الحاتمي: كل معارك إيران سيكون وقودها العرب

نورالدين الحاتمي
2020-01-12T09:10:53+01:00
آراء ومواقف
نورالدين الحاتمي12 يناير 2020آخر تحديث : الأحد 12 يناير 2020 - 9:10 صباحًا
الحاتمي: كل معارك إيران سيكون وقودها العرب

نور الدين الحاتمي
أعاد مقتل الجنرال الايراني قاسم سليماني واختلاف مواقف العرب المسلمين منه ـ أي بين من يرفعه إلى مقام القديس ومن ينزله إلى درك الابليس ـ الحديث عن العلاقة بين الجمهورية الايرانية والعرب إلى الواجهة ، وأثار ترحم حماس وجمع من تيار الاسلام السياسي عليه واعتباره شهيداـ بل شهيد القدس حسب عبارة اسماعيل هنيةـ بعض اللغط واللبس حول الموضوع.
والحق ان هذا اللبس يسهل رفعه ، إذا علمنا ان حماس تمارس السياسة وتفعل ما تقتضيه مصلحتها، وفق منطق السياسة وأخلاقها، وليس وفق الأخلاق التي تواضعنا عليه وتعارفنا. فالجميع يتذكر الثمن الذي دفعته جراء وقوفها الى جانب الثورة السورية [المزعومة] والخسارة التي تكبدتها، حيث خسرت من كانت تعتمد عليه وتعول عليه لدعمها ونصرتها، في حين أن الذين كان مفترضا فيهم الوقوف إلى جانبها لم يفعلوا أي شيء، فأعادت علاقتها مع محور [الممانعة والمقاومة ؟؟؟] إلى سابق عهدها.
واضطرار بعض عناصر هذا التنظيم إلى تبرير موقفه [أي التنظيم] بكون السلاح الذي في حوزتهم من عطاء الجمهورية الايرانية ومن دعمها دليل واضح على ان ولاء التنظيم للجمهورية ليس ولاء مبدئيا، وانما يدور مع السياسة وجودا وعدما.
بالإضافة الى ان حماس ـ كفرع من فروع تيار الاخوان المسلمين ـ لا يرى الخلاف مع الشيعة بالعمق، الذي يراه التيار السلفي الذي تسود رؤيته مجموع المسلمين في العالم، لدوافع أكثرها سياسي. فتيار الاخوان يرى الخلاف، الذي تتأسس عليه العلاقة التي تربط السنة والشيعة ليس إلا خلافات عادية تكاد لا تختلف عن أي خلاف فقهي بين المذاهب السنية، وقد أسهموا في الترويج[ لفتنة] التقريب بين السنة والشيعة، التي لم يكن لها حضور الا في عالم السنة ، و كانت الرسائل والكتب التي تتناول موضوع هذا التقريب تعرض عند السنة دون الشيعة.
وكانت الجمهورية الايرانية تنفق على هذه الأدبيات خارج أرضها وحدودهاـ كما ذكر غير واحد من المطلعين ـ ويعتبر مثقفو التيار الإخواني أنفسهم عقلاء ومعتدلين، والواقع أنهم ليسوا معنيين لا بالاعتدال ولا الوسطية، وإنما تعنيهم المصالح والتحالفات كما هي الحال دائما مع السياسة.
السلفية والتيار الإخواني على طرفي نقيض، وتعزز السياسة التناقضات والفرقة العميقة بينهم، فإذا كانت السلفية ـ ممثلة في السعوديةـ تذكي الصراع بين السنة والشيعة بما تركز عليه من الخلافات التي ترقى إلى درجة المكفرات، تفعل جماعة الاخوان العكس، وتتقاطع مع الشيعة في كثير من النقط وتقلل من الخلافات القائمة بين السنة والشيعة الى درجة تجعل منها مجرد خلافات فقهية عادية لا تخرج عن أي خلاف بين المذاهب الفقهية الكبرى.
وهذه الحال أيضا مع الشيعة، إذ بعضهم يدعو إلى العودة إلى التشيع العلوي، أي التشيع الأول قبل التشيع الصفوي ـ كما هو الحال مع علي شريعتي وهو يلتقي هنا مع كثير من المثقفين السنة ـ في حين يركز غيرهم على العقائد الرافضية التي تجعل التقريب ميؤوسا منه.
