16 يونيو 2025 / 07:42

كيف يقرأ المحللون الإيرانيون المواجهة مع إسرائيل؟

سعيد الزياني ـ دين بريس
يمكن القول، بالاعتماد على ما ورد من تصريحات وتحليلات في الإعلام الإيراني الرسمي وشبه الرسمي، إن أغلب المحللين الإيرانيين يرون في الحرب الجارية مع إسرائيل لحظة مفصلية في الصراع الإقليمي، ويعتبرونها نتيجة منطقية لتراكمات استراتيجية ومحاولات إسرائيلية ممنهجة لتقويض موقع إيران الإقليمي وحرمانها من تطوير قدراتها الدفاعية والنووية.

وينطلق هؤلاء المحللون من فرضية أساسية مفادها أن إسرائيل، بدعم غربي مباشر أو غير مباشر، ارتكبت خطأ استراتيجيا حين وسعت رقعة المواجهة لتشمل الأراضي الإيرانية، معتبرين أن ذلك “سيقلب المعادلة” ويمنح إيران الشرعية الشعبية والدولية للرد.

ويظهر ذلك بشكل جلي في تصريحات مسؤولين مثل الجنرال يد الله جواني، الذي أكد على دخول معدات متطورة للحرب، وفي مقالات متعددة تعتبر أن تل أبيب فتحت على نفسها جبهة قد تعجز عن احتوائها.

وترى الرؤية الإيرانية في الرد العسكري الحالي تصحيحا لمعادلة الردع، ورسالة إلى إسرائيل والغرب مفادها أن استهداف الداخل الإيراني لن يمر دون كلفة باهظة.

وقد عبرت العديد من المقالات عن هذا المعنى، مشددة على أن الرد الإيراني “سيعيد التوازن”، وأن الكيان الإسرائيلي يعيش “مرحلة تآكل استراتيجي”، خاصة في ظل ما يصفه الإيرانيون بـ”نجاحات محور المقاومة” في غزة واليمن ولبنان.

لكن، إلى جانب هذا النفس التعبوي، تظهر مقاربات أكثر واقعية في كتابات بعض المحللين مثل صادق ملكي وسيد حسين موسويان، الذين يدعون إلى “إدارة الحرب بعقلانية” وتحاشي الانزلاق إلى صدام شامل مع الولايات المتحدة أو الناتو.

ويؤكدون على ضرورة الفصل بين إسرائيل كعدو مباشر، والغرب الذي لا يجب الانجرار إلى مواجهته دون حساب دقيق.

وتبرز بعض توصيات بالحفاظ على التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حدوده الدنيا، دون الخروج الفوري من المعاهدات الدولية، مع التحذير من تداعيات كارثية لأي تصعيد غير محسوب في الملف النووي.

كما تشير بعض الافتتاحيات إلى خيارات استراتيجية قابلة للتفعيل، من قبيل إغلاق مضيق هرمز أو الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي، لكن تلك الخيارات لا تُطرح على سبيل الحتمية بل كأوراق ضغط موجهة بالأساس لتحسين شروط المواجهة وليس لتغيير طبيعتها كليا.

وبالمجمل، يتوزع الخطاب التحليلي الإيراني بين جناحين: الأول تعبوي يرى في المواجهة فرصة تاريخية لإسقاط التفوق الإسرائيلي وإعادة صياغة ميزان القوى الإقليمي، والثاني واقعي يدعو إلى ضبط النفس التكتيكي لتفادي استنزاف مفتوح، خاصة في ظل هشاشة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الداخلية.

وفي كلا الاتجاهين، ثمة اتفاق ضمني على أن إيران لن تعود إلى مرحلة ما قبل هذه المواجهة، وأن الرد، بمختلف أشكاله، أصبح ضرورة وطنية واستراتيجية.