أظهر تقرير جديد صادر عن مركز بيو للأبحاث أن الدين لعب دورا محوريا في فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، حيث عزز حضوره الانتخابي في أوساط الناخبين المتدينين، لا سيما أولئك المواظبين على حضور الشعائر الدينية، وسط استمرار انقسام الناخبين الأمريكيين على أسس دينية واضحة.
فقد كشف التحليل المعتمد على بيانات “الناخبين المثبتين” أن نحو 64٪ من الأمريكيين الذين يحضرون الخدمات الدينية شهريا أو أكثر صوّتوا لترامب، مقابل 34٪ فقط لمنافسته كامالا هاريس.
وفي المقابل، حصلت هاريس على 56٪ من أصوات من لا يحضرون الشعائر الدينية بانتظام، ما يعكس استمرار الشرخ القائم بين ما يُعرف بـ”الناخب المتدين” و”الناخب العلماني” في الولايات المتحدة.
وسجّل ترامب أداء قويا بين البروتستانت الإنجيليين البيض، وهي الفئة التي شكّلت ركيزة دعمه منذ حملته الأولى، كما حقق مكاسب ملحوظة بين الكاثوليك، حيث ارتفعت نسبة تأييده بينهم إلى 55٪، بعد أن كانت 49٪ فقط في 2020، متجاوزا بذلك أداءه في الانتخابات السابقة ومقلصا الفجوة التي كانت تفصل بينه وبين المرشحين الديمقراطيين في هذا القطاع الديني.
وفي تطوّر لافت، استطاع ترامب أيضا توسيع قاعدته بين البروتستانت غير البيض، وهي شريحة عادة ما كانت تميل للحزب الديمقراطي.
وقد أشار التقرير إلى أن هذه التحولات ليست نتيجة لتبدل واسع في القناعات الدينية أو الحزبية، بل تُعزى بشكل رئيسي إلى ارتفاع نسبة التصويت وسط شرائح دينية محافظة كانت أقل تمثيلا في دورات سابقة.
كما رصد تصاعد حضور الناخبين المجنّسين المنتمين إلى خلفيات دينية محافظة، إذ أظهرت النتائج أن 47٪ من المواطنين المجنسين صوّتوا لترامب، مقارنة بـ38٪ فقط في 2020، ما يشير إلى دينامية جديدة في تفاعل الجاليات الدينية المهاجرة مع الخطاب السياسي الجمهوري.
وتكتسب هذه المعطيات أهميتها في ظل بقاء الفروقات التعليمية والجغرافية، لكن البُعد الديني يبقى أحد أكثر العوامل استقرارا وتماسكا في سلوك التصويت الأمريكي.
وقد أظهر التقرير أن الحضور الديني، سواء عبر الكنائس أو الجماعات الإيمانية المحافظة، يواصل لعب دور الحسم في ميل الكتلة الانتخابية المحافظة نحو ترامب، بغض النظر عن أصولها العرقية أو الاقتصادية.
ويؤكد تقرير مركز بيو أن الانتماء الديني – لا سيما مدى ممارسة الفرد لشعائره – بات أحد المفاتيح الحاسمة لفهم المشهد السياسي الأمريكي، وأن ترامب استثمر بفعالية في هذا البُعد من أجل تعزيز تحالفه الانتخابي، الذي بات أكثر تنوعا من الناحية العرقية، لكنه حافظ على وحدة خطابية قائمة على الدفاع عن القيم الدينية التقليدية.