ضحايا من جزر الكناري لجبهة البوليساريو يطالبون بالحقيقة بعد نصف قرن.
تحرير: دين بريس
رغم مرور خمسين عاما على انسحاب إسبانيا من الصحراء المغربية، لا تزال ذاكرة جزر الكناري تنزف في صمت. مئات العائلات التي فقدت أبناءها في هجمات لجبهة البوليساريو بين عامي 1975 و1986 تطالب اليوم بالاعتراف والإنصاف. فبين صمت المؤسسات الإسبانية وتسييس الذاكرة، يجد هؤلاء الضحايا أنفسهم في معركة من أجل الحق في الحقيقة والكرامة، حيث يتحول النسيان إلى ظلمٍ جديد، والذاكرة إلى شكل من أشكال المقاومة الأخلاقية.
وقد أعاد هذا الملف المنسي النقاش داخل الأوساط الحقوقية والسياسية الإسبانية حول إمكانية تصنيف جبهة البوليساريو كجماعة إرهابية، بالنظر إلى طبيعة العمليات التي استهدفت مدنيين كناريين في البحر وفي مواقع العمل خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. فبالنسبة لعائلات الضحايا، لا يتعلق الأمر بجدل قانوني فحسب، بل بحق أخلاقي في تسمية الأشياء بأسمائها ومساءلة من تسبّب في المعاناة، أيا كانت الخلفيات السياسية أو الحسابات الدولية.
إن الدعوة إلى الاعتراف لا تعبر عن نزعة انتقامية، بل عن رغبة في عدالة تعيد للإنسان قيمته، وللذاكرة مكانها في التاريخ. فالأمم لا تتصالح مع ماضيها إلا حين تواجهه بصدق، وتمنح صوتًا لمن صمت عنهم الجميع. وفي ظل ما يشهده العالم من تحولات في معايير مكافحة الإرهاب، تبدو هذه القضية اختبارا للضمير الأوروبي بين منطق السياسة ومتطلبات الحقيقة.
التعليقات