هل يمكن أن نعتبر كتاب الجابري الأخير”مدخل إلى القرآن الكريم” تفسيرا فلسفيا للقرآن الكريم؟

حمزة النهيري
2020-06-13T22:14:04+01:00
featuredآراء ومواقف
حمزة النهيري4 أبريل 2020آخر تحديث : السبت 13 يونيو 2020 - 10:14 مساءً
هل يمكن أن نعتبر كتاب الجابري الأخير”مدخل إلى القرآن الكريم” تفسيرا فلسفيا للقرآن الكريم؟

الدكتور حمزة النهيري
أعتقد من خلال قراءتي لهذا الكتاب يوم صدوره سنة 2006م بطبعته المغربية، أي قبل صدور طبعة مركز دراسات الوحدة العربية التي أرى أنها لم تحسن إخراج الكتاب وجعلت منه حروفا عصية على القراءة.. أن الجابري كتبه لنفسه بالقصد الأول وليس لأحد آخر.. كتبه ليتعرف على القرآن الكريم من خلال دراسة موضوعية تحاول أن تجيب عن قلق أنطولوجي أصابه نقرأه بين سطور الكتاب.

وقد اكتسبت كتابات الجابري منحى خاصا، ذلك أنها قامت على النقد المعرفي الابيستمولوجي في مقابل النقد الإيدولوجي..، حاول جاهدا فيها أن ينحاز للعقلانية والديمقراطية بعد أن تعرضت العلمانية لتشويه دلالي ومعنوي.

يقول الجابري في كتابه نحن والتراث: “إن الفلسفة في الأندلس – فلسفة ابن باجة و بن طفيل و ابن رشد – قد تأسست على العلم، على الرياضيات والمنطق مما سيجعلها علمية علمانية”.

لقد حاول الجابري في كتابه المدخل إلى القرآن الكريم أن يستكمل منهج مشروع نقد التراث من خلال طرح مجموعة من الأسئلة تتلخص في سؤال إمكانية الفصل في القرآن الكريم بين الدين والدنيا، وهل ثمة إصلاح حاضر بدون فهمنا لماضينا وعن سؤال فصل الدعوة المحمدية عن السياسة والتاريخ.

عبارة الجابري التراث نملكه ولا يملكنا أو جعل المقروء معاصرا لنفسه ومعاصرا لنا في الوقت ذاته كانت حاضرة في كتاباته. ولا ننسى التأكيد على أن الجابري رحمه الله لا يعتبر القرآن من التراث.

وقد كان من أغراضه في هذا الكتاب التعريف بالقرآن الكريم لدى شريحة كبيرة من القراء الغربيين تعريفا ينأى به عن التوظيف الايديولوجي والاستغلال الدعوي الظرفي من جهة يكون على أساسه فتح الكثير من العيون التي أصابها العمى فما عادت تبصر عظمة القرآن أو يراد لها أن لا تبصر حقائقه.. فالإنسان عدو ما يجهل كما يقول المثل.

يعترف الجابري أن أغلب كتاباته (نحن والتراث الذي هو عبارة عن مجموعة مقالات صحفية جمعت فيما بعد على الصورة التي هو عليها الآن أو نقد العقل العربي بمكوناته الأربعة) كانت ردود أفعال على نكسة 1967 وهو نفس الأمر الذي عانى منه غالب الكتاب كـ “طه عبد الرحمن” و”عبد الله العروي”، أما كتابه المدخل فهو رد فعل على ماجرى من تقلبات فكرية وإيديولجية بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر التي غيرت وجهة العالم، وهي أحداث قد تشبه زمان الكورونا لكن مع اختلافات في التداعيات والأعداء.

لقد اعتمد الجابري في محاولته التفسيرية على طريقة اعتماد ترتيب النزول عوض ترتيب المصحف الذي استقرت عليه العرضة الأخيرة والجمع العثماني الأخير.

وقد تكون المدخل من جزأين أحدهما في التعريف بالقرءان والثاني في موضوعات القرءان، كما خصص قسما من كتابه للحديث عن استكناه وحدة الأصل في الديانات السماوية مع تحليل لمسار التكوين والكون للقرآن الكريم، كما خصص قسما من الكتاب وهو الجزء الثالث للحديث عن القصص القرآني.

وفيما يتعلق بالقصص القرآني فقد أثاره موضوع منهج المتقدمين والمحدثين في التعامل مع مشكل الاسرائيليات في التفسير، ذلك أن البعض يعتبرها أحداثا تاريخية تعد مرجعا أساسا لفهم القصص، وهم لاشك منطلقين من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وحديث “لا تصدقوهم أو تكذبوهم” . وهي أحاديث لم تخل من ضعف وغمز.

وخلاصة الجواب عن السؤال:
فأنا أعتقد بأن الجابري كتب كتابه عن القرءان ليتعرف على هذا الكتاب المعجز من خلال الدراسة والنظر، وهو ليس كتابا فلسفيا بدون شك أو ريب فهو بالأصل لا يعتبر نفسه فيلسوفا..، وقد حدثني بعض المقربين منه أنه بعد انتهائه من الكتاب قال قولته الشهيرة “إلى بغات تجي الموت غير تجي” رحمه الله رحمة واسعة، ولا يفوتني أن أعيد ما سبق لي تدوينه من أن العلامة الكبير والمفكر الإسلامي القدير “محمد عمارة” رحمة الله عليه تثرى لم يعط لكتاب الجابري الوقت الكافي من الوقت والنقد، ولذلك اتسم كتاب محمد عمارة بالحمولة العقائدية الثاوية عند أغلب الإسلاميين والتي مفادها أن الجابري يكره الإسلام وهذا لعمري لا تثبته الشواهد والدلائل.
هذا رأيي باختصار في السؤال.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.