د. الناجي لمين. أستاذ بدار الحديث الحسنية. الرباط
خواطر الأقصى: دينُنا مجموعة أحوطيات!
بينتُ في منشور قديم أن الشريعة التي ورثناها هي المذاهب الأربعة، ولا توجد شريعة أخرى أحسن منها. وقلت: إن من ينازعني في ذلك فليُعطني شريعة أحسن منها. وإياك أن تقول لي: (الكتاب والسنة)، لأن الكتاب والسنة لا يصيران شريعة مُلزِمة إلا إذا فُهِمت نصوصهما وفُقهت، فالشريعة هي النصوص زائد الفهم والفقه.
وعندما جاءت مدرسة المنار مع رائدها رشيد رضا أرادوا ان ينسخوا هذه الشريعة بشريعة حداثية. وهذا واضح من أكثر من مقال لرشيد رضا، منها مقال كتبه في سنة 1905 للميلاد، حيث قال: إن المدنية الحاضرة (يقصد الحداثة) لا تخالف الإسلام الحقيقي. وقد نقلتُ نصَّه وأعدتُه في أكثر من منشور.
ثم جاء أتباعه من بعده فتفننوا في التعبير عن هذه المرجعية (أقصد مرجعية الحداثة).
لقد عبَّر عنها القرضاوي بما سماه “فقه التيسير”، ومرجعيتُه النهائية في حقيقة الأمر هي الحداثة، فكل ما وافق الحداثة فهو حلال عنده، (وإن كان لم يصرح بذلك كما صرح بها رشيد رضا). ومن أراد أن يتأكد من ذلك فليراجع فتاواه، ومنها كتابه فتاوى معاصرة. فهي مبنية على هذه المرجعية.
وهو فقه توصل إليه وهو ما زال تلميذا يَدرُس في الثانوي(!!)، كما حكى ذلك في كتابه ابن القرية، فهو فقه لم تأت من دراسة معمقة استغرقت سنين، إنما هو هاجس سكنه منذ بداية شبابه.
الخلاصة: أن المناريين اجتهدوا في نسخ شريعة المسلمين الموروثة بشريعة حداثية لا قواعد لها قارة، وتوسلوا لهذا النسخ بالكذب على العلماء وتزويرِ النُّقول (كما فعل القرضاوي مع نص لابن القيم في مسألة بقاء المسلمة تحت زوجها غير المسلم)، والبحثِ عن بعض الاقوال والمظاهر الشاذة، قصد التشنيع والتهويل.
وها هو القرضاوي في الشريط التي نشرته قبل ساعات يصرح بأن الدين أصبح عبارة عن مجموعة أحوطيات.
فالعجب العجب كيف يدافع بعض الفضلاء عمن يصف شريعتهم بمجموعة أحوطيات. أخذتهم الغيرة على شخص ضخمه الاعلام في نفوسهم ولم تأخذهم على شريعتهم الموروثة، ولم تأخذهم الغيرة على علماء الإسلام الذين محص عدالتهم الزمان، وقدسوا أشخاصا كانوا يمارسون السياسة بثوب العلم.
الله المستعان.