ندوة: تاريخ ومظاهر الاحتفال بالمولد النبوي بمنطقة سوس

دينبريس
2019-11-02T13:15:45+01:00
مؤتمرات وندوات
دينبريس9 يناير 2015آخر تحديث : السبت 2 نوفمبر 2019 - 1:15 مساءً
ندوة: تاريخ ومظاهر الاحتفال بالمولد النبوي بمنطقة سوس

ندوة المولد النبوي في سوس  تاريخه ومظاهره
ندوة المولد النبوي في سوس تاريخه ومظاهره
نظمت مؤسسة سوس للمدارس العتيقة ندوة وطنية علمية في موضوع المولد النبوي في سوس، تاريخه ومظاهره” بمدرسة أبي ذر الغفاري بمنطقة أمزو بهوارة إقليم تارودانت، يوم الثلاثاء 14 ربيع الثاني موافق 6 يناير 2015، وذلك إسهاما من المؤسسة في الاحتفالات الوطنية بعيد المولد النبوي الشريف.

وقد أسهم في هذه الندوة أساتذة المدارس العتيقة وأساتذة جامعيون وباحثون من جامعة ابن زهر بأگادير وجامعة المولى سليمان ببني ملال وجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس وجامعة القرويين بكلية العلوم الشرعية بالسمارة ودار الحديث الحسنية بالرباط، وجامعة القرويين بمراكش.
وأبرز عامل صاحب الجلالة على إقليم تارودانت في كلمة له، أهمية الاحتفال بالمولد النبوي عند المغاربة وتعبيرهم من خلاله عن محبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام وارتباطهم بالعقيدة الإسلامية وثوابتهم الدينية والوطنية، التي ضمنت وحدتهم وصانت مجتمعهم من مظاهر التفرقة والنزاع والفوضى، وإجماع أمرهم على إمارة المؤمنين حتى صار المغرب مثالا يحتذى ونموذجا يقتدى في تدبير شأنه الديني والوطني، تأتيه أفواج الطلبة والمهتمين للاقتباس من حكمته وخبرته في هذا المجال.
كما عبر سيادة العامل عن شكره وتقديره لمؤسسة سوس للمدارس العتيقة ولمدرسة أبي ذر الغفاري على تنظيم هذه الندوة لتمكين الباحثين والدارسين من إلقاء الأضواء الكاشفة على هذه السنة الحميدة تاريخها وأحكامها وتجلياتها في المجتمع والفكر والإبداع الأدبي.
من جهته أوضح رئيس مؤسسة سوس للمدارس العتيقة الأستاذ اليزيد الراضي الاهتمام الدائم للمدارس العتيقة بكل ما يتعلق بالثوابت الدينية والوطنية للمملكة المغربية وعملها على ترسيخها في نفوس طلبتها ومن خلالهم في المجتمع، للحفاظ على الهوية وصيانة الوطن وأبنائه من أي اضطراب أو تشويش قد يخل بأمنه واستقراره.
وبين  أن هذا المسار الذي اختطته هذه المدارس عبر التاريخ ناشئ من فهم دقيق للنسق الديني الفكري الوطني الذي اختاره المغاربة منذ قرون خلت والناتج عن اجتهادات دينية واختيارات فكرية، وإبداعات ثقافية ومعرفية، ومن جملة ذلك الاحتفال بالمولد النبوي الذي انطلق من مدينة ستبة المغربية، بغية الحفاظ على الهوية وصيانة الدين وحماية العقيدة.
واستعراض أستاذ مدرسة أبي ذر الغفاري الفقيه سعيد أيت خالي إسهام منطقة سوس في هذه المناسبة المغربية العريقة، وتجديد الصلات برسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيرته العطرة وسنته الطاهرة، مبرزا أهمية هذه المناسبة الكريمة منذ ابتداء الاحتفال بها حتى وقتنا الراهن.
وأشار رئيس جمعية البر لمدرسة أبي ذر الغفاري الخاصة للتعليم العتيق، رشيد بسيطة، إلى أن هذا الاحتفال يدخل في إطار التأسي بأمير المؤمنين جلالة ملكنا المحبوب محمد السادس نصره وأيده الذي يولي العنايته الكبيرة والرعاية الكريمة والتدبير الحكيم، للشأن الديني ببلدنا مما جعل المغرب – بحمد الله – في مأمن مما تعيشه كثير من البلاد من فوضى ومشاكل عويصة.