وإذا كانت الحال هنا محصورة في المثقفين، فإن الدولة الايرانية ليست معنية، ولا يمكن أن تكون معنية بالتقريب ولا بالانفتاح على السنة . وقد حكى العالم الباكستاني عبد القادر ازاد انه هو وجمع من علماء بلاده زاروا طهران عقب الثورة وانهم طلبوا من الخميني ان يمنع الكتب التي تسب الصحابة وتكفرهم وتنص على تغيير وتحريف كتاب رب الأرباب، وغيرهما من المسائل التي تحول دون التطبيع بين الفريقين، وأن الخميني رفض ذلك.
طبعا نحن لا نستغرب هذا ولا يثيرنا، فطبيعي جدا أن ترفض ايران ذلك، فهي لايعنيها من التشيع الا شيء واحد هو التوسل به للحيلولة دون اندماج الشيعة في مجتمع السنة وتحولهم الى سنة. إنه لا يعنيها منه الا بقدر اسهامه في التمكين لإعادة أمجاد الساسانية المجوسية. إن تركيز الشيعة ـ كما رسمتها الصفوية ـ على سب الصحابة والطعن فيهم وإثارة الاحقاد لا يمكن تفسيرها إلا بمنع اية محاولة للتقريب بين السنة والشيعة.
هل يعقل ان تكون القيادة الايرانية مؤمنة بخرافات الدين الشيعي ومصدقة لها؟ في تقديري أن قيادة الأوهام والخرافات دينا لا يمكنها ان تسود وتحكم .
إن من شبه المقطوع به ـ إن لم يكن مقطوعا به فعلا ـ أن النخبة الحاكمة في طهران لا علاقة لها بتلك الاوهام وانها تجند لها تلك الجنود من رجال الدين الدجاجلة فقط من اجل قطع الطريق على اية محاولة في هذا الاتجاه ورجال الدين ايضا لا يؤمنون بتلك الخرافات وإلا لما لا يوصفون في مجتمعهم إلا بالدجاجلة؟
ايران تشبه الكيان الصهيوني في عدد من النقط، فكما أن الكيان الصهيوني ليست له حدود جغرافية، وان حدوده هي حيث تصل احذية جنوده ـ كما يقول سياسيوه ـ فكذلك إيران. إنها حين تتحدث عن نفسها تقدم حدودها حيث تتواجد مليشياتها والتنظيمات المسلحة الموالية لها.
الكيان الصهيوني كجزيرة وسط بحر من العرب يمكنهم إغراقها إذا صدقت النوايا وشحذت العزائم، فكذلك ايران، تبدو كجزيرة وسط بحر من السنة يوشك أن يبتلعها. وهذا أدعى أن يجعل كلا من ايران والكيان الصهيوني متقاربين ومتحالفين، وقد صدرت دراسات بهذا الخصوص، تتحدث عن تحالف مقدس بينهما، والشيعة في الغالب ليست لهم عداوة مع اليهود، و التراث الفكري والفلسفي الشيعي شبيه إلى حد كبير بالتراث اليهودي إن لم يكن هو نفسه، حتى أن هناك من يقول أن التشيع ـ كما تطور في التاريخ ـ ليس الا اليهودية في ثوب [إسلامي].
والباحثون الذين يدافعون عن إيران ويجعلونها زعيمة [الممانعة والمقاومة؟؟] يدركون أن هذا القول مجرد أكذوبة، وأنه عار عن الصحة، وأن كل بطولات ايران إنما هي ضد العزل من العرب السنة و مشكلتها الاساس مع العرب السنة، والغرب يعي ذلك ويرضى به. وبالتالي، فإن كل المعارك التي تخوضها ايران ـ أو ستخوضها ـ ستدور في ارض العرب، وسيكون وقودها العرب، و ضحاياها العرب.
وربما آن الاوان للقول أن العرب اليوم في حاجة ماسة إلى ذي قار جديدة، وإلى قادسية جديدة ، تقضي على أطماع الفرس وتقطع آمالهم في بلاد العرب.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.