بقلم: محمد زاوي
لأية غاية تعمل جماعة العدل والإحسان؟ هل تريد المشاركة السياسية كغيرها من الأحزاب والهيئات والتنظيمات الوطنية؟ هل تسعى إلى مشاركة فعلية قبل أن تنهار إيديولوجيا مع انهيار أدلوجة الإسلام السياسي إقليميا وعالميا؟ هل ما زالت تسعى إلى “قومة إسلامية” عجزت عن القيام بها زمن عنفوانها وقوتها وبوجود شيخها ومؤسسها؟ هل تفضّل إبقاء ما كان على ما كان دائرةً في حلقتها المعهودة إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعول؟!
كله وارد في جماعة لم تحسم أمرها بعد، فبقيت حبيسة تناقض داخلي لا يخدم ما يمكن أن تحققه من فعل تاريخي في مجتمعها. طرفا هذا التناقض هما فئة إكليروسية محافظة تعيد إنتاج أدلوجة الرفض والمقاطعة و”القومة” ومواجهة “الملك الجبري”، وفئة أخرى انفتحت على علم السياسة والقانون الدستوري والعلوم الاجتماعية وأسست المراكز البحثية وفتحت النقاشات السياسية، أغلب أفرادها يتوزعون بين مراكز الجماعة ودائرتها السياسية. هذه الفئة الثانية تسارع الخطى للمشاركة، لكنها تغفل مسألتين أساسيتين:
-مسألة ذاتية: إذ تستعصي المشاركة في ظل وجود تناقض يهددها حتى لو تمت. فكل مشاركة في ظل هذا التناقض حتى إذا تحققت فستكون مشاركة هشة وغير ذات فعالية للجماعة وللرهان السياسي العام معًا.
-مسألة موضوعية: فليست الجماعة من يحدد زمن المشاركة، لأنها لا تمتلك تملك تدبير الزمن السياسي ما دامت لا تسيطر سيطرة موضوعية وتاريخية على الجوهر الاجتماعي للمجتمع المغربي، وهو علاقاته الإنتاجية التي تحدد علاقاته السياسية؛ بل تكتفي بالحركة والمناورة على هامش هذه العلاقات.. وكل ما تمتلكه هو المناورة، في غياب تكتيك واستراتيجية واضحين.
تجمع سياسي وإيديولوجي كهذا غير قادر على تحديد زمن مشاركته، كما هو غير قادر على تحديد وتيرة مقاطعته وعمله المعارض، دون رهان على الأحداث العفوية والمستجدات المجتمعية بين فينة وأخرى.. أدلوجة مبرمجة على رد الفعل لا على الفعل، وكل فعلها تستثمره في التعبئة الإيديلوجية وانتظار الحدث المحرّك، لا في التخطيط المستقبل وفق الإمكان التاريخي المغربي.
وفي انتظار أن ينضج الشرطان أعلاه، الذاتي والموضوعي، من خلال: ميل كفة التناقض الداخلي لفائدة أصحاب أطروحة التجديد الفكري والسياسي، وحاجة إدارة الدولة إلى مشاركة الجماعة؛ في انتظار ذلك لا يدخل الحديث عن مشاركتها إلا في باب: إنتاج القابلية السياسية والإيديولوجية لمشاركة ضرورية في المستقبل.. وأظن إن “تيار التجديد” داخل الجماعة يعرف ذلك ويستعد له، لكنه ما زال عالقا بين: استعجال يأباه الزمن السياسي العام حاليا، ورغبة في المشاركة يعيقها “تقليد الجماعة”.
تابع آخر الأخبار من دين بريس على نبض

