ملاحظات حول قضايا الهوية في المغرب

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس28 يناير 2025آخر تحديث : الثلاثاء 28 يناير 2025 - 4:56 مساءً
ملاحظات حول قضايا الهوية في المغرب

محمد الغيث ماء العينين

إبراز الهويات الفرعية في أي مجتمع متنوع مثل المغرب يمكن أن يكون ظاهرة طبيعية تعكس غنى التنوع الثقافي والعرقي، لكنه قد يحمل بعض المخاطر إذا لم تتم إدارته بشكل حكيم.

مخاطر التركيز على الهويات الفرعية:
1. تهديد الهوية الجامعة:
• إذا بدأ كل مكون ثقافي أو عرقي في التركيز على هويته الخاصة باعتبارها الأهم أو الأصل، فقد يؤدي ذلك إلى تآكل الشعور بالانتماء إلى الهوية الوطنية الجامعة.
• المغرب كدولة تاريخية يعتمد على هوية جامعة تقوم على التعدد والتكامل، وأي نزوع نحو الانعزالية قد يهدد هذا الإطار.

2. إثارة الصراعات الثقافية أو العرقية:
• إبراز الهوية الفرعية بطريقة مبالغ فيها قد يؤدي إلى مشاعر الإقصاء أو التهميش لدى الآخرين، مما يخلق صراعات ثقافية أو حتى عرقية.
• هذه الصراعات قد تتطور إلى منافسة سياسية أو اجتماعية قد تهدد الاستقرار الوطني.

3. استغلال سياسي للانقسامات:
• الجماعات السياسية أو الأيديولوجية قد تستغل النزعات الهوياتية لتعزيز أجنداتها، مما يعمق الفجوة بين المكونات المختلفة.

4. التأثير على الوحدة الاجتماعية:
• التركيز على الهويات الفرعية قد يؤدي إلى ضعف التماسك الاجتماعي وزيادة الاستقطاب، حيث يعرّف الأفراد أنفسهم من خلال “ما ليسوا عليه” بدلاً من التركيز على القواسم المشتركة.

كيف يمكن تفادي هذه المخاطر؟
1. تعزيز الهوية الجامعة دون إلغاء الخصوصيات:
• يجب أن يتم الاعتراف بالهويات الفرعية كجزء لا يتجزأ من الهوية المغربية الجامعة، التي تقوم على التعدد والتنوع (الرافد الأمازيغي، العربي، الإسلامي، الإفريقي، الأندلسي، والمتوسطي).

2. إدارة التعدد بشكل متوازن:
• اعتماد سياسات تحترم التنوع الثقافي واللغوي وتعززه، مثل دعم اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية، وإبراز الثقافة الأمازيغية كجزء من التراث الوطني.

3. محاربة الإقصاء والتهميش:
• يجب تقليص الشعور بالتمييز من خلال توزيع عادل للموارد والتنمية على جميع المكونات الثقافية والمناطق الجغرافية.

4. التركيز على المشترك:
• تعزيز القيم المشتركة بين جميع المغاربة، خاصة الإسلام كدين جامع، مع الحفاظ على احترام الاختلافات الثقافية واللغوية.

هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى تفكك الهوية الجامعة؟

نعم، إذا لم تتم معالجة النزعات الهوياتية بحكمة، فقد يؤدي ذلك إلى صراع هويات يهدد الوحدة الوطنية. لكن المغرب يمتلك تجربة طويلة في إدارة التعدد الثقافي، ويمكن تعزيز هذه التجربة من خلال سياسات تشاركية تضمن تمثيل الجميع واحترام خصوصياتهم. الهوية الوطنية ليست ثابتة بل ديناميكية، ويمكن أن تقوى بالاعتراف بالتنوع والعمل على تحويله إلى مصدر قوة لا ضعف.
ــــــــــــــــــ
صفحة الكاتب على فيسبوك

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.