ والخصوصياتِ والثقافاتِ وَبَيْنَ الثقافاتِ والخصوصيات لكل أُمّةِ؟

انَّنا نرى بالوجدانِ والفطرةِ وجودَ قيمٍ عابرةٍ للحدودِ والثقافاتِ ، يتَطَلَعُ اليها كلُّ البَشَرِ على اختلافِ الوانهم ودياناتهم وثقافاتهم ، كالتطلعِ نحو العدالةِ والحريّةِ والمساواةِ ؛ لانها قيمٌ مرتبطةٌ بالانسانِ كانسان بغض النظر عن لونهِ وعرقهِ ودينهِ.

وهذه القيمُ ساهمت كلُّ الحضارات وكلُّ أُممِ الارض في ابرازها ، فالحضارة عمليّةٌ تراكميّةٌ ، فالحضارةُ الاغريقية تأثرت بحضارة وادي الرافدين وحضارة مصر واضافت اليهما، والحضارة الاسلاميّة ، لم تكن مجرد حضارة ناقلة لما عند الاغريق ، بل أضافت وطورت وأَبدعت ، وكذلك الحضارة الاوربية ، فهذا العطاء الحضاري المتواصل والمتراكم هو جهد انساني مشترك.

هذهِ القيم الكونيّةُ قيمٌ انسانيّةٌ مشتركةٌ ساهمت فيها الانسانيّةُ عن طريق الحوار واللقاء والتواصُل الانسانيّ.

وهذه القيم لايمكن أَنْ تُفرَضَ بالقوة. الاستعمارُ الذي فرضَ ثقافتهُ بقوةِ الجُيُوشِ ، لايمكن أنْ نسميَّ هذهِ القيمَ المفروضةَ بقوةِ السلاحِ قيماً كونيّةً ، ولايمكن ان نُسّمِيَ العولمةَ المتوحشةَ التي فرضتْ انماطَها الاستهلاكيّةَ على شعوبِ الارض، وفرضت رؤية واحدة على شعوبِ العالَم ، لايمكن ان نُسّمِي ذلك قِيَماً كونِيَّةً.

القيَمُ الكونيّةُ لاتتعارض مع ثقافاتِ الشعوب المحليّةِ. الحضاراتُ المختلفةُ تتعايش وتتحاور وتتبادلُ الثقافات والمعارف والخبرات ، وحسب التعبير القرانيّ ، الحضارت تتعارف ولاتتصادم ، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). الحجرات: الاية: (13).

الاختلافاتُ بين أممِ الارضِ ليس على كونيّةِ هذه القيم المُشتركة ، وانما على تصورات هذه القيم. الاختلافاتُ منشؤُها الثقافات التي هي خصوصيات لكل أُمَّةٍ أَو شَعبٍ ، وهذه الخصوصياتُ لاتسحقها وتلغيها القيمُ الكونيّة ؛ لانها تتعايشُ مع الخصوصيات ، وتحترمُ التعددياتِ ، وتعتبرها نقاط قوةٍ وثراء.

نعم، العولمةُ تسحقُ هذه الخصوصياتِ وتقهرها ، وتفرضُ عليها نمطاً احادياً من التفكير ، ورؤيةً واحدةً ، وثقافةً واحدةً.

البشريةُ بحاجةٍ الى قيمٍ كونيّةٍ عابرةٍ للحدود والخصوصيات والثقافات ، تشكّلُ معاييرَ تحتكمُ اليها ، مع احتفاظها بخصوصياتها وتنوعاتها الثقافيّة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.