الحوار مع المرأة هل من تفعيل مجتمعي وازن؟؟

مريم آيت أحمد
2019-11-06T01:05:55+01:00
آراء ومواقف
مريم آيت أحمد7 ديسمبر 2013آخر تحديث : الأربعاء 6 نوفمبر 2019 - 1:05 صباحًا
الحوار مع المرأة هل من تفعيل مجتمعي وازن؟؟
د.مريم آيت أحمد
د.مريم آيت أحمد

نتحدث اليوم زمن جيل مجتمع يقف على أعتاب نهضة حضارية جديدة، عنوانها جيل المعرفة، جيل الشهود الحضاري، على معضلة حوار داخلي نحن في أمس الحاجة، لبلورة أدبياته مجتمعيا،

في خضم الحوار الثقافي تأخذنا نشوة الأنا المبتهجة بصياغة مفردات الحوار الحضاري والديني مع الآخر، ونبحر في عوالم من التيه الذاتي، نتجمل بمصطلحات رفيعة المستوى في المنتديات العالمية، لآخر قد يعترف لنا بهذا الجهد، وقد لا يعترف به إن كان مهوسا بفعل هاجس الإسلاموفوبيا، مهما حاولنا جاهدين تحسين لغة حوارنا بكافة الوسائل الثقافية والمعرفية والفنية …..!!!!!!
وهنا يحق لنا التساؤل مع ذاتنا الداخلية، ألا يحق لنا البدء بالحوار مع نصف سكان مجتمعاتنا من النساء؟، هل هناك دعم حقيقي للغة الحوار مع المرأة، قبل عبور جسر الحوار الخارجي مع الآخر،؟ المرأة أم ولدتنا رجالا ونساءا، واعترفت بنا في أحشائها، دون تمييز قبل خروجنا، للدنيا، حاورتنا ذكورا وإناثا بلغة طفولية ابتكرتها لإيجاد سبل التواصل، مع ابتكار مناهج وآليات حوار تتسع لمستويات التدرج العمري،،
حاورتنا رضعا وأطفالا، ومراهقين، وشباب، إلى أن استوي العود، واكتمل النضج والرشد العقلي لقلبي، فنرد لها الإحسان، بأدنى مستويات الاعتراف الإنساني، حين نردد: “أنت مجرد امرأة والكلام يكون مع الرجال وليس النساء !! “وهكذا نلغي من حسباننا كمجتمعات، رضيت بتكريس لغة التنكر للمرأة والاعتراف بها كمدرسة تطبيقية للحوار، ندير ظهرنا عنها، لنقفز نحو عالم الآخر الذي، لا يعرف ولا يريد أن يعرف عنا شيئا، عالم حكم علينا بتهمة التطرف، وسطرها خطا أحمرا في كتبه وثقافته وإعلامه …..!!
أظن أنه آن الاوان لمراجعة الذات، لتفعيل دور الحوار مع المراة في مجتمعاتنا العربية والاسلامية، نتحدث عن التنمية والنهضة، ونغفل دينامو حركية هذه النهضة، فالتعليم نظام فرعي يؤثِّر ويتأثر بعناصر النَّسق الاجتماعي المتكامل، ومؤشر قياس التنمية ليس مؤشراً اقتصادياً فقط، ولكنه مؤشر متعدد المعايير ومكتمل الجوانب، لا يكتمل إلا بالاستثمار في البشر، نساءا ورجالا، ومن أجلهم معا، وبمقدار كفاءة الاستثمار في تنميتهم البشرية (من خلال التعليم والحوار الاجتماعي البناء) تكون كفاءة الاستثمار في القطاعات التنموية الأخرى.
وهنا ينبغي الوقوف بدقة عند مفهوم تنمية المرأة في أوطاننا، هل يمكن للتنمية أن تكون ناجحة وفاعلة من دون شراكة جماعية،شاملة،متكاملة ومتواصلة. في البيت والعمل والمجتمع، تتضافر في انجاز أهدافها وحمايتها جميع مكونات المجتمع وصولاً إلى مقاصد التمكين الاجتماعي في قوله تعالى: “المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر”.
فكيف يمكن للمرأة أن تنهى وتأمر عن المعروف الاجتماعي والديني والاقتصادي والسياسي، ضمن مشروع حضاري مجتمعي؟ وهي تواجه عقبة الحوار الداخلي ؟ أنت امرأة والكلام في القرارات المصيرية يكون مع الرجال؟ كيف تتخلص من ضغوطات ملموسة ومستمرة، تارة باسم التقاليد، وتارة باسم الأعراف، وتارة باسم ربط العرف بالدين، فتحرم من حقها في التعليم محور مصدر الوحي ” اقرأ” وعلم الانسان رجلا وامرأة بالقلم مالا يعلم، كيف ندعي المرجعية الدينية، ونحن نخترق تشريعاتها في أدق تفاصيل البناء الاستخلافي للتمكين الحضاري لأمتنا، كيف يمكن أن ندعي الحوار مع الاخر، ونحن مازلنا نمنع نساءنا وبناتنا، من التعليم في القرى والبوادي، بل في عقليات البعض ممن يعيشون في أرقى حواضر المدن؟!
