دينبريس
قال دانييل بيمان في تحليل على موقع «واشنطن بوست» إن القوات الأمريكية بدأت عملية مغادرة أفغانستان، بعد ما يقرب من 20 عامًا من الحرب. أعلن الرئيس بايدن قراره بإكمال الانسحاب الأمريكي بحلول سبتمبر (أيلول): «أعتقد أن وجودنا في أفغانستان يجب أن يركز على سبب ذهابنا في المقام الأول: ضمان عدم استخدام أفغانستان قاعدةً للهجوم على وطننا مرة أخرى. لقد فعلنا ذلك وحققنا هذا الهدف».
لكن تنظيم القاعدة ـ الذي وفر المبرر الأمريكي لغزو أفغانستان ـ لا يزال لديه 400 إلى 600 عضو يقاتلون مع طالبان، وفقًا لتقديرات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. في مقابلة حديثة، وعد نشطاء القاعدة بأن «الحرب ضد الولايات المتحدة ستستمر على جميع الجبهات الأخرى»، مما أثار انتقاد العديد من أعضاء الكونجرس لقرار بايدن. وبشكل أكثر هدوءًا، عارض العديد من المستشارين العسكريين للرئيس أيضًا تحرك الولايات المتحدة بالانسحاب.
يشير بيمان إلى أن منتقدي قرار بايدن يحذرون من أن القاعدة لا تزال قوية، وأنه إذا غادرت القوات الأمريكية، فإن طالبان ستمنحهم الملاذ، وسوف ينخفض ضغط مكافحة الإرهاب الأمريكي، وستعاني الحكومة الأفغانية وستحدث هجمات على الولايات المتحدة من أفغانستان. فما مدى وجاهة كل هذه المخاوف؟
ما مدى قوة تنظيم القاعدة حاليًا؟
على الرغم من وجود مقاتلين للقاعدة في أفغانستان، فإن قدرة التنظيم على شن هجمات إرهابية دولية من هناك ومن باكستان، حيث تمركز التنظيم الأساسي لما يقرب من 20 عامًا، محدودة. لم ينجح أعضاء القاعدة في مهاجمة الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر، على الرغم من المحاولات العديدة، كما أنهم كانوا غير فعالين ضد أوروبا في العقد الماضي. ربما نفذت الجماعات التابعة له مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هجمات محدودة، بما في ذلك هجوم في ديسمبر (كانون الأول) 2019 أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص في قاعدة بحرية أمريكية في فلوريدا، لكنهم ليسوا متمركزين في أفغانستان وباكستان.
يؤكد بيمان أن الولايات المتحدة قتلت العديد من القادة الأساسيين للقاعدة، وربما مات زعيم التنظيم أيمن الظواهري، وحقيقة أننا لا نعرف وضعه بعد أشهر من شائعات وفاته تخبرنا شيئًا عن تراجع أهميته. وقد أدى الضغط الناجم عن الضربات الجوية الأمريكية وغارات القوات الخاصة إلى إبقاء القادة في حالة فرار، ومنع إنشاء معسكرات تدريب واسعة النطاق شبيهة بتلك التي كانت موجودة قبل 11 سبتمبر.
ولا تزال دول العالم تركز على تهديد القاعدة، على عكس حقبة ما قبل هجمات سبتمبر. لقد أدت حملة الاستخبارات العالمية إلى عرقلة المجموعة عن التواصل، أو إرسال عملائها للاستطلاع أو جمع الأموال، أو الاستعداد لشن هجمات.
طالبان تكذب.. ولكن من مصلحتها كبح جماح القاعدة
ضغط المفاوضون الأمريكيون على طالبان لسنوات للموافقة على منع القاعدة من استخدام أفغانستان ملاذًا لهجمات إرهابية دولية. تدعي طالبان أنها قبلت هذا المطلب، كما يزعم أعضاء القاعدة أنهم سيحترمون ذلك حتى وهم يهاجمون الولايات المتحدة من ساحات أخرى. يستدرك بيمان بأن قادة طالبان قد كذبوا بشأن مدى علاقتهم بالقاعدة في الماضي، وألقوا بظلال من الشك على النفي بشأن العلاقة المستقبلية بين الطرفين.
