العرائش ـ “دين بريس”
في إطار فعاليات الأيام الوطنية بالمركز الثقافي ليكسوس العرائش 06-25 نونبر 2023 تخليدا للذكرى 48 للمسيرة الخضراء والذكرى 68 لعيد الاستقلال، نظم المركز الثقافي الإقليمي بالعرائش بشراكة مع مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث بالرباط، ومجموعة أصداء للموسيقى والبحث في التراث، وبتنسيق وتعاون مع المديرية الإقليمية لقطاع الشباب بالعرائش، ندوة في موضوع: “الأغنية الوطنية وأغنية الجيل” مساء يوم الجمعة 24 نونبر 2023 بفضاء قاعة ندوات المركز الثقافي ليكسوس باب البحر بالعرائش.
وعرفت الندوة مشاركة شعيب الجميلي، باحث في التراث الشعبي ورئيس مجموعة السلام الموسيقية، وعبد السلام السلطاني، رئيس مجموعة أصداء للموسيقى والبحث في التراث، وقام بتسيير الندوة الشاعر إدريس علوش.
وفي مطلع تقديم الندوة، اعتبر إدريس علوش أن هناك سياقات دعت إليها الضرورة لكي أغنية الجيل بهذه القوة التي عاينا، ومن ذلك أنها كانت صدى لما يحدث في الشارع المغربي، وبداية تشكل وعي نقدي جديد، استمد جذوره وأصوله من الفكر الإنساني النقدي، وخاصة فكر العدالة الاجتماعية.
وأضاف علوش أن الحديث عن أغنية الجيل يفيد أيضا الحديث عن شباب مثقف، لديه زاد من الوعي النقدي يسمح له أن يقول كلمته لما كان يحدث آنذاك في سياقات مجتمعية، مؤكدا أننا بصدد الاحتفال بالبعد الفني والجمالي للأغنية الوطنية لدى أغنية الجيل، وخاصة لدى تلك المجموعات التي اشتهرت من قبل، وكذا استعراض علاقتاها بالمد الروحي والمد التواصلي ولقاءه بالروح الوطنية، مستشهدا من باب الذكريات، بالحضور الكبير لأغاني لمشاهب مثلا في أغلب أحياء المدينة القديمة لمدينة العرائش في حقبة مضت، على غرار حضور الآذان وأغاني فيروز في صباحيات بيروت.
من جهته، توقف شعيب الجميلي عند السياق التاريخي لظهور أهم مجموعات هذا النوع من الغناء، وخاصة مجموعات جيل جلالة وناس الغيوان ولمشاهب والأرصاد والسهام ومسناوة وأصداء وغيرها، معتبرا أنه في سياق عنوان الندوة، فقد كان حصول المغرب على استقلاله واستكمال الوحدة الترابية، من أهم الظروف التي شكلت ظرفا ملائما لتفجر الطاقات الإبداعية الفنية لعديد من الفنانين، تفاعلا مع مجمل هذه الأحداث الوطنية التاريخية.
وأكد المتدخل أيضا أن النزعة الوطنية في أغاني هذه المجموعات اتخذت عدة صور وتمظهرات، بحيث لا تقتصر عند التغني بالأحداث الوطنية وحسب، وإنما امتد الأمر إلى التغني بتمجيد الوطن والتعبير عن هذا الحب، والاعتزاز بالانتماء إليه، إضافة إلى التغني بتراثه ورموزه بل والاستعداد للذود عنه، موردا مجموعة من الأمثلة، لعل أشهرها لدى الرأي العام أغنية “العيون عينية” لجيل جيلالة الخاصة بحدث المسيرة الخضراء، ولذلك كانت الأغنية الوطنية أغنية حماسية، تثير فيه النزعة الوطنية، وتذكره بمغربيته، يفتخر بأمجاد وطنه وحضارته.
بخصوص تيمة حب الوطن، فقد كانت تروم التعبير عن تعبير سامي في سياق ولادة وطن أسمى وأجمل، وقد تغنت هذه المجموعات أيضا بالتراث المغربي وبجمال المدن، ولمجموعة لمشاهب أغنية “عروس الصحراء ” الدالة في هذا السياق، التي تصف أدق تفاصيل جلسة شرب الشاي، لأنها تعبر عن طقوس وثقافة وهوية.
بخصوص بريق أغنية الجيل اليوم، أكد شعيب الجميلي أنه يصعب الحديث عن أغاني جديدة، باستثناء بعض الأغاني التي تهم المسيرة الخضراء مثلا أو عيد الاستقلال، لكن في المقابل، هناك تجديد للأغاني القديمة، مع إدخال إيقاعات جديدة وأسلوب جديد، غربية وتركية وغيرها عبر خلال توظيف مجموعة من الآلات والمقامات، تماشيا مع التطور الحاصل في الذائقة الموسيقية.
وفي الأخير، تطرق المحاضر أيضا إلى خوض أغنية الجيل في موضوع مناهضة التطرف، كما هو الحال مع إحدى أغاني مجموعة الأرصاد، حيث الدعوة إلى مناهضة التطرف والإرهاب، مقابل الدعوة إلى التعايش السلمي.
بالنسبة لعبد السلام السلطاني، فقد تطرق إلى كرونولوجيا أغنية الجيل في مدينة العرائش، وأحصى حوالي ثلاثون مجموعة، ذكر منها خمسة عشر، وهي مجموعة ولاد المصباح، جيل النغمة، القنادل، الفلاك، المحاور، المصابح، أبناء الشط، العوان، الوئام، الصياح، الأمجاد، الهداية، الشعاع، السلام، دموع الفرحة، وقد كان المعيار المتبع في هذا التصنيف أن هذه المجموعات، استمرت ة معينة، تعرفت في العرائش واستطاعت أن تحظى بشهرة نسبية خارج إقليم العرائش.
وتعتبر ولاد المصباح حسب المحاضر، أول مجموعة تأسست في المدينة، أما مجموعة الفلاك فقد أصبحت تحمل اليوم إسم أصداء، وهي التي بقيت مستمرة منذ أربعة وعقود ونيف.
كما استعرض عبد السلام السلطاني كلمات مجموعة من أغاني هذه المجموعات، وخاصة مجموعة أصداء باعتبارها المجموعة التي قاومت هذه التحولات التي تعرضت لها أغنية الجيل، ومن أسباب توقفه عند مضامين العديد من كلمات أغاني هذه المجموعات، أنه كان عضوا أو متعاونا مع أغلب هذه المجموعات.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=20709
