هل يتعارض الإسلام مع قيم المجتمع الفرنسي؟

شكير بوشعيب
2019-11-01T21:59:06+01:00
آراء ومواقف
شكير بوشعيب12 مارس 2013آخر تحديث : الجمعة 1 نوفمبر 2019 - 9:59 مساءً
هل يتعارض الإسلام مع قيم المجتمع الفرنسي؟

شكير بوشعيب
شكير بوشعيب
نظرا للانتشار السريع للإسلام في فرنسا والدور المتزايد الذي أصبح يضطلع به المسلمون في المشهد الديني والسياسي في البلاد، أصبحت قضية وضعية الإسلام في قلب النقاشات العمومية في الأوساط السياسية والإعلامية والفكرية والأكاديمية في العقدين الأخيرين.

وفي هذا الإطار، أجرت مؤخرا  “مؤسسة إيبسوس” للبحوث استطلاعا للرأي نشر في الموقع الإلكتروني لجريدة “لوموند” كشف أن 74 في المائة من الفرنسيين يرون أن الإسلام يحث على التعصب ويتعارض مع قيم المجتمع الفرنسي، وأن 8 من بين 10 من المستجوبين يعتقدون أن الإسلام دين يحاول فرض أرائه وطريقة تفكيره على الآخرين.

وبالرغم أن العدد الذي شمله هذا الاستطلاع لا يتجاوز 1016 مستجوب، وهي عينة لا تمثل رأي المجتمع الفرنسي برمته، إلا أن نتائج هذه الدراسة تعتبر صادمة ويجب أخدها بعين الاعتبار من طرف المنظمات الإسلامية العاملة في فرنسا وكذلك المثقفين والمفكرين والباحثين وعلماء الاجتماع المسلمين، الذين هم مطالبين بالبحث عن أسباب تدني الثقة لدى قطاع هام من الرأي العام الفرنسي في المنظومة القيمية للإسلام، ومحاولة صياغة أجوبة واضحة ومقنعة لسؤال فلسفي مهم ومازال يثير جدلا قويا في فرنسا ألا وهو: هل يتعارض الإسلام مع قيم المجتمع العلماني الفرنسي؟

بالنسبة لعدد كبير من المفكرين والساسة و الخبراء وعلماء الاجتماع، فإن الجواب على هذا السؤال هو نعم، لأنهم يرون أن الإسلام لم يحسم بعد في قضية الفصل بين الدين والدولة، ويعتبرونه ليس فقط معتقدا، بل إيديولوجيا سياسية وثقافية تتعارض كليا مع الهوية الثقافية الفرنسية، التي تجعل من إخلاص الفرد للدولة أقوى من أي ارتباط هوياتي، وتلح على الدور المركزي للدولة في توحيد وتوجيه مواطنيها.

من هذا المنطلق، هناك اعتقاد قوي بأن القيم الإسلامية تشكل تهديدا لقيم وتقاليد الجمهورية التي تم بناؤها عبر مسار طويل وشاق وفي بعض الأحيان دموي، والتي ترجع جذورها التاريخية والفلسفية إلى الثورة الفرنسية وعصر الأنوار ومرجعيتها القانونية إلى قانون 1905 الذي أكد على مبدأ فصل الدين عن الدولة.

لكن في اعتقادنا لا يجب حصر النقاش حول مسألة التعارض بين القيم الإسلامية في مقابل القيم الفرنسية ما دام أنه ليس هناك جواب نهائي ومطلق لهذه الإشكالية التي ترتبط أساسا بالمعتقدات والقناعات الدينية والفكرية و الخصوصيات الثقافية للأفراد والجماعات.   

كما أن مقاربة التصادم بين الحضارات أصبحت متجاوزة وأثبتت فشلها في معالجة مثل هذه القضايا الخلافية وليست هي الطريق الأمثل لتشجيع الوئام الاجتماعي والاستقرار  والتعايش في المجتمع الفرنسي.                              
إن القضايا والأسئلة الحقيقية التي يجب أن ينصب عليها النقاش في نظرنا هي من قبيل:

– هل فرنسا مستعدة لتقبل لائكية منفتحة على التعددية الثقافية أم أنها ستنساق وراء بعض الكتابات المنطلقة من أحكام جاهزة وبعض استطلاعات الرأي والحملات السياسية والإعلامية المضللة، التي تصور الإسلام كديانة تحث على التعصب ورفض الآخر وتشكل تهديدا لقيم الجمهورية؟

– هل سيستطيع المسلمون في فرنسا المزاوجة بين الحفاظ على هويتهم الدينية والثقافية مع الانفتاح على قيم قبول الآخر والتعددية والديمقراطية والحرية والمساواة والتي هي قيم كونية وليست حكرا على المجتمع الفرنسي؟

– ما هي الإجراءات التي اتخذتها السلطات الفرنسية من أجل محاربة الإقصاء الاجتماعي، الذي يشجع على التطرف الديني والفكري في صفوف أبناء الضواحي ذات الغالبية المسلمة، وما هي الجهود المبذولة من أجل إدماجهم في المنظومة الاجتماعية والسياسية والفكرية الفرنسية؟                                                

– إلى أي حد كانت الإجراءات التشريعية التي اتخذتها الحكومة الفرنسية كمنع الرموز الدينية في المدارس والأماكن العمومية مثلا موفقة ومنسجمة مع مبادئ العلمانية الفرنسية ومع الميثاق الأوربي لحقوق الإنسان، خصوصا الفصل التاسع منه، والذي يعطي الحق للفرد لممارسة شعائره الدينية بكل حرية وبشكل علني؟  

تلكم بعض الأسئلة التي يجب استحضارها وأخذها بعين الاعتبار عند مناقشة قضية اندماج المسلمين في المجتمع الفرنسي وجدلية الإسلام واللائكية بعيدا عن  الصور النمطية لبعض وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي حول الإسلام والمسلمين، والتي تحاول توجيه الرأي العام الفرنسي والترويج لأطروحة مردود عليها وهي أن الإسلام هو العدو والخطر الذي يهدد قيم الجمهورية الفرنسية.

Bouchaib.chkair@gmail.com

{jathumbnail off}

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.