يواصل المغرب تعزيز موقعه كشريك رئيسي في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الساحل، من خلال تبني استراتيجيات متعددة الأبعاد تشمل التعاون الأمني، الشراكات الاقتصادية، والدبلوماسية الإقليمية.
وتأتي هذه الجهود في ظل تصاعد التهديدات الأمنية في الساحل، بما في ذلك الإرهاب، الجريمة المنظمة، والهجرة غير الشرعية، مما يجعل الرباط فاعلا محوريا في صياغة الحلول الإقليمية لمواجهة هذه التحديات.
وحسب تقرير نشره المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، فإن المغرب يسعى إلى تعزيز التكامل الاقتصادي والأمني مع دول الساحل من خلال مشاريع بنية تحتية كبرى تهدف إلى ربط اقتصادات المنطقة بالمحيط الأطلسي.
وتعد “المبادرة الأطلسية” أحد أبرز هذه المشاريع، حيث توفر للدول غير الساحلية منفذا استراتيجيا نحو الأسواق العالمية عبر الموانئ المغربية، مما يقلل من اعتمادها على طرق التجارة غير المستقرة ويعزز التعاون الاقتصادي الإقليمي.
وفي خطوة أخرى تعكس التزام المغرب بدعم اقتصادات دول الساحل، يبرز مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي يهدف إلى ربط موارد الطاقة في غرب إفريقيا بشمال القارة وأوروبا، ما يعزز أمن الطاقة في المنطقة ويخلق فرصا جديدة للتنمية الاقتصادية.
وبالإضافة إلى ذلك، تعمل الشركات المغربية في مجالات البنوك، الاتصالات، والبنية التحتية، مما يرسّخ دور الرباط كشريك اقتصادي موثوق لدول الساحل.
وعلى المستوى الأمني، يواصل المغرب تعزيز تعاونه مع الدول الإفريقية في مكافحة الإرهاب والتطرف، وبفضل خبرته في التصدي للتهديدات الإرهابية، أصبح المغرب مصدرا رئيسيا للتدريب الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع دول الساحل.
وتأتي هذه الجهود في وقت تزايدت فيه التهديدات الأمنية في المنطقة، حيث تستغل الجماعات المسلحة ضعف الحكومات والحدود غير المحصنة لتعزيز نفوذها وتنفيذ عمليات إرهابية عابرة للحدود.
وفي ظل التغيرات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة، بما في ذلك انسحاب بوركينا فاسو ومالي والنيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS)، برز المغرب كبديل استراتيجي لهذه الدول للحصول على منفذ بحري بعد العقوبات المفروضة عليها، وقد عززت هذه التطورات من أهمية الموانئ المغربية، حيث باتت تشكل حلقة وصل رئيسية بين الساحل والأسواق الدولية.
كما ساهم المغرب في مشاريع تنموية تهدف إلى تعزيز الاستقرار في الساحل، من بينها استثماره في “محطة توليد الكهرباء في نيامي”، عاصمة النيجر، والتي تم تدشينها في ديسمبر 2024، ما ساعد على تأمين إمدادات الطاقة في البلاد بعد تعرضها لأزمة كهرباء ناجمة عن العقوبات الدولية.
وأكد التقرير أن المغرب استمر في لعب دور رئيسي من خلال تبني مقاربة تجمع بين الأمن والتنمية، حيث يقدم نموذجا لمكافحة الإرهاب قائمًا على تعزيز التنمية الاقتصادية وتحقيق التكامل الإقليمي.
وخلص التقرير إلى أن المغرب يواصل تكريس نفسه كفاعل رئيسي في المنطقة، حيث يجمع بين الاستراتيجيات الأمنية والمشاريع الاقتصادية الكبرى لتعزيز الاستقرار، وتظل شراكاته مع دول الساحل عنصرا أساسيا في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة، مما يجعله لاعبا محوريا في مستقبل الساحل الإفريقي.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=23412