محمد احدو
إن مجريات الأحداث التي نعيشها اليوم في وطننا الحبيب تضعنا أمام جيل جديد من الشباب، يمتلك طموحاً عارماً لتحسين الأوضاع الاجتماعية. هذا الجيل يتنظم ضمن عوالم افتراضية تتجاوز الأطر التقليدية للتنظيم والقيادة، مستغلاً ما توفره التكنولوجيا الحديثة ومنصات التواصل من تأثير وتوجيه للرأي العام.
هذه التحولات تستدعي دراسة معمقة وتجديداً للمفاهيم العلمية في رصد هذه الظاهرة اجتماعياً وسياسياً. وفي الوقت الذي يمكن لهذه الحركات الاجتماعية الناشئة والمؤطرة عن بعد أن تنحرف عن مسارها وتتخذ أشكالاً تصعيدية غير محددة المعالم والأهداف، يظل التفاعل المسؤول لدى صانع القرار هو المدخل الضروري لاحتوائها عبر الحوار والإنصات.
هناك اليوم فراغ حقيقي بين الفاعل السياسي الذي أبان عن قصوره في تدبير شؤون البلد، والمواطن الشاب الذي يجد نفسه مغيباً عن أي أثر فعلي للتداول السلمي على السلطة ينعكس إيجاباً على واقعه.
هذا الوضع يستدعي من النخب المثقفة في البلد التخلي عن مواقع الفرجة والمساهمة الفعالة في مسار هذه التحولات. هذه الحركات الشبابية تبدو طبيعية في مظهرها، فهي تعبير عن احتياجات جيل جديد من مواطني المستقبل في مجتمع يتميز بقاعدة شبابية تحتاج للمواكبة والاستماع والتأطير، خاصة في ظل إفلاس واضح للفاعل السياسي بعد عقود من التسيير.
إن النخبة السياسية، التي تغلب عليها الكهولة والشيخوخة وتحتكر التدبير السياسي داخل أطرها الحزبية، تبدو اليوم غير منسجمة مع الدينامية الديمغرافية التي يفرزها المجتمع.
لذلك، تصبح مبادرات الفاعل الثقافي والمدني ضرورية لملء هذا الفراغ عبر تقديم الاقتراحات والحلول والمساهمة في النقاش العمومي حول القضايا المحلية.كما ان على الفاعليين السياسيين وأصحاب القرار التفاعل الايجابي معها، ولعلنا نرى في مبادرة الفعاليات الثقافية والمدنية بسيدي يحيى الغرب نموذجاً وطنياً قد يحتدى به، تجسد في مؤلف جماعي بعنوان: “إشكالية التنمية المحلية بمدينة سيدي يحيى الغرب”.
هذا العمل قدم تصورات ومقترحات شاركت فيها أطر أكاديمية وفعاليات مدنية متنوعة زهاء أكثر من ثمانية أشهر أثمر منجزا جماعيا يشكل وثيقة ترافعية تم تعميمها على مختلف الادرات المركزية والجهوية، تتضمن مقترحات ومطالب يرجى التفاعل معها، بعيداً عن أي تصنيف سياسي أو حزبي او مذهبي تجمعت حولها مختلف الحساسيات، في رصد مظاهر الاختلال على مستوى المدينة وكيفية معالجتها.
هذه المبادرة تتطلب تفاعلاً إيجابياً معها، فتشجيع هذا المسار من الحوار وتعميمه بمشاركة كل الفاعلين على المستويات المحلية قد يشكل إحدى المداخل الكفيلة بتجنيب الوطن أو تحصينه وربح الزمن عبر حوارات ذات أبعاد ثقافية راقية، تستهدف معالجة الاختلالات بطريقة راقية ومسؤولية.