يوسف اسحيردة
كأي مفكر كبير، لا يمكن قراءة مكيافللي دون ضبطٍ للمفاهيم التي يستخدمها باستمرار وتشكل نواة فلسفته السياسية. في هذا المقال تجدون معجما كاملا لأهم المصطلحات والمفاهيم التي تؤثث فضاء ميكافللي السياسي.
الطالع (fortuna)
ترتيب غير متوقع وخارج عن السيطرة للأشياء في الزمن، والذي يحدد تصرف الناس والمجتمعات الإنسانية. غالبا ما يشير إليه مكيافللي باستخدام تعبير “متطلبات الزمن”، بمعنى الظروف.
القوة (forza)
فضاء مكيافللي السياسي يتميز بالصراع وغياب الاستقرار، حيث أن القوة، التي تُختصر في القوة العسكرية، تُصبح عاملا أساسيا وحاسما. ومع ذلك فمكيافللي يدعو إلى الاقتصاد في استخدام العنف والقوة وعدم الإفراط في اللجوء إليهما، رغم أنه يفعل ذلك انطلاقا مع اعتبارات سياسية وليست أخلاقية.
الحرية (libertà)
يعني مكيافللي بالحرية، استقلالية دولة أو جسم سياسي. لكن التبني الكامل بالنسبة له يتعلق بالحرية الفردية، النابع من التقليد الجمهوري. فبحسب هذا المفهوم، الحرية هي وضعية يُخولها التواجد ضمن شكل من الحكومات المختلف عن الإمارة، والذي يسمح بمساواة مادية وقانونية نسبية، وكذلك بمشاركة المواطنين في المؤسسات والجيش.
الضرورة (necessità)
بالنسبة لمكيافللي، الضرورة هي وضعية تُجبر على القيام بتصرف معين. يُمكن أن يتعلق الأمر بظاهرة طبيعية أو مفروضة من طرف قوانين أو أعراف أو مؤسسات. ففي حين يُخفي الطالع الطريق، تُظهر الضرورة وِجهة التصرف الذي يجب القيام به. الشخص الفاضل هو الذي يعرف كيف يتأقلم مع الظروف من أجل أن يخرج منتصرا من هذه الوضعية.
الفرصة (occasione)
هي هدية الطالع التي تُعلي من حظوظ نجاح التحرك. هي تتميز بصعوبة تحديدها وقدرتها على المراوغة والانفلات. استغلال الفرصة يستدعي معرفة تمييز المكان والتوقيت المناسبين للتحرك، وعقد العزم على التصرف بصرامة ودون تردد أو تأخر.
الإمارة الجديدة
الموضوع المركزي في كتاب “الأمير” هو تحليل إنشاء الامارات الجديدة (والمختلطة) والمحافظة عليها، والتي هي المقابل السياسي للإمارات الوراثية والدينية. شرعية الامارة الجديدة تنبع من الأثر النافع القادرة على إحداثه لاحقا.
الإمارة المدنية
فيها تتمركز السلطة أيضا في يد شخص واحد، لكنه شخص تم اختياره من طرف الشعب من أجل الدفاع عن الصالح العام. في هذا النوع من الامارات (الجمهورية)، صعود الأمير إلى سدة الحكم واستمراره فيها يستبعد اللجوء الى القوةوالانحراف. إنه النموذج الذي يروق الكاتب كما نلاحظ ذلك في كتابه “خطاب حول العشرية الأولى لتيت ليف”.
الواقعية السياسية (verità affetuale)
يمكن تلخيص الملامح الكبرى للواقعية السياسية عند مكيافللي في:
أولا : التشاؤم الانتروبولوجي الذي يعتبر الأهواء التدميرية عند الانسان بمثابة الثابت الذي يجب على كل فعل سياسي أن ينطلق منه ويأخذه بالحسبان.
ثانيا : اعتبار المجتمع والدولة بمثابة حقل صراعات مستمرة، سواء على المستوى الداخلي او الخاجي.
ثالثا : القبول بالطبيعة التراتبية لعلاقات القوة.
رابعا : في ميدان السياسة يجب القبول بالحقيقة التي مفادها أن لا وجود للقرار المثالي الذي لا تشوبه شائبة، المنزه عن السلبيات والأخطاء، ما يعني في نهاية التحليل القبول بارتكاب أقل الشرور.
اللقاء (riscontro)
هو المواجهة بين البشر والطالع. ونجاحه يتوقف على مدى التوافق بين تصرف الانسان والتصرف الذي تمليه دائما وأبدا الظروف. أمام الحتمية الواضحة لعالم يُغير الطالع معالمه ويهزه هزا في كل مرة، نجد أن مكيافللي لا يستسلم ويدعو إلى المقاومة والتحرك. “اللقاء” هو انسجام الإنسان مع الطابع المتقلب للظروف.
الفضيلة (vertu)
القدرة على تغليب الغايات الإنسانية على الظروف، أي القدرة على القيام بما تضعه الفرصة و ويضعه الطالع بين يدي الإنسان. بخلاف المفاهيم الكلاسيكية والمسيحية، الفضيلة المكيافللي ليست شكلا من السيطرة على الذات أو النية الحسنة أو السلامة الأخلاقية، ولكنها ضرب من المهارة التقنية. يتعلق الأمر بمزيج من الاحتراس والشجاعة، وحتى الشدة.
الجمهورية (reppublica)
هي نظام سياسي يتعارض مع الملكية. يتعلق الأمر، بحسب مكيافللي ،بالنظام السياسي القادر على الدفاع على الصالح العام والحرية. ومع ذلك فمكيافللي ليس جمهوريا مغرقا في المثالية: الجمهورية الأكثر فعالية لا يمكن إلا أن تكون نظاما يجاور فيه العنصر الشعبي العنصر الارستقراطي ويعارضه، والعكس صحيح، وحيث النظام القانوني يسمح بتوزيع للسلطة، وأيضا تواجد نظام للقوى المضادة.
(1) تم الاعتماد هذا المقال على العدد المخصص لمكيافللي في مجلة لوموند (2016)
المصدر : https://dinpresse.net/?p=21903