كتاب جديد يفكك مسارات السلفية من مجالس العلم إلى ساحات القتال

20 نوفمبر 2025

صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب جديد للباحث المغربي الدكتور محمد بوشيخي بعنوان “تفكيك السلفية: تحوّلاتها وتحوّراتها من مجالس العلم إلى جبهات القتال”، وهو عمل بحثي واسع يمتد على 448 صفحة، ويقدّم قراءة لمسارات التحول داخل التيارات السلفية المعاصرة، من جذورها العلمية الأولى وصولا إلى انبثاق السلفية الجهادية بصيغتها الحركية المقاتلة.

صدر هذا الكتاب في لحظة معرفية تستدعي مراجعة دقيقة للتداخلات الفكرية والمذهبية التي أسهمت في إعادة تشكيل الخطاب السلفي خلال العقود الأخيرة.

وينطلق المؤلف من فرضية مركزية مفادها أن السلفية لم تعد كتلة واحدة، بل تحولت إلى بنية مركبة نتجت عن عمليات “تهجين” بين تيارات مختلفة، أبرزها الألبانية والقطبية، وهو التداخل الذي سيؤسس لاحقا لظهور السلفية الجهادية.

ويبرز الكتاب كيف أحدثت الألبانية ـ نسبة إلى الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ زلزالا داخل السلفية التقليدية، بإحيائها منهج المحدثين المرتكز على رفض المذهبية وتحريم التقليد ورفع السنة إلى مرتبة مساوية للقرآن، مع تبني قراءة ظاهرية صارمة للنصوص.

وعلى عكس من دلك ، شكلت القطبية ـ نسبة إلى سيد قطب ـ ثورة على جمود التيار السلفي وبراغماتية الإخوان، من خلال بناء منهج تغييري يقوم على التلازم بين الفكر والحركة، وعلى اعتبار الجهاد مولدا للفقه، وعلى تبني مفهوم مرحلي لأحكام الشريعة.

ويكشف المؤلف أن التيارين، رغم اختلافهما الظاهر، التقيا في نقاط حاسمة على مستوى تحليل الواقع وتغييره: فالألباني استعار من قطب مفاهيم “الجاهلية” و”الحاكمية» و”المفاصلة”، ومنحها طابعا سلفيا خالصا، كما تبنى تصورا ثوريا لـ”الطائفة المنصورة” يقترب من مفهوم قطب لـ”الجيل القرآني الفريد”.

ومن هذا التقاطع بين المنهجين نشأت، كما يوضح بوشيخي، حركة تهجين فكري ستقود في نهاية المطاف إلى ظهور السلفية الجهادية.

ويتوقف الكتاب مطولا عند انتقال الفكرة الجهادية من أدبيات إيديولوجية مبعثرة إلى حقل العلم الشرعي، مما أسهم في توسيع حضور المرجعية السلفية داخل المدونة الجهادية، وتحويل التيار الجهادي من حركة احتجاجية إلى مشروع فكري ممنهج.

وسينتج هذا التداخل أيضا صراعا بنيويا بين قيادات شرعية مائلة إلى المدرسة السلفية، وقيادات ميدانية تميل إلى الخط القطبي، في سياق برزت فيه مقولة “لا يفتي قاعدٌ لمجاهد” كعنوان لأزمة العلاقة بين التنظير الفقهي والممارسة القتالية.

ويضم الكتاب ستة فصول موزعة على قسمين، إضافة إلى مقدمة وخاتمة ومراجع وفهرس تفصيلي، ويعتمد مقاربة تحليلية نقدية تتجاوز الوصف إلى تفكيك العناصر التي أعادت تشكيل الخطاب السلفي، وربطها بالسياقات السياسية والمذهبية التي أسهمت في نقله من مجالس العلماء إلى جبهات القتال.

ويعتبر هذا العمل إضافة للمكتبة العربية، لما يقدمه من أدوات تحليلية لفهم واحد من أكثر التحولات الفكرية تأثيرا في التاريخ الإسلامي المعاصر، وللقدرة التي يتيحها للباحثين على قراءة مسارات التشدد من داخل بنيتها الفكرية، بعيدا عن التبسيط أو الأحكام المسبقة.

التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد.

توكل كرمان.. من جائزة نوبل إلى خطاب الفتنة

عمر العمري تقدم توكل كرمان نفسها، منذ حصولها على جائزة نوبل للسلام سنة 2011، بوصفها رمزا عالميا للحرية وحقوق الإنسان، إلا أن مسارها الإعلامي والسياسي اللاحق سرعان ما كشف عن تناقض صارخ بين الشعارات والممارسة. فبدل أن تكون صوتا للحوار والسلام، تحولت إلى منبر للتحريض والتجريح، مستخدمة المنصات الرقمية لنشر خطاب عدائي يستهدف المغرب ومؤسساته […]

استطلاع رأي

هل أعجبك التصميم الجديد للموقع ؟

Loading...