أليس عيبا أن تشكل الأمية أهم عائق داخلي،يقف عثرة أمام نجاح المشروع النهضوي وترشيد، أليات الحوار بين المشهد النسائي ؟ كيف نفتح حوارا جديا لمواجهة،ما يؤثر سلباً على عملية تنمية المرأة في مجتمعاتنا من عدة وجوه:
– تدني كفاءة المرأة المفروض أنها مؤهلة علميا بشهادات عليا، وانخفاض مستوى الوعي الثقافي بتحديات واقع مجتمعها وبالتالي انخفاض مستوى العطاء والإنتاج بالقياس إلى متطلبات عملية التنمية في جميع الميادين.
– ضعف الوعي الديني وتوظيف الدين في خدمة الأعراف والتقاليد، وبالتالي ضعف الإحساس بالمسؤولية في تربية النفس وتأهيل جيل المستقبل للإرادة الإنجازية الفاعلية في المجتمع. وقد بين الشيخ محمد الغزالي في ركائز الإيمان ضرر الأحاديث المكذوبة في منع تعليم المرأة مثل حديث “لا تعلموهن الكتابة ولا تسكنوهن الغرف” وحديث “خير للمرأة ألا ترى رجلاً ولا يراها رجل” وأوضح أن هذه الأحاديث استقبلها الناس كأساس السلوك في بعض البيئات وعزل النساء تماما عن المشاركة في الحياة العامة. ولذلك يحدد الغزالي وبلغة موجزة غاية التعليم فيقول “إن مراتب التعليم المختلفة هي مراحل جهاد متصل لتهذيب العقل وتقوية ملكاته، وتصويب نظرته إلى الكون والحياة والأحياء.
فكل تعليم يقصر بأصحابه عن هذا الشأو لا يؤبه له”. كما عرف التثقيف فقال: “هو تفتيق الذهن والمواهب وتصحيح فكرة الإنسان عن الكون والحياة وتعهد سلوكه بما يلائم الحق والواجب” وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذا الضعف أصبح وللأسف، مشتركا بين العديد ممن يحسبن على المثقفات من خريجات الجامعات اللواتي يتقن الكتابة لكن يغيب عندهن ترشيد وتوجيه الوعي بالتحديات المطروحة .
– الإسهام الملموس في زيادة معدلات البطالة، وارتفاع نسبة الجهل بالقيم الدينية والأخلاقية مما يروج لمفردات عمليات التسول، والوقوع في براثن تجار الرقيق الأبيض وممارسة الدعارة،وانتشار وسائط الترويج للشعوذة وطرق النصب والاحتيال، وبالتالي ضعف الاندماج في عملية التنمية والتخلف عن الإسهام في إنجاز أهدافها الثقافية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
– حرمان المجتمع من التحليق بجناحين في مشروع التنمية،لأن إعاقة جناح مع عدم خلو الجناح الآخر من أمراض الجهل والأمية والبطالة يؤدي إلى الجمود الحضاري لمجتمعاتنا،فجهل المرأة، وعدم القبول بالحوار معها في اتخاد القرارات بدعوى نقص شرط ذكورتهاّ، عطل اشتغال المجتمع بكامل قدراته وطاقاته وإمكاناته البشرية والمادية في عملية التنمية
– الجهل والأمية بمقاصد اقرأ يحول دون وعي ومطالبة المرأة حقوقها التشريعية والدينية، وبالتالي يحسب التظلم الواقع عليها على الإسلام، لا من جهة جهلها وتفريطها في المطالبة بحقوقها الشرعية، ومن ثم يمكن أن نخلص إلى أن قيام مشروع المرأة الحضاري، لا يمكن أن يبنى على أسس متينة وفاعلة من دون تخصيص نسبة من الحوار المجتمعي الراقي لها، وتفعيل الموارد والوسائل والإمكانات، مع المؤسسات الأسرية والتعليمية، والدينية والتشريعية، والحزبية، وجمعيات المجتمع المدني،، وذلك باعتبار الحوار الداخلي معها عملية تنموية شاملة متكاملةومستديمة الأبعاد.

* رئيسة مركز إنماء للأبحاث والدراسات المستقبلية

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.