26 يونيو 2025 / 07:22

سورة الفرقان.. هندسة لسماء التوحيد

د. محمد غاني ـ كاتب، المغرب
تبارك الذي جعل في سماء التوحيد بروجا من الرسل والأنبياء، وجعل فيها سيدنا ونبينا وحبيبنا ومولانا محمد سراجا وقمرا منيرا، وجعل ليل الغفلة ونهار اليقظة الروحية آيتين يتقلب فيهما قلب الإنسان كما يتقلب قالبه، الذي هو الجسد، بين آيتي الليل والنهار الحسيين، مستضيئا في عالمه الحسي المادي بنجوم وبروج وسراج وقمر منير.

هكذا استلهم القلب إشراقات نورانية من درر القرآن الكريم، فأبيت إلا أن أشارك قراء مقالاتي الكرام ما يمكن أن يصلى به على مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصدر الأنوار الإلهية، بقولنا مثلا: “اللهم صلّ على سيدنا محمد السراج القمر المنير، وعلى آله وصحبه وسلم”، حتى يستمد القلب أنواره من حضرته صلى الله عليه وسلم، الذي يستمد أنواره من الذات العلية.

إن ثنائية الليل والنهار التي نتقلب فيها كعباد في هذا الكون الظاهري لإشارة واضحة لأولي الألباب إلى تقلب القلب الداخلي لجسد كل عبد بين ثنائية ليل الغفلة ونهار اليقظة الروحية، أو قل أيضا في عالم الفكر بين ليل النسيان وظلمة الأوهام الفكرية إلى نهار اليقظة الفكرية ونور الحقائق، أو قل بين جدلية ظلمة عالم الماديات ونهار عالم الروح.

إن ليل الضلال يقابله نهار الاهتداء، وبذلك، فكما نهتدي في الليل المادي بالنجوم، فكذلك نهتدي في ظلمات الغفلة بنجوم الأنبياء والأولياء، فنصير في نهار اليقظة بفضل إبصارنا القلبي لنور السراج القمر المنير، حبيبنا ونبينا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن شمس الوحي وقمر السنة لإشارة إلى احتياج القلوب في تنزيل القوانين السماوية على الحياة اليومية إلى قناة قمر السنة، حتى يتم انعكاس ما هو سماوي على ما هو أرضي، فيحيى الإنسان بجسده وروحه حياة طيبة.

ولذلك، كان مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وصفته أمنا عائشة، قرآنا يمشي على الأرض، بمعنى أنه إنسان ملائكي في ثوب أرضي، وإشارة إلى أن علامة الإنسان النوراني والوارث المحمدي أنه من ترقى في الانحناء لله عز وجل، وخفض الجناح لعباد الله المؤمنين، ومن زاد علوا وسموا بأخلاقه مع الله تعالى، وانحناء في تعاملاته مع العباد المؤمنين.

إن شمس النبي صلوات ربي وسلامه عليه لا تضيء قلوب المؤمنين به وحسب، بل تدفئ أرواحهم بدفء الشكر من برد الجحود، فهو العبد الشكور حقا، ومن تأسى به زاده الشعور بنعم وأفضال الكريم عز وجل دفئا قلبيا وحرارة إيمانية وطاقة روحية تكون لجسده زادا في حجه الروحي لوجه الله الكريم، الذي حاشا أن يخيب حاشا من أتاه بصدق النية.