المرأة والعيد الذكوري

عمر العمري
featuredآراء ومواقف
عمر العمري7 مارس 2020آخر تحديث : السبت 7 مارس 2020 - 10:18 صباحًا
المرأة والعيد الذكوري

ammouri  - دين بريسمحمد علي لعموري
كم من عيد مر على المرأة كانت فيه هذه الأخيرة ضحية مؤامرة رجال يزايدون على قضيتها في المحافل دون طائل؟

وكم من خطاب منمق شنفنا به أصحاب الأبواق الطنانة والرنانة ليوهمونا أن المرأة نصف المجتمع دون أن يعترف النصف الثاني بمسؤوليته عن هذا الوضع الغريب الذي نرجو إصلاحه؟

ففي كل مناسبة نقف عند الإنجازات ؛ على احتشامها ؛ لنزعم نحن الرجال أننا حقوقيون ولسنا ذكوريين ، بينما تفضحنا تصريحاتنا التي تترجم وضعية التفضل والمنحة ، وكأن ممارسة الحق من طرف النساء في مجتمع ذكوري هو منة ذكورية ، ومنهم من يجعلها منة من الله كلف بها الرجال ليتفضلوا بها على النساء في مجتمع تتماهى فيه معتقدات القوم مع سياق ذكوري بامتياز.

عندما انتفض العنصر النسوي بصيغة الجمع ذات تاريخ للمطالبة بتعديل ما كان يدعى سلفا بمدونة الأحوال الشخصية ، وتقدم أحد التقدميين بخطة متقدمة عما كان في المدونة من بنود كانت تكرس الوصاية والسلطة الذكورية ، خرج الجمعان من الذين أيدوا الخطة ( مسيرة الرباط ) والذين عارضوها وشيطنوا مضامينها عند الرأي العام المغربي ( مسيرة البيضاء ).. فجست الدولة نبض الشارع ثم تحركت بإرادة ملكية لوقف الإحتدام بتشكيل لجنة مختلطة لمراجعة المدونة التي ستخرج إلى الوجود عام 2004 متضمنة نفس بنود ومضامين الخطة المرفوضة سابقا.

اليوم مر على هذا الحدث ما يناهز الثلاثة عشر سنة ، نضجت فيها المطالب باتجاه تكريس المزيد من الحقوق وفق الأسئلة الآنية التي تسائل وضعية المغربية هنا واليوم…

لقد قيل دوما أن الحقوق تنتزع ولا تعطى ، ومسيرة المطالب طويلة في بلد ينظر إلى المرأة نظرة أنه كائن مخلوق من أجل البيت…فهناك دراسات استقصائية ذهب فيها المغاربة إلى كون المكان الطبيعي للمرأة هو البيت لتربية الأولاد ورعاية الزوج..ومنهم من لا يزال يعتقد في ضرورة تأديب الزوجة وضربها إذا لزم الأمر..والغريب أن العديد من النساء يزكين هذا الطرح باعتباره من شروط صحة المجتمع…!!!

بعيدا عن المزايدة أو المبالغة أو التجاوز نستطيع القول ان ثقافتنا الذكورية تمنع الرجل من أن يعترف بالمرأة كإنسان مكتمل الشخصية عقلا وروحا وذكاء وعاطفة…

وإذا تحدث عنها فإنه يفعل وكأنه يتحدث عن شيء يملكه ، والزوج يتحدث عن الزوجة ” أم الأولاد ” ، والمربية لهم ، وعن ذلك الكائن المختلف جينيا الذي ينجب الأولاد ويسهر على تربيتهم..الخ

طبعا تلك التمثلات والمعتقدات الراسخة تمنع الرجل من رؤية المرأة في ذكائها وعملها وإسهامها في بناء المجتمع وصنع التاريخ المعاصر إلى جانب الرجل…
فقد تم تحجيم أدوارها الإجتماعية إنطلاقا مما حددته ثقافة المجتمع الذكورية لتأدية دور الماكينة الطبيعية لإنتاج النسل ، وبالتالي وجب عليها إكمال الدور بالقعود في البيت والعمل على تربية الأبناء…الخ.

مشكلة المرأة المغربية اليوم ؛ رغم ما أنجز على الصعيد القانوني على علاته ؛ أن المجتمع يتصرف بمنطق أن القوانين ليست عادلة حين يتعلق الأمر بما يضمن للمرأة حقوقها…والنظرة المتهالكة التي يسوق منافعها الإسلاميون وحماة التصور الذكوري للدين ، تفرض نفسها في هذا الزمن المتردي ثقافيا الذي خلت الساحة فيه للدعاة والمتنطعين بالتدين المتصابي والآخر المتغابي المتغاضي عن الحق الذي تنساق وراءه عقول مشبعة بتعاليم متوارثة عن عهود القرون الوسطى…

العقل الذكوري اليوم يحتفل بعيد المرأة وهو المساهم الأول في هندسة إطاره القانوني رغم الخلفية الحقوقية لنساء مناضلات كن دوما حاملات لمعول الهدم فوق رؤوس الرافضة وحراس المعبد الذكوري/الديني..

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.