ومع ذلك، فإن كبح جماح الهجمات على الغرب أمر منطقي بالنسبة لطالبان. فبينما وفرت ملاذًا لأسامة بن لادن، عارضت طالبان العديد من هجمات القاعدة، بما في ذلك 11 سبتمبر، لكنها استمرت في التعاون مع القاعدة على الرغم من غضبها من قرار مهاجمة الولايات المتحدة في عام 2001
يقول بيمان إنه منذ ذلك الحين أدركت طالبان تكلفة معارضة الولايات المتحدة، وقد يدرك قادتها أن الاحتفاظ بأفراد القاعدة بصفتهم مقاتلين محليين، ولكنهم سيمنعون مهاجمة الولايات المتحدة بما يرضي حلفاء طالبان لحليفتها، ويتيح لها الاحتفاظ بمقاتلين أكفاء مع إبعاد أفغانستان عن مرمى الولايات المتحدة.
قدرة الولايات المتحدة على مواجهة الإرهاب ستتراجع
يواصل بيمان كلامه بأن الانسحاب الأمريكي سيحد من قدرة الولايات المتحدة على ضرب قلب القاعدة في باكستان وأفغانستان. ومن المرجح أن يؤدي نقص القوات الأمريكية إلى إعاقة الجهود المبذولة لضرب القاعدة مباشرة – ولكن أيضًا يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت طالبان تنتهك التزامها بوقف القاعدة عن شن هجمات دولية.
كما قامت القوات الأمريكية الموجودة في قواعد في أفغانستان بحماية الأصول الاستخباراتية وشنت غارات ضد القاعدة، وكانت القواعد بمنزلة نقاط إطلاق طائرات بدون طيار. لقد أكد مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) ويليام ج. بيرنز مؤخرًا أنه بعد الانسحاب: «ستتضاءل قدرة الحكومة الأمريكية على جمع المعلومات عن التهديدات والتصرف وفقًا لها».
ومع ذلك، ستحافظ الولايات المتحدة على الأقل على بعض قدرات مكافحة الإرهاب خارج أفغانستان، وتعمل بالفعل على خيارات أخرى للقاعدة، بما في ذلك قطر وأوزبكستان. ومع ذلك، فإن هذه البدائل بعيدة؛ مما سيجعل العمليات الأمريكية أكثر صعوبة.
على الأرجح ستضعف الحكومة الأفغانية
أدلى الجنرال كينيث فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، بشهادته الأسبوع الماضي قائلًا: «إنني قلق بشأن قدرة الجيش الأفغاني على الصمود بعد مغادرتنا». هذا الضعف العسكري موجود على الرغم من مليارات الدولارات من المساعدات وجهود التدريب العسكري الضخمة وغيرها من الدعم على مدى العقدين الماضيين.
يشير بيمان إلى أنه في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة، قد تكون قدرة الحكومة الأفغانية على ملاحقة القاعدة محدودة في أحسن الأحوال. لقد اعتمدت عمليات القوات الأفغانية اعتمادًا كبيرًا على المخابرات الأمريكية والدعم العسكري. بالإضافة إلى ذلك، من دون ضغوط شديدة أو تحفيز من الولايات المتحدة، ومع تركيز الحكومة الأفغانية على طالبان والتهديدات المباشرة الأخرى – فمن غير المرجح أن يكون لديها القدرة للتصدي لمجموعات صغيرة من الإرهابيين الذين يعتزمون شن هجمات دولية.
ومع ذلك، قد يكون لدى باكستان حافز أكبر لفصل القاعدة عن طالبان، حليفها القديم. نفوذ طالبان الأكبر في أفغانستان هو انتصار لباكستان، لكن إسلام آباد تواجه تحديًا إسلاميًّا متشددًا أيضًا. إن هجوم القاعدة من أفغانستان على الولايات المتحدة أو أوروبا من شأنه أن يجدد الضغط على طالبان، وهي نتيجة ستعارضها باكستان.
تشير هذه العوامل مجتمعة إلى أن انسحاب القوات الأمريكية سيخفف الضغط على القاعدة، لكن الجماعة فقدت الكثير من قوتها منذ 11 سبتمبر، وتواجه العديد من التحديات. ونتيجة لذلك، ليس من المؤكد على الإطلاق أن الهجمات الإرهابية الدولية هي نتيجة محتملة لرحيل القوات الأمريكية من أفغانستان.
مصدر:
The U.S. is pulling out of Afghanistan. Don’t expect an al-Qaeda reboot.
ترجمة : ساسة بوست
Source : https://dinpresse.net/?p=16872