استحباب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
وتناول الأستاذ الدكتور اليزيد الراضي الكلمة في المحاضرة الافتتاحية لأعمال الندوة موضوع “حكم الاحتفال بالمولد النبوي” بين فيها بالأدلة الدامغة والحجج النقلية من كتاب الله تعالى ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والعقلية من استنباطات العلماء المعتبرين في المشرق والمغرب، استحباب الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
وأورد الراضي بعض الشبه حول هذه السنة الحسنة، مثل كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل به، ولم يحتفل به السلف الصالح من الأمة، ليستعرض ردود العلماء عليها مثل: كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين فسئل في ذلك، فقال : ذاك يوم ولدت فيه و أنزل علي فيه، مما يدل على تعظيمه ذلك اليوم، وهو ما تأسى به المغاربة حينما احتفلوا بالمولد.
وشدد الراضي على أن التشبه بالنصارى أو اليهود في ميدان الخير لا حرج فيه، كما هو واضح من صوم النبي صلى الله عليه و سلم ليوم عاشوراء، بعد أن وجد اليهود يصومونه، و قال بعد أن أُخبر عن سبب صومهم له ، ” نحن أحق بصومه، فأمر بصومه.
وهكذا استرسل الأستاذ المحاضر في تعداد أدلة استحباب الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف،
ونتهى المحاضر  إلى أن  جمهور علماء الأمة اتفقوا على شرعيته، وهذا هو المعتبر ولا عبرة بمن خالفهم ممن جانبوا الصواب، وساروا في السبيل الضيقة المضيقة على الناس في التعبير عن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطرق المشروعة المقبولة من مثل التأسي به وبسنته، ودراسة سيرة وإنشاد وإنشاء أمداحه وعقد المجالس والتجمعات من أجل ذلك، كما جرت العادة عند المغاربة منذ أزيد من 800 سنة.

 

تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي
وشهدت أشغال الجلسة العلمية الأولى برئاسة الأستاذ الدكتور محمد الحاتمي من كلية الآداب بجامعة ابن زهر، إلقاء بحوث تحدثت عن المولد النبوي من الناحية التاريخية والشرعية والمعرفية والعلمية، وشملت ” تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف للأستاذ الدكتور عبد الرزاق أبو الصبر من جامعة المولى سليمان ببني ملال، و”المناقشات الفقهية حول المولد النبوي الشريف” للدكتور إحيا الطالبي من جامعة ابن زهر بأكادير و” أسانيد السوسيين في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف” للدكتور عمر أعميري من جامعة القرويين بالسمارة، و”نموذج من التآليف المولدية في سوس مخطوط وردة الجيوب في الصلاة على الحبيب” لمحمد بن عبد العزيز الرسموكي، للدكتور محمد بوشركة من جامعة القرويين بمراكش و”الاحتفال بالمولد النبوي في سوس من خلال التلاوة والإنشاد” للأستاذ امحمد بومهاوت باحث وعضو جمعية علماء سوس بتزنيت.
وقد ناقشت هذه البحوث القيمة ظاهرة الاحتفال بالمولد النبوي في سوس من حيث تاريخها منذ عهد الموحدين مرورا بالمرينيين ثم السعديين والعلويين إلى العصر الحاضر، وعرضت للمناقشات الفقهية حول جواز الاحتفال بالمولد بين قلة من معارضين وجمهور الموافقين، ذوي الحجة القوية والرأي السديد، وتحدثت أيضا عن أسانيد السوسيين لكتب السيرة النبوية والكتب المخصصة لمولد الرسول صلى الله عليه وسلم والقصائد المدحية مثل البردة والهمزية وغيرها، مما اهتم به المغاربة لتناسبه مع المولد الشريف واشتغالهم بدراستها وإنشادها خلال شهر ربيع النبوي، كما عرضت لأحد النماذج من مؤلفات السوسيين في المولد وهو كتاب وردة الجيوب في الصلاة على الحبيب، وتناولت العادات المرافقة للاحتفال بالمولد في تلاوة القرآن الكريم وإنشاد القصائد المدحية مثل البردةو الهمزية وغيرها والتفنن من خلالها في التعبير عن محبة رسول الله والتأسي به صلى الله عليه وسلم.

المظاهر الاجتماعية للاحتفال بالمولد النبوي في سوس

اما الجلسة الثانية برئاسة الأستاذ إحيا الطالبي من كلية الآداب بجامعة ابن زهر، فتضمنت البحوث التالية: «مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في سوس من خلال الدراسة والتدريس» للدكتور إبراهيم بن عبلا، من كلية العلوم الشرعية جامعة القرويين بالسمارة و «المظاهر الاجتماعية للاحتفال بالمولد النبوي في سوس» للدكتورة آمنة الراضي، باحثة بأكادير، و «احتفال النساء السوسيات بالمولد النبوي الشريف» للأستاذ الحسين أكروم، باحث بدار الحديث الحسنية بالرباط، و «المولديات في الشعر العربي السوسي»  للدكتور محمد الحاتمي، من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأگادير وقصائد و«منظومات أمازيغية سوسية في الصلاة والتسليم على خير البرية» للدكتور المهدي بن محمد السعيدي، الكاتب العام لمؤسسة سوس للمدارس العتيقة، والأستاذ الباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير.
وقد تحدثت هذه البحوث حول الاحتفال بعيد المولد النبوي في جانبه الاجتماعي بناء على تخصيص علماء المدارس العتيقة أيام المولد النبوي وقبلها لدراسة متون السيرة النبوية وقصائد المديح النبوي، من خلال أنصبة دراسية محكمة، يتتبعها الأساتذة والطلبة تحقيقا وفهما، كما تناولت الجانب الاجتماعي للاحتفال بالمولد من خلال عادات وتقاليد المجتمع السوسي المتعلقة بالإنشاد والمديح العربي والأمازيغي، ومن خلال التزاور وصلة الرحم، ومن خلال الإطعام وتنظيم الحفلات العامة المسمات عندهم بالمعروف.

احتفال النساء السوسيات
كما عرضت البحوث لاحتفال النساء السوسيات خاصة والشلحيات الأمازيغيات عامة بالمولد الشريف موازاة لاحتفال الرجال به، مما جعل المرأة حاضرة دائما في مبادرات الخير والفضل، بل مسارعة إلى كل ما يتعلق بالعقيدة والدين والوطنية على علم ومعرفة، فكان احتفال النساء السوسيات متضمنا للإكثار من الصلاة على رسول صلى الله عليه وسلم والصدقات والأذكار والمواعظ والمدارسات.
كما عرضت الأبحاث لإسهام الإبداع الأدبي الشعري في الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف، وذلك بتعبير الشعراء السوسيين – من خلال عدد هائل من القصائد والمنظومات – باللسانين العربي والأمازيغي عن شغفهم بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم والتغني بمحبته والإشادة بتضحياته من أجل أمته، وإقبالهم على مدحه وتعريف الناس بمكانته عند ربه وعند المؤمنين عامة والمغاربة بوجه خاص.
هذا وقد اختتم هذا الاحتفال بأمسية دينية بمسجد مدرسة أبي ذرالغفاري، حضره المشاركون في الندوة وطلبة المدرسة وجمع من المواطنين، اشتمل على تلاوة حزب اليوم من كتاب الله تعالى، تلاه إنشاد القصائد المدحية والمولدية، رددها طلبة المدرسة وتلاميذ كتاب البدور السبعة بأولاد تايمة بمعية أستاذهم الفقيه المقريء الحاج لحسن زكّار، كما تضمنت الأمسية مواعظ وكلمات بالمناسبة، وختمت بتلاوة برقية الولاءالإخلاص المرفوعة إلى مقام مولانا أمير المؤمنين حفظه الله، رفعت بعدها اكفّ الضراعة إلى العلي القدير بأن يحفظ جلالته، ويبارك في عمره وأعماله ويحفظ ولي عهد المحبوب المولى الحسن وصنوه المولى الرشيد وسائر الأسرة الملكية السعيدة والشعب المغربي الوفي.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.