13 يونيو 2025 / 16:13

هذه طبيعة الدراسات العليا في الإنسانيات والعلوم الاجتماعية

أشرف منصور. باحث من مصر

تعتمد الدراسات العليا على المجهود الشخصي للطالب/ الطالبة؛ فبدلا من الاعتماد على كتاب مقرر يجده الطالب جاهزاً بين يديه، يذاكره من أجل اجتياز اختبار آخر الفصل الدراسي، فإن الدراسات العليا تعتمد على تجميع الطالب بنفسه للمادة العلمية المطلوبة من المراجع المناسبة، وكأن الطالب هو الذي يؤلف كتابه بنفسه.

إن الإنسانيات والعلوم الاجتماعية من التخصصات النظرية البحتة، ولذلك فهي تعتمد على قدرة الطالب على القراءة لساعات طويلة. وهذه القدرة يجب أن تُنَمى وتُكتسَب بالتمرين والتعود، وتتطلب صبرا طويلا ورغبة قوية في الاستمرار حتى تحقيق الهدف. لكن القراءة لساعات طويلة يمكنها أن تشتت الذهن وتجعل موضوع الدراسة يتوسع إلى درجة عدم التمكن من حسمه، وبالتالي فالقراءة الطويلة يجب أن تكون مصاحبة بوضوح في الأهداف المرجوة منها.

ومن المتوقع منك أن تنفق الساعات الطويلة في المكتبات وفي المنزل. فلأن الدراسة نظرية، فإن معمل دارس الإنسانيات هو المكتبة ومكتبه في منزله، وكل أدواته لا تتمثل إلا في الكتاب والورقة والقلم وحسب، وفوقهم جميعا عقلك المفكر وذهنك الصافي.

كما تعتمد دراسة الإنسانيات على تنمية مهارات بحثية معينة، مثل القدرة على التعبير الواضح عن الأفكار، وعلى جمع المادة العلمية المناسبة لموضوع الدراسة، والقدرة على التفكير الناقد، والشجاعة في التعبير عن الرأي، والعقلانية والمنطقية في إثبات صحة هذا الرأي؛ ومهارات أخرى تتعلق بتنمية أسلوب خاص في الكتابة وشخصية خاصة بالباحث تظهر في كتابته.

فالهدف النهائي للدراسات العليا هو إنتاج كاتب، أي تحويل الطالب من مجرد دارس إلى مؤلف له شخصية كتابية تظهر في أسلوبه في الكتابة. وكل ذلك بهدف الوصول بالباحث إلى الدرجة التي يستطيع عندها أن يعد رسالة ماجستير أو دكتوراه، يعدها باعتباره مؤلفا وكاتبا لا باعتباره مجرد جامع وملخص لما كتبه الآخرون؛ وأخيرا الوصول به إلى درجة الباحث المستقل والمتفرد والمبدع.