د.خالد الشرقاوي السموني
يشكل أفراد الجالية المغربية بالخارج إحدى الدعامات الأساسية لتنمية الاقتصاد الوطني ، حيث سجلت تحويلات مغاربة العالم ، خلال السنتين الأخيرتين ، رقما قياسيا غير مسبوق، وهذا المعطى الإيجابي يجب أن تقابله سياسة حكومية مندمجة تنهض بحقوق أفراد الجالية و تحقق مطالبهم المشروعة وتعزز مكانتهم في بلاد المهجر وتشجيع الكفاءات منهم للاستثمار في وطنهم الأم .
كما ينبغي التحرر من الصورة النمطية السائدة حول مغاربة العالم وتجاوز الجانب السياسي والمصلحي الضيق المتعلق بدور مغاربة العالم في التحويلات المالية، والتفكير فيهم كمغاربة قبل أن يكونوا “موردا اقتصاديا” والانفتاح على قضاياهم.
كذلك يجب أن نعي جيدا دور الجالية المغربية داخل المغرب وخارجه ونتكلم عن الجيل الثالث الذي أصبح بحكم الواقع يحمل جنسيتين بمشارب ثقافية ودينية مختلفة والدور الذي يضطلع به في الخارج لتقديم صورة عن مغرب التسامح والقبول بالآخر والدفاع عن المصالح الوطنية للمملكة .
في هذا الإطار ، ينبغي تعبئة الطاقات من أفراد الجالية والحرص على تنمية ارتباطهم بأرض الوطن والاقتراب من قضاياهم ونقلها إلى الحكومة والبرلمان والمؤسسات المعنية بالجالية والتفاعل بشأنها، وأيضا تقدير الإسهام اللامادي لمغاربة العالم من خلال كفاءاتهم البارزة في مختلف المجالات ومناصب المسؤولية المهمة التي يشغلونها في القطاعات المقاولاتية والسياسية والعلمية والفكرية كذلك .
هذا مع العلم ، أن جلالة الملك منذ توليه الحكم وهو يولي عناية خاصة برعاياه المقيمين بالخارج، فهو السند الدائم والساهر على حماية حقوقها، والحريص على الإنصات لهمومها وإعطاء التعليمات السامية اللازمة للاستجابة إلى مطالبها، وتحسين الخدمات الموجهة إليها، وما فتئ يعطي تعليماته للحكومة لكي تأخذ انشغالاتها بعين الاعتبار وبشكل أفضل يرقى إلى تطلعات مغاربة العالم .
وما يؤكد ذلك، الخطاب الملكي ليوم 20 غشت 2022 بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، والذي قدم خلاله جلالة الملك محمد السادس خارطة طريق واضحة المعالم، حيث شدد فيه على ضرورة إقامة علاقة هيكلية دائمة، مع الكفاءات المغربية بالخارج، وإحداث آلية خاصة، مهمتها مواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج، ودعم مبادراتها ومشاريعها، ودعوة للشباب وحاملي المشاريع المغاربة، المقيمين بالخارج، للاستفادة من فرص الاستثمار الكثيرة بأرض الوطن، ومن التحفيزات والضمانات التي يمنحها ميثاق الاستثمار الجديد، ومطالبة المؤسسات العمومية، وقطاع المال والأعمال الوطني بالانفتاح على المستثمرين من أبناء الجالية؛ وذلك باعتماد آليات فعالة من الاحتضان والمواكبة والشراكة، بما يعود بالنفع على الجميع، وتحديث وتأهيل الإطار المؤسسي، الخاص بهذه الفئة وغير ذلك .
فضلا عن ذلك، شدد خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية للولاية الحالية شدد فيه على ضرورة تعزيز العلاقة بين مغاربة العالم وبلدهم الأصلي عبر مواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج ودعم مبادراتهم ومشاريعهم، وكذا تحفيز الشباب وحاملي المشاريع من المغاربة المقيمين بالخارج، على الاستفادة من الفرص المتعددة للاستثمار التي يتيحها بلدهم الأم.
وعلى هذا الأساس، ينبغي تغيير الصورة النمطية والسلبية تجاه أفراد الجالية المغربية بالخارج باعتبارهم موردا اقتصاديا، بقدر ما يجب التعامل معهم كمغاربة كاملي المواطنة، لهم حقوق تجاه بلدهم الأصلي، يستوجب على الحكومة النهوض بها وتعزيزها، وتوفير الشروط الموضوعية لاستقطاب المستثمرين منهم في الاشتغال أو الاستثمار في المغرب، ورفع العراقيل الإدارية أمامهم، واعتماد مقاربات محفزة تعزز جذب الشباب ذوي المؤهلات العالية والعاملين فـي القطاعات المتطورة، مثلما جاء في تقرير لجنة النموذج التنموي .
المصدر : https://dinpresse.net/?p=20332