21 مارس 2025 / 10:33

لماذا أتضايق من أصحاب المنهج السلفي؟

محمد بن جامع
أجد نفسي متضايقًا من المنهج السلفي، ليس بسبب التزامه الظاهري بالدين، بل بسبب منهجيته في التعامل مع النصوص والمجتمع.

هناك أربع نقاط أساسية تفسّر هذا الضيق:

1- الجمود في فهم النصوص:
السلفيون غالبًا ما يتبنّون قراءة حرفية للنصوص، متجاهلين السياقات التاريخية والاجتماعية التي أحاطت بظهورها. هذا الجمود يجعلهم يتعاملون مع النصوص كقوالب جامدة تُفرض على الواقع مهما تغيّرت الظروف. والنتيجة هي خطاب ديني يعجز عن تقديم حلول واقعية لمشكلات المجتمع الحديثة.

2- الإقصائية واحتكار الفهم الصحيح:
يعتقد كثير من السلفيين أن رؤيتهم هي الفهم الأصح والوحيد للإسلام، ما يدفعهم إلى تبديع وتكفير المخالفين بسهولة. هذه النزعة الإقصائية تجعل الحوار معهم صعبًا، إذ يُنظر إلى كل اختلاف على أنه انحراف أو ضلال.

3- التركيز على المظاهر على حساب المقاصد:
بينما يُفترض أن يكون الدين وسيلة لتحقيق العدل والإحسان واللاإكراه والكرامة الإنسانية والمساواة، ينشغل بعض السلفيين بتفاصيل شكلية كطول اللحية أو لباس المرأة، ويغفلون عن الجوانب الأعمق المتعلقة بالقيم الإنسانية والأخلاقية. والسلفيون لا يكتفون بطرح منهجيتهم، وإنما المزعج أكثر هو استفزازهم للآخرين من خلال تقديم أنفسهم كأوصياء على الدين.

4- الحماس المفرط في اتباع الأشخاص والرموز:
يظهر لدى كثير من السلفيين ميل مفرط لتقديس رموزهم ومشايخهم، حتى يصبح كلامهم في نظرهم بمنزلة الحق المطلق الذي لا يُناقش. هذا التعلق الزائد يخلق حالة من التعصب للأشخاص، بحيث يُتعامل مع نقد هؤلاء الرموز كاعتداء على الدين نفسه. هذه الظاهرة تعزز ثقافة الاتّباع الأعمى وتقلّل من فرص التفكير النقدي والاجتهاد.

ما يزعجني أكثر هو أن هذه الرؤية تخلق حالة من التشدد والانغلاق تعوق التفكير الحرّ، وتحجب كثيرًا من المسلمين عن اكتشاف العمق الروحي والفكري في دينهم.

لا أنكر أن هناك أتباعًا لهذا المنهج يتسمون بالإخلاص والنية الصادقة، لكن المشكلة تكمن في المنهج نفسه الذي يُنتج عقلية ترى العالم في ثنائيات صارمة: حقٌّ أو باطل، صوابٌ أو خطأ، دون مساحة للتأمل أو الاجتهاد.
ـــــــــــــــ
رابط صفحة الكاتب على فيسبوك