الصادق العثماني ـ باحث في الفكر الإسلامي وقضايا التطرف الديني
وأنا أتابع أخبار أفغانستان في قنوات البرازيل يوم أمس وصبيحة اليوم، علمت بأن هناك مسرحية جديدة ومتحور وبائي داعشي جديد سيتصدر مشهد الساحة الدولية والإسلامية على وجه التحديد، وسيكون ضحيته الإسلام والجاليات المسلمة في البلاد الغربية، مع تشويه صورة العربي والمسلم في عقول الغربيين، وبالتالي المزيد من القوانين المجحفة ضدهم بالإضافة إلى انتعاش الأحزاب اليمينية المتطرفة الدينية من جهة، وارتفاع وتيرة الإلحاد في صفوف شباب المسلمين من جهة أخرى.
وهذه الأمور كلها ليس في صلاح الديانات السماوية ولا في صالح السلام العالمي الذي ينشده العقلاء والحكماء والأسوياء من بني آدم، لأن التعصب الديني أو التطرف بصفة عامة دائما ينعكس سلبا على حياة الشعوب واستقرارها وأمنها وتقدمها وازدهارها، كما له الأثر الكبير في تشويه صورة الإسلام أمام شعوب العالم.
لهذا نبهنا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة من هذا الداء الخطير والفتاك الذي بدأ يزحف على عقول شبابنا الإسلامي، حيث قال صلى الله عليه وسلم ” هلك المتنطعون..” فالمتنطع والمتعصب يساهم -بقصد أو بدون قصد- في صد الناس عن دين الله تعالى، لأن روحانية الدين هي الخميرة التي ينفذ بها إلى قلوب الناس، ومن خلالها يتم صياغة الإنسان المسلم السوي العاقل المتوازن، لأن أغلب الأسباب التي تؤدي إلى التطرف الديني كثيرة ومتعددة وأهمها الانحراف عن العقلانية والحكمة، مع اتباع الهوى والعواطف والخرافة والشعوذة..
فالمتطرف والمتعصب من أي دين كان يؤمن قطعياً أنه من أفضل البشر، وبيده الحق المطلق ، كما يؤمن إيمانا قويا بأنه من المنعمين عليهم ومن الفرقة الناجية التي ستدخل الجنة من أي باب شاءت، ما يؤدي بالضرورة إلى إلغاء الحوار والاختلاف والاجتهاد، بل تعطيل فعالية العقل، لأن الأمر في منطق المتعصبين منتهٍ، وله أجوبته الحاسمة والجاهزة.
ومن بين أسباب ظاهرة التعصب الديني كذلك هو عدم التفرقة بين وحي السماء كنصوص مقدسة؛ وأقوال الفقهاء والعلماء، حيث تعتبر جماعات التطرف والتعصب الديني أن أقوال العلماء ديناً غير قابل للخطأ أو المناقشة، فتراهم يدافعون عن أقوال علمائهم، أكثر مما يدافعون عن نصوص الوحي المقدسة .
لقد آن الأوان لأهل العلم والفقه والفكر أن يجتهدوا ويضعوا الحلول الناجعة لمشكلات العصر ومستحدثاته، من أجل تخليص شباب الأمة من براثين التعصب الديني بكشف عوراته وتزييف حججه وتهافت اطروحاته قبل أن يتطاير شررها في المزيد من دول المسلمين.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=15379