أصدرت الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء التابعة للمجلس العلمي الأعلى بتاريخ 08 صفر 1428هـ موافق 26 فبراير 2007م “فتوى في شأن امرأة مسلمة تبين لها أن زوجها بهائي”، علما بأنها مقيمة بالولايات المتحدة الأمريكية.. ومما جاء في الفتوى: “لا يجوز لأية امرأة مسلمة تومن بالله وبنبيه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وباليوم الآخر أن تتزوج بمن يعتنق الديانـة البهائية، ولا يحل لها ذلك بـحال من الأحوال، لأنه يعتبر كافرا في شرع الإسلام”، وبالتالي: “عليها أن ترفع أمرها إلى القاضي المختص في البلد الذي توجد فيه، لينظر في ذلك وفق النصوص الشرعية، ويقضي بفسخ النكاح، وتلتزم حينئذ العدة الشرعية اللازمة للاستبراء”..
هناك سيرٌ الآن نحو تقارب الأديان والنحل والملل، وهناك توجه نحو تعايش المعتقدات وتساكنها بوجه عام، ألا تسبح مثلا هذه الفتوى عكس التيار العام، وتسير نحو تكريس الفرقة والتنافر بين بني البشر؟ ألا يمكن للمجلس ـ فيما استجد من أمور ومحدثات ـ أن يراجع بعض الفتاوى التي يمكن اعتبارها “تكفيرية” أو “داعمة” لتطاحن الأديان وتنافرها، مثلما فعل المجلس مع تكفير وقتل المرتد؟
جوابا على هذه التساؤلات، قال الباحث والكاتب “محمد ابن الأزرق الأنجري”، في تصريح لموقع “دين بريس”، إنه ليس في نصوص ديننا القطعية كتابا أو سنة متواترة ما يمنع المسلمة من الزواج بغير المسلم إلا إن كان حربيا أي جنديا في قوة معادية لقومها المسلمين الذين هم في حالة حرب مع جيش القوم الذين ينتمي إليهم الجندي الذي يريد الزواج منها”.
يضيف أن هذا ما حرمه القرآن صراحة في سورة الممتحنة، حيث منع إعادة المؤمنات اللائي هربن من مكة إلى المدينة، وذلك لأن مكة المشركة كانت في حالة حرب مع المدينة المسلمة، وكان مشركو مكة يكرهون المسلمين ذكورا وإناثا على الكفر والردة ، ويدعون بذلك إلى النار.
يؤكد الأستاذ “الأنجري” أن تحريم الزواج بغير المسلم مستند إلى علة ظاهرة معقولة وهي الإكراه على الكفر وفتنة المسلمة في دينها، مضيفا أن هذه العلة منتفية في عصرنا نظرا للحقوق والقوانين التي تحمي المرأة من جهة، كما تحمي الحرية الدينية من جهة ثانية لكل فرد.
بل أكثر من ذلك، يقول إن القرآن صرح في سورة المائدة بحلية وإباحة المرأة الكتابية للرجل المسلم لأنه حين يلحقها به لن يكون مكرها على الكفر ولو كان قومها غير المسلمين في حالة حرب مع قومه.
هذا على وجه عام، أما بخصوص البهائية، فيؤكد “الأنجري” أنها “مدرسة تنتمي للأمة الإسلامية مهما انحرفت على مستوى بعض التصورات والعقائد، ولا يجوز بحال تكفيرها وإخراجها من دائرة الإسلام إلا تشددا وتطرفا، متسائلا: “إن البهائية يؤمنون بالله والقرآن والرسول.. فكيف يخرجهم بعض الفقهاء من الإسلام؟!”
ويخلص خريج دار الحديث الحسنية إلى أن البهائي شخص مسلم، والحرية الدينية مكفولة للمسلمة بالقوانين، فيجوز لها أن تتزوجه، ولا مانع من ذلك إلا الانحراف عن جادة الدين وروحه، مؤكدا أن “كل فتوى بتطليق المسلمة من البهائي هي تطرف يجب القطع معه في الدولة الحديثة”.
دين بريس
المصدر : https://dinpresse.net/?p